الفن التشكيلي السعودي.. سفير الوطن للعالم
on- 2015-09-25 13:43:19
- 0
- 3403
حركة اليقظة الثقافية الهائلة التي تعيشها مملكتنا الغالية الآن تقتضي منا أن نفتخر بكل إنجاز حضاري وعلمي وإبداعي لكل مواطن يحمل لواء هذه الأمة، وأن ندرك ما تنطوي عليه هذه الأمجاد من دلالات على تشجيع حكومتنا الرشيدة لكل مواطن طالب علم في شتى المجالات والتي من ضمنها الفنون التشكيلية. ففي ظل هذا التشجيع منذ البدايات الأولى للفن التشكيلي السعودي عندما تقرر تدريس مادة التربية الفنية في المدارس السعودية عام 1957 باعتبارها مادة تربية مهمة لتكوين شخصية فكرية وجدانية وعقلية متزنة، ومنذ هذا التاريخ أيضاً ظهرت أسماء لفنانين تشكيليين سعوديين قادوا هذه الحركة بعض منهم درس الفنون التشكيلية خارج المملكة على نفقة الدولة.
كما كان للدعم اللامحدود دوره في نماء هذا المجال الثقافي الإبداعي من قبل الدولة التي اهتمت بإقامة المسابقات التشكيلية محلياً ودولياً وأولت الرئاسة العامة لرعاية الشباب مسؤولية وضع خطط سنوية خمسية لتطوير الحركة التشكيلية قبل انتقال هذا الكيان لوزارة الثقافة والإعلام، فقامت الرئاسة "إدارة الفنون التشكيلية" بتنفيذ برنامج سنوي يتضمن أكثر من أربع مسابقات سنوية محلية ترصد لها جوائز مادية ومنها المعرض العام للمقتنيات ومعرض الفن السعودي المعاصر والمعرض العام لمناطق المملكة والمعرض العام للمراسم كما تضمنت الخطة إقامة معرض ثقافي شامل في إحدى مناطق المملكة اشتمل على أجنحة للفنون التشكيلية ورسومات الأطفال والكاريكاتير والخط العربي والمبتكرات العلمية التي تخص المجال ومنها المؤلفات التشكيلية، كما تضمنت معارض تشكيلية لمناسبات خاصة، هذا بالإضافة إلى معرض نسائي سنوي "الفنانات التشكيليات" أقيم للمرة الأولى عام 2002، كما حرصت الدولة على إقامة معارض دولية سنوية بعضها تضمن أسابيع ثقافية للتعريف بفنون وثقافة المملكة كما أن التواصل الدائم بين الجهات المعنية بالثقافة المحلية ومثيلاتها في شتى الدول الغربية كان له دور كبير لتنظيم المعارض الدولية السنوية على سبيل المثال: معارض ومهرجانات الشباب العربي، ومعارض 25 فبراير بدولة الكويت، ومسابقة ومعرض الجائزة الكبرى بمونت كارلو، والبينالي الآسيوي الأوربي بتركيا، وترينالى الهند وبيناليات وتريناليات القاهرة الدولية للفنون التشكيلية والخزف والجرافيك، وبينالي بنجلاديش ومعارض الفن السعودي المتجول الذي عرض في أكثر من دولة عربية وغربية.
كما شاركت الفنون التشكيلية السعودية في العديد من الدول الغربية بالتعاون مع سفارات هذه الدول بالمملكة للاحتفال بمناسبات خاصة مثل: "معرض المسلمون البولنديون" الذي أقيم عام 2000 ومعرض "650 عاما على إنشاء جامعة تشارلز بالجمهورية التشيكية" ومعرض "التشيك للفنون الجميلة" هذا بالإضافة إلى استضافة معارض أقامتها المملكة للعديد من الدول الغربية بالتعاون مع الجهات الثقافية لهذه الدول فعلى سبيل المثال لا الحصر في عام 2000 أقيم معرض الفن التشكيلي اللبناني ومعرض الفن التشكيلي المصري المعاصر ومعرض العالم العربي بباريس الذي تضمن إبداعات الفنانين من شتى دول العالم العربي ويعرض بصفة دائمة في العاصمة الفرنسية، ومعرض الفنون التشكيلية والتصوير الضوئي ورسومات الأطفال لدول مجلس التعاون الخليجي، والأسبوع الثقافي الليبي.
لا شك أن المطلع على هذه النبذة المختصرة من تاريخ الفن التشكيلي السعودي سيذهل بالمجهود والدعم المتواصل والمنقطع النظير لتشجيع الفنان التشكيلي السعودي ليصل للعالمية في هذا الوقت القياسي فإذا نظرنا إلى تاريخ أول معرض أقيم في الوطن للفنان الراحل عبدالحليم رضوى عام 1964 فنحن نتحدث هنا عن مجال لم يتجاوز تاريخه ستين عاماً ويعد هذا التاريخ إنجازاً في وصول الفن التشكيلي السعودي للعالمية. لابد لنا هنا من إسداء تحية في اليوم الوطني الخامس والثمانين للمملكة على ما قامت به من فتح أبواب الدعم الخصب لكل مبدع من أبنائها وبناتها وإثراء المشهد الفني العالمي بلوحات تميزت بعمق الأصالة الثقافية السعودية. لقد واكب هذا الفن غيره من التيارات الثقافية الحديثة غير أنه لم يلبث أن وظفها لترتبط كثيراً بحياة وعادات وتقاليد وأصالة مجتمعه الذي أخذ يلتمسها المبدع السعودي في عدة منابع لهذا التاريخ العريق ما يكشف لنا عن تميز المحترف التشكيلي السعودي، ونشير هنا إلى عناصر كان لها حضور بارز في اللوحة السعودية وعلى رأسها الفنون الإسلامية كفنون الخط العربي وزخارف "الأرابسك" والمنمنمات وغيرها من الفنون الإسلامية التي استمد من أصالتها الفنان السعودي مقاطع وظفها في لوحاته صانعاً بذلك لغة بصرية قائمة بذاتها فرضت حضورها وتألقها على خريطة المعارض والمناسبات العالمية.
كما نشير إلى الدور المرموق الذي لعبه الفنان المحلي في نشر الوعي للعامة في مختلف مجتمعات العالم عن طبيعة بلاده وتعدد مناخات البيئة في هذه الأرض الطيبة، فبعد أن كانت نظرة الغرب لشبه الجزيرة العربية كصحراء قاحلة أضحت اللوحة خريطة واضحة المعالم لمناطق المملكة المتعددة والثرية بتنوع بيئاتها، فهنا لوحة ترسم جبال المنطقة الجنوبية موحية بجمال ونضارة طبيعة أرضها الخصبة وزهور الكادي والريحان كلؤلؤ منثور على هضابها، وأخرى ملونة بسواحل الشرق والغرب؛ فهذه لوحة لمواسم الصيد وتلك تمثل هجرات الطيور ومراكب في جزيرة فرسان تسبح تحت سحاب من أثير، ولوحات تنتمي إلى عالم محسوس توحي بجمال الرقصات الشعبية التي تميز كل منطقة في الاحتفالات الوطنية كل بزي شعبي خاص يشير إلى كل منطقة، وكذا لوحات تنعش البصر لمشاهدة جمال ورشاقة الخيل العربي الأصيل، وأخرى لمشاهد من الصحراء بتعبير لوني يبرز بساط الرمل المخملي الذهبي الذي يلتقى مع سماء لونت لتعكس لون حبات الرمال التي تندمج مع قرص الشمس المضيء كما نجد لوحات تحمل عادات وتقاليد عريقة عشنا أجواءها في الماضي وتطورت في الحاضر فهذه لوحة تصور الألعاب الشعبية القديمة وأخرى تمثل المراسم الوطنية وغيرها.
نحن اليوم نحمل داخلنا شعوراً عارماً بالاعتزاز والفخر لهذا الوطن الغالي الذي منح مبدعيه كل القوة والدعم لانطلاقة فتحت آفاقا متعددة نحو النجاح والعالمية فكانت كل لوحة سفيرة لوطن يدهش العالم بروعته وأصالته.
فيصل الخديدي
صالح النقيدان
الفنان صالح المحيني
محمد شراحيلي
عبدالله حماس
مفرح عسيري