محافظة البرك تراث وإرث تاريخي تفخر به منطقة عسير

on
  • 2023-01-24 14:29:05
  • 0
  • 1173

تحتفظ محافظة البرك بإرث حضاري يعود إلى القرنين الثالث والرابع الميلاديين، إضافة إلى معالم تاريخية رسمها سورها الشهير الذي يعود تاريخ إنشائه إلى أكثر من 800 عام، فضلا عما رواه الكثير من المؤرخين والجغرافيين من أن البِرك هي بِرك الغماد المذكورة في المصادر وكتب التراث العربية، حيث يقول عنها ياقوت في معجمه «برك الغماد بكسر الغين المعجمة، وقال بن دريد: بالضم والكسر أشهر، موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر».

وتحتوي المحافظة على مسجد يطلق عليه مسجد «أبوبكر الصديق»، يعد من أبرز المعالم التاريخية وتبلغ مساحته 90 مترا مربعا، ويبعد عن الطريق الدولي حوالي 300 متر.

 يطلق البرك على المسجد داخل السور مسجد أبو بكر الصديق معتقدين أن أبا بكر عند وصوله للبرك أثناء عزمه الهجرة إلى الحبشة قام ببناء هذا لمسجد الذي سمي باسمه وهذه المعلومة تناقلها الأهالي بالتواتر وأما رأي الدكتور محمد عادل عبدالعزيز الأستاذ بجامعة الأزهر استاذ التاريخ الإسلامي فيؤكد ان المسجد قام ببنائه ابو بكر الصديق رضي الله عنه وتأسيسه يعود إليه أثناء عزمه الهجرة للحبشة ووصوله إلى برك الغماد (البرك حالياً) أو أنه قام بتمويل بنائه في فترة خلافته.

ويوجد بالقرب من المسجد بئر «المجدور» التاريخية التي يبلغ عمقها 9 أمتار، بعرض لا يتجاوز المترين تقريبا، وتعد المصدر الرئيس للمياه الصالحة للشرب في البرك، على الرغم من قربها من البحر الأحمر، والمصدر المهم لري الحدائق والأشجار في الطرقات الرئيسية. 

 والبرك من المواقع التاريخية القديمة في تهامة، وكان لموقعها على الطريق بين مكة واليمن أهمية اقتصادية وحربية كبيرة، لذلك اعتني بتحصينها وتسويرها منذ وقت مبكر، ولا تزال بقايا أسوارها شاخصة إلى اليوم، حيث كانت البرك محاطة بسورين: أحدهما داخلي وحديث البناء نسبياَ، وربما لا يبعد كثيرًا في بنائه عن مائتي سنة خلت، أما الآخر فخارجي قديم، ومن المحتمل أنه هو الذي بني في عهد السلطان الملك المنصور عمر بن رسول سلطان اليمن في سنة 628هـ / 1230م، وذلك حتى يحمي نفسه من غزوات الأيوبيين عن طريق الحجاز، بعد أن أعلن استقلال دولته عنهم باليمن وقطع ارتباطه بسادة بني أيوب في مصر والحجاز. كما توجد ممرات قديمة كانت تعبر من تحت السور الأثري، لتربط بين شاطئ البحر الأحمر وبئر المجدور التي كان الصيادون يجلبون مياه الشرب عبر تلك الأنفاق الأرضية لتزويد مراكبهم للإبحار بها.

ويتوقع أن تكون أدخلت بعض التجديدات على هذا السور في أوقات  متأخرة، ويبلغ طول ما تبقى من السور الحالي حوالي 300م وهو يمتد من البحر في الغرب ويتجه نحو الشرق، ويفصل بينه وبين الجبال الشرقية واد عميق يبلغ عمقه حوالي خمسة عشر مترًا ويبلغ ارتفاع السور- بوضعه الحالي- أكثر من أربعة أمتار عند مدخله في الوسط، وحوالي أربعين سنتيمتراً في الطرف الغربي الذي لا يلبث أن يختفي تحت منشآت الطريق الجديد الذي يربط جازان بمكة المكرمة وهو مبني من الحجر الخشن المجلوب من الحرة، ويُرى بين بعض فجوات السور آثار لنورة وطين استخدمتا في أثناء البناء.

 يلفت نظر الزائر إلى محافظة البرك سورها الأثري الذي يعدّ معلما تاريخيا مهما ما زال يقاوم الزمن حتى الآن، والتوسع العمراني الذي أثر في بعض أجزائه، بالرغم من وجود اللوحات التحذيرية بعدم مساس الموقع وتبعيته للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.

كما يبرز جبل أم عش في البِرك عدة معالم ونقوش تاريخية تؤكد عراقة المكان وأهميته التاريخية والاقتصادية لوسط شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، ومن أهمها جبل العش أو كما يطلق عليه باللهجة المحلية جبل أم عش الذي يحتوي على نقوش تاريخية مكتوبة بخط المسند القديم، وتم اكتشاف أكثر من 14 نقشا على قطع حجرية في سفح وقمة الجبل الجنوبية، إضافة إلى نقوش في الجهة الشمالية من الجبل.

إن الحصن الأثري  من القصور التاريخية والحصون الأثرية التي تعتبر من أبرز المعالم التاريخية في محافظة البرك، و يطل على مصب وادي ذهبان، ويبعد مسافة 15 كيلومترا جنوب المحافظة، وما زالت بقايا آثاره من الناحية الشرقية واضحة للزائر، ويبدو أنه كان أكثر من طابق وطرازه وأسلوب بنائه يشبه إلى حد كبير أسلوب بناء سور البرك وحامياته، و موقعه يشرف على بساتين النخيل والمرفأ والطريق البري لمرور الحجاج والتجارة وقد دفن الجزء الغربي منه بسبب الرمال الزاحفة. 

 

المصادر :

تقرير خاص بموسوعة كيوبيديا