بوابات جدة القديمة.. قصة تاريخ وحضارة
on- 2023-01-11 15:32:29
- 0
- 633
أحيطت مدينة جدة قديماً بسور طيني له ثماني بوابات تفتح فجراً وتقفل عشاءً، شيّدت من أجل حماية شريان الحياة في حاراتها المقسّمة آنذاك إلى ثلاث حارات رئيسة هي حارة الشام في الجزء الشمالي، وحارة اليمن في الجزء الجنوبي، وحارة المظلوم التي تقع بينهما.
ولكل حارة من هذه الحارات “عمدة” يُطلق عليه “شيخ الحارة” وهو المسؤول عن الشأن العام فيها، فضلاً عن أنه بمنزلة همزة الوصل بين السلطة، والشرطة، وأهل الحارة.
وعرفت بوابات جدة الثماني بباب المدينة الذي كان يقع في حارة الشام حيث كانت هذه البوابة تستخدم للوصول إلى “القشلة” وهي الثكنة العسكرية القائمة حتى يومنا هذا، كما كان الباب يستخدم لمرور العربات المحملة بالحجارة المستخرجة من المناقب الواقعة شمال مدينة جدة والطين المستخرج من بحر الطين أو ما أصبح يعرف ببحيرة الأربعين والمستخدم في بناء بيوت جدة في ذلك الوقت.
وهناك باب جديد الذي تم تشييده في مطلع العهد السعودي وهو آخر البوابات التي بنيت على السور الذي تهالك عام 1366هـ، ويقع في القطاع الشمالي من السور شرق بوابة المدينة، وباب مكة الذي يقع أمام سوق البدو، وينفذ إلى أسواق الحراج والحلقات الواقعة خارج السور، كما يوجد باب شريف الذي يقع أمام برحة العقيلي، وباب النافعة وهو أول بوابات السور من جهة الغرب من ناحية الجنوب إلى جانب باب الصبة ثاني بوابات السور الغربية، المطل على سوق البنط “برحة مسجد عكاش” غرباً، وسمّي باب الصبة لأن الحبوب المستوردة كانت تصب عنده حيث تنقى وتوضع في أكياس ثم توزن بواسطة القباني تمهيداً لنقلها لمستودعات التجار.
واحتضنت جدة قديماً أيضاً باب المغاربة وهو ثالث بوابات السور الغربية وموقعه حيث عمارة الجفالي على شارع الملك عبد العزيز حالياً وهو المخرج الوحيد للحجاج القادمين عن طريق البحر للتوجه إلى كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر باب المدينة وباب صريف الذي يعتبر رابع بوابات السور الغربية وموقعه بين مبنى فندق البحر الأحمر وعمارة الفيصلية حالياً ولا يُعرف مصدر تسميته بهذا المسمّى.
ويعود تاريخ السور المبني من الحجر المنقبيّ إلى عام (917هـ / 1509م)، إذ بناه حسين الكردي أحد أمراء المماليك في حملته عندما اتجه ليحصن البحر الأحمر من هجمات البرتغاليين فشرع بتحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية التي تغير على المدينة، وإحاطة السور من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة من هجمات الأعداء.
وكان للسور الذي بني بمساعدة أهالي جدة، بابان أحدهما من جهة مكة المكرمة والآخر من جهة البحر، كما يشتمل السور على ستة أبراج كل برج منها محيطه 16 ذراعًا، ثم فتحت له ستة أبواب أخرى.
واشتهر سور جدة القديم الذي يبلغ طوله نحو 2.5 كيلو متر، وارتفاعه زهاء أربعة أمتار، بأضلاعه الخماسية، كما يروي الدكتور مبارك المعبدي في كتابه "النشاط التجاري لميناء جدة"، مبيناً أن الضلع الغربي للسور من جهة ساحل البحر يبلغ طوله 579 متراً، والشمالي 175 متراً، والشرقي 604 أمتار، والجنوبي الشرقي 315 متراً، والجنوبي 810 أمتار.
وتشير المسوحات والدراسات التاريخية للمنطقة التاريخية إلى أن بيوت جدة القديمة بنيت من الحجر المنقى الذي كانوا يستخرجونه من بحيرة الأربعين ثم يعدلونه بالآلات اليدوية ليوضع فـي مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء خاصة من الهند كما يستخدم الطين الذي كان يجلب من بحر الطين لاستخدامه في تثبيت “المنقبة”.
ومن أبواب السور "باب المدينة" الذي يحتضن حارة الشام، وأصبح الآن جزءاً من شارع الملك عبدالعزيز الدائري، في حين كان الباب يستخدم للوصول إلى الثكنة العسكرية القائمة حتى يومنا الحاضر، المسماة بـ"القشلة"، كما يعد الباب منفذاً للمسافرين إلى المدينة المنورة والقادمين منها، ومن الشرق لبوابة المدينة يقع "باب جديد" الذي بني في مطلع العهد السعودي أواخر الثلاثينيات وبداية الأربعينات الميلادية بعد دخول السيارات، وهو آخر البوابات التي بنيت على السور، ولها مسار مزدوج سهّل مرور السيارات وقتها. ويأتي "باب مكة" الذي يُعد بوابة جدة الشرقية الواقع أمام سوق البدو، وينفذ إلى أسواق الحراج والحلقات الواقعة خارج السور، ومعبراً للجنائز المتجهة إلى مقبرة الأسد الواقعة في تلك الناحية خارج السور، وكذلك "باب شريف" بوابة جدة الجنوبية يخرج منها الأهالي للتبضع من حراج العصر خارجه.
فيما جاء "باب النافعة" أولى البوابات من الجانب الغربي الجنوبي للسور الواقع في الجزء الجنوبي لمركز المحمل التجاري على شارع الملك عبدالعزيز، ويعد معبراً للعاملين في البحر، وجلّهم من سكان حارتي البحر واليمن، إضافة إلى "باب الصبّة" ثاني بوابات السور الغربية ويسمى أيضاً "باب البنط" لكونه منفذاً لسوق البنط ويقع على مدخل شارع قابل، أما تسميته بباب الصبّة، فذلك لأن الحبوب المستوردة كانت تصب عنده، وتنقّى وتوضع في أكياس ثم توزن تمهيداً لنقلها إلى مستودعات التجار، في حين ترجع أهمية باب الصبة في وقته إلى وجود عدة إدارات حكومية خدمية في محيطه.
ويعد "باب المغاربة" ثالث بوابات السور الغربية على شارع الملك عبدالعزيز حالياً، والمخرج الوحيد للحجاج القادمين عن طريق البحر للتوجه إلى كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر باب المدينة، أما "باب صُريف" فهو الباب الفرعي الواقع بجانب البحر إلى الشمال الغربي.
وتتميز هذه البيوت الضاربة في أعماق تاريخ جدة وحضارتها بوجود ملاقف على كافة الغرف فـي البيت، وأيضاً استخدمت الرواشين بأحجام كبيرة واستخدمت الأخشاب المزخرفة فـي الحوائط بمسطحات كبيرة ساعدت على تحريك الهواء وانتشاره فـي أرجاء الدار وإلقاء الظلال على جدران البيت لتلطيف الحرارة كما كانت الدور تقام إلى جوار بعضها البعض وتكون واجهاتها متكسرة لإلقاء الظلال على بعضها.