عبدالله فؤاد رجل عصامي صنع أسطورته

on
  • 2015-11-14 12:20:12
  • 0
  • 1247

” لا تخف، دافع عن حقك، لا ترهب قوة خصمك العملاق وضعفك، المهم أن تصبر وتستمر، صمودك هو نصف المعركة ونفاد صبرك هو بداية الاستسلام، وإذا صادفتك في حياتك مصاعب وعقبات وأزمات، فهذه ليست نهاية العالم، ملايين غيرك واجهوا الشدائد، وتغلبوا على المحن وقعوا على الأرض ثم حاولوا الوقوف من جديد، فشلوا عدة مرات ونجحوا في النهاية، انظر حولك إلى كل الناجحين في الحياة ، نجاحهم لم يكن سهلاً، دفعوا من راحتهم وأعصابهم، غامروا بحياتهم فقدوا صحتهم شقوا وتعذبوا، وبعد ذلك وصلوا إلى ما هم فيه من مجد ونجاح، فليكن الصبر والمواجهة والنجاح حليفنا بإذن الله إذا جاء الليل فأضئ الكهرباء وإذا انقطعت فأشعل شمعة وإذا ذابت فأشعل عود ثقاب وإذا انطفأ فأغمض عينيك وانتظر شروق الشمس من جديد”

تِلك كانت كلمات قد كتبها عبدالله فؤاد رحمة الله عليه  في 1 يناير مِن عام 1989م على ورقة بيضاء ووضعها داخل برواز لكي تبقى دائماً أمام عينيه. وليجعلها نصيحة دائمة لأبنائه، ولكل من يعاني ويقاسي.

من هو عبدالله فؤاد ؟
عبدالله بن عبدالعزيز بوبشيت والمُلقب بـ (عبدالله فؤاد) رجل أعمال سعودي عصامي بنى نفسه بنفسه، قابل الكثير مِن التحديات والصعوبات التي جعلت مِنه  مالك لمجموعة شركات “عبدالله فؤاد القابضة”، والتي تُعد مِن أكبر الشركات التجارية، والاستثمارية على مستوى الشرق الأوسط. والتي بدأت بالمقاولات، ثم بعد ذلك تعددت نشاطتها في مجالات صناعية وتجارية مختلفة. كما كانت له إسهامات في مساندة المشاريع، والجمعيات الخيرية في المملكة.

ماسبب تسميته بـ عبدالله فؤاد
ولد فؤاد في (عشة) في قرية صغيرة بمدينة الدمام بالمنطقة الشرقية في بيت جدته في الثاني والعشرين من شهر يوليو من عام 1925م. في ظروف قاسية، وانفصل والداه وهو بعمر عامين ونصف، فاضطرت والدته في الذهاب للبحرين لبيت والدها. وبذلك عاش متنقلاً بين الدمام والبحرين.

تزوجت والدته مِن عبدالله جاسم أبو بشيت الملقب بـ (عبدالله فؤاد) وهو ابن 4 أعوام، تعلق عبدالله بعمه عبدالله زوج والدته بعد أن عاش معهما فوجد منه الاهتمام والرعاية، والحرص على تعليمه القرآن، واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، حتى أنه أرسله لأحد العاملين في شركة أرامكوا النفطية، وكان من الجنسية الأمريكية لتعلمه زوجته اللغة الإنجليزية مُقابل العمل بالتنظيف وغسل الصحون، وبذلك يكون قد بدأ العمل وهو في سن مبكر، إلا أنه بعد أربعة أشهر انتهى عقد الرجل مع الشركة، وانتهت قصته معهم.

بعد أسبوع مِن تركه العمل عِند الأمريكي عَمل في وظيفة داخل شركة أرامكو كمُراسل(فرَّاش) ينقل البريد والملفات، مِن المكاتب إلى الورش، والمستودعات، والأماكن التي يُطلب مِنه إرسالها لها. وكان ذالك بأجر يومي يُقدر بـ75هللة. وبذلك يكون قد إلتحق بشركة أرامكو السعودية وهو لم يُكمل عامه السادس عشر، وأكتسب مِن ذلك خبرات متنوعة.

ثم انتقل للعمل في السنترال لحاجة الشركة لعاملين فيها، ولكن لسوء حظه حِينها، وحسن حظه مُستقبلاً فُصل لسبب طريف فعندما وقعت الحرب العالمية الثانية، وكان عمله في الشركة مأمور سنترال، وكان وقت مأموريته في الشركة حان في الحادية عشر ليلاً، ومهمته تكون عند وجود خطر ما عليه إلا أن يطلق صفارة الإنذار لينتبه الموظفين والعاملين، ويذهبوا للأماكن التي يتوجب عليهم الذهاب لها لتجنب أي نوع مِن الكوارث، وكانت الشركة قد وزعت قبل ذلك نشرات تحذيرية للتصرف عِند سماع تِلك الصافرات.

استلم فؤاد نوبته وضع السماعة على أذنه، وبدأ في قراءة قصة لـ”أرسين لوبين”، وغالبه النعاس، وبلا إدراك وضع ذراعه على صفارة الإنذار،فحدثت حالة مِن الفزع بين العمال، والموظفين، وهرعوا لأماكن الاختباء. لم يستوعب الفتى الموقف وقتها إلا عِندما وجد لطمة قوية على رأسه مِن رئيسه الأمريكي، وقرار بالفصل، وبعدم العودة لشركة أرامكو نهائياً. ثم عاد للبحرين وعمل في وظيفة في شركة (بابكو البحرين). وقابلته قصة اتهامه بسرقة قلم وتم تبرئته مِنها بعدما وجد صاحب القلم قلمه في جيب الجاكيت الخاص به.

ثم عاد للدمام ، ولأرامكو مرة أخرى كان وقتها في عُمر العشرين، بعد قصة طريفة أخرى خصوصاً أنه كان ممنوعاً مِن العمل في الشركة بعد قصته الأولى. تقول القصة أن عمه زوج جدته كان يعمل حارس في شؤون الموظفين، فطلب عبدالله فؤاد منه أن يبحث عن ملفه، فوجده وقام بتنحيته مِن الشركة.

في عام 1944 مات عم عبدالله فؤاد زوج والدته، وعاد هو، ووالدته للخبر في السعودية، ثم قامت والدته بتسميته “عبدالله فؤاد” تخليداً، ووفاءً مِنها لزوجها.

متى كانت البداية الحقيقية؟ وإلى أين وصل؟

أول منصب إداري عمل فيه كان في منتصف عام 1946 عندما رُشح لمنصب شؤون الموظفين براتب 750ريال.

في منتصف عام 1947 كانت البداية، بعد تنقله بين أكثر مِن وظيفة، حيث عمل  في مقاولة غسيل السيارات، وفي نفس العام، ومِن الأرباح أشترى أول سيارة (Bedford).

ثم في منتصف 1948 قدم استقالته رغم أن قيمة المقاولات التي نفذها قد وصلت لـ 14 مليون ريال. ثم بدأ مشروعاته التجارية فمن حصوله على مقاولة لشركة أمريكية صغيرة إلى مقاولة للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية بمساعدة شركة إيطالية، و مقاولة  لبناء ثلاث مدارس في الخبر، الدمام، ورحيمة لصالح أرامكو. إلى أن اسسا هو وعلي التميمي(رجل أعمال سعودي) بعد أن تشاركا سوياً في أحد المشاريع شركة بإسم( تميمي وفؤاد) وكانت تِلك البداية الحقيقية، والتي إستمرت بعد ذلك إلى مايزيد عن 24 عام.

بدأت شركة (التميمي و فؤاد) تنمو، وتتنوع إثتثمارتها في شراء العقارات، فاستثمروا في أسهم البنوك، وأسسوا شركات ومصانع، وفنادق، وحصلوا على وكالات عالمية كُبرى. وأدخلوا فكرة الأسواق المركزية الحديثة للسعودية، عندما قاموا بفتح أول سوبر ماركت في مدينة الخبر، اتبعها سوبر ماركت آخر في الدمام وثلاثة في الرياض، واثنين في جدة. وكانوا مِن أوائل المؤسسين لبنك(Investcorp) ومن المساهمين الأوائل في عدد من البنوك ، والشركات السعودية الكبيرة.

عمل في أنشطة تجارية خاصة منفصل عن شركة (التميمي وفؤاد)، ففي عام 1971 أسس مؤسسة فؤاد عبدالله فؤاد(فافكو)، ومستشفى عبدالله فؤاد، وعدد مِن المصانع، والمجمعات السكنية. ثم نمت الأنشطة حتى تحولت إلى مجموعة شركات تندرج تحت اسم(مجموعة شركات عبدالله فؤاد).

تعرض للسرقة والاحتيال لأنه وثق في بعض المقربين مِنه فطالبته البنوك بتسديد 800مليون ريال. فأعطاهم كُل ممتلكاته وبدأ مِن الصفر مرة أخرى. لكن ذلك لم يكن عقبة فقد أستطاع أن يمر مِن تِلك الأزمة، وشيئاً فشيئا دبت الحياة مرة أخرى في أنشطته، وأعماله.

“مِن خساراتي تعلمت الربح أيضاً، وهذا كُله مِن الجد و الاجتهاد، والتوفيق مِن الله”

وقد انشأ بعد ذلك أبنه فؤاد عليه رحمة الله للمرة الأولى مدن الترفيه  Toy Town والتي تُعد هي الأولى مِن نوعها في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم أعاد (الأب) هيكلة المجموعة بحيث تكون عائلية، ووزع رأس مالها على أبنائه وبناته وزوجته توزيعاً شرعياً، واحتفظ لنفسه بـ 4% فقط.

وكان أهم قرار استثماري أتخذه من اعتقاده الشخصي هو إنشائه لمستشفى عبدالله فؤاد في الدمام. والذي صُنف رسمياً درجة أولى في المنطقة الشرقية، كذلك أطلق أسمه على أكبر الأحياء في مدينة الدمام.

نهاية الرحلة
عبدالله فؤاد لم يصنع كُل ذلك بدون عقبات، ومشاكل فقد قابلته مصاعب وظروف جعلته في بداية حياته يفكر في الانتحار لكنه كافح، واستمر حتى وصل، وصنع أسطورته الشخصية، ورقد في سلام، وفاضت روحه للسماء يوم الخميس الثاني عشر من شهر نوفمبر الحالي من عام 2015م. رحمة الله عليه، وعلى المكافحين أمثاله.