المواقع التراثية بمنطقة جازان صمدت على مر السنين

on
  • 2022-12-07 13:46:52
  • 0
  • 836

تتميز منطقة جازان بتنوعها الجغرافي، وهو ما انعكس على تنوعها التراثي، حيث توجد مواقع تراثية في المدن الساحلية وأخرى في المدن الجبلية. وشهدت منطقة جازان فترات استيطانية عبر التاريخ، وشكلت حضاراتها القديمة مركزًا تجاريًا على البحر، ووقفت حصونها وقلاعها شاهدًا على الكثير من الأحداث السياسية التي مرت على المنطقة. وتتجمل الكثير من المباني التراثية في منطقة جازان بأنواع متميزة من الزخرفة وخاصة المباني التراثية في جزيرة فرسان. وكان اسم جازان ومدنها التاريخية حاضرًا في عدد من الكتب التاريخية وكتب الرحلات القديمة.

المواقع الأثرية

كشفت أعمال المسح والتنقيب الأثري في منطقة جازان عن العشرات من المواقع الأثرية المختلفة التي تعود إلى فترات موغلة في القدم، تمتد من العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث وتتدرج تاريخياً حتى بدايات هذا القرن، كما تنتشر فيها مواقع الرسوم والنقوش الصخرية ومواقع التعدين القديمة إضافة إلى العديد من آثار الفترة الإسلامية مثل المساجد والقصور والحصون والقلاع.

ومن المواقع الأثرية في منطقة جازان:

موقع سهي: وهو من المواقع الأثرية المهمة في جنوب المملكة العربية السعودية ويقع على بعد 28 كيلاً إلى الجنوب الغربي من مدينة صامطة، وقد تم توثيقه وتسجيله من قبل بعثات المسح الأثري بوكالة الآثار والمتاحف وأجريت فيه تنقيبات أثرية عام 1404هـ / 1984م، وأظهرت نتائج الحفريات أن الموقع عبارة عن قرية صغيرة كان سكانها يعتمدون على الصيد البحري، وأن الموقع لم يشهد استيطاناً متصلاً وربما يرجع ذلك إلى طبيعة مجتمعات الصيد المؤقتة وعثر في الموقع على مطاحن حجرية بأعداد وفيرة وعلى العديد من السلطانيات والفناجيني الصغيرة والجرار، وتم تحديد فترة استيطان الموقع من 2400-1300 ق.م كما ظهر أن الموقع كان يشكل حلقة اتصال بين الساحل الشرقي لأفريقيا وغرب شبه الجزيرة العربية.

موقع عثر: يقع الموقع الأثري (عثر) على لسان من اليابسة يمتد داخل البحر الأحمر يسمى رأس طرفه. أظهرت عمليات المسح والحفريات التي جرت فيه عامي 1400 هـ و 1404هـ أنه يعود إلى فترة حضارة جنوب الجزيرة العربية والعصر الإسلامي المبكر وصولاً إلى القرن السابع للهجرة، ووجدت فيه بقايا بنايات مختلفة وأرضيات من الجص وبقايا أعمدة مجصصة مربعة الشكل إضافة إلى عدد من المعثورات مثل الخزف ذي البريق المعدني والصيني والأواني الزجاجية والمباخر، وبلغت عثر أوج أزدهار كمدينة وميناء في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين.

وقد تحدث المؤرخون المسلمون مثل الهمداني والمقدسي عن عظمة هذه المدينة إضافة إلى أنها اشتهرت في العصر الإسلامي بضرب العملة فيها، وأشاد المؤرخون بالدينار العثري ومكانته حيث ورد اسم عثر عليها.

موقعا المنارة والريان في صبياء: ومن الآثار الواضحة التي لا زالت قائمة في صبياء حتى اليوم آثار مبانٍ تعود في تاريخها إلى القرن الثاني عشر الهجري وقد تأثر طرازها المعماري والزخرفي بالفن المغربي، وإضافة إلى ذلك فإنه يوجد في صبياء أكبر مجمع ساحلي للمدن التي يعود تاريخها إلى فترة حضارة جنوب الجزيرة العربية حيث تم تحديد وتوثيق مواقع متعددة بالقرب من ساحل البحر الأحمر منها موقع المنارة والريان.

قرية المحرق الأثرية

تعتبر القرية من المواقع الأثرية في جزر فرسان، ومن الآثار الموجودة في الموقع مشاهد يبدو أنها استخدمت بوصفها شواهد قبور بعد الكتابة عليها. والمواقع هي مقبرة مسورة من قبل وكالة الآثار والمتاحف. وصخورها كلسية صالحة للكتابة.

منطقة الكدمي:

تقع هذه المنطقة الأثرية في قرية القصار وهي عبارة عن أبنية متهدمة ذات أحجار كبيرة يغلب عليها الطابع الهندسي ويتمثل في مربعات ومستطيلات بقايا أحجار تشبه إلى حد كبير الأعمدة الرومانية. وتظهر على عدد من الأحجار في هذه المنطقة بعض الكتابات الأثرية بالخط المسند.

قلعة لقمان:

قلعة لقمان أو جبل لقمان كما يسميها أهالي فرسان وتقع على يسار الطريق المتجه إلى قرية المحرق وهو عبارة عن مرتفع مكون من مجموعة من الصخور مربعة الشكل تقريباً وتدل على أنها أنقاض لقلعة قديمة.

القلعة العثمانية:

القلعة العثمانية هي إحدى المباني الأثرية بجزيرة فرسان وأحد رموزها وتقع في شمال فرسان أي بين فرسان وقرية المسيلة على مرتفع يمنحها موقعاً استراتيجياً لأنه يطل على عموم بلدة فرسان، وهي مبنية من الحجارة والجص الموجودة خاماته بكثرة في جزيرة فرسان وسقفه مصنوع من جريد النخيل الموضوعة على أعمدة من قضبان سكة حديد.

قلعة الدوسرية

تعد القلعة الدوسرية من أبرز المواقع التراثية التاريخية في منطقة جازان.

تقع القلعة الدوسرية في وسط مدينة جازان فوق قمة جبل يطل على ميناء جازان الحالي، وهي عبارة عن مبنى حربي مربع الشكل.

زودت القلعة بأربعة أبراج ركنية ويتوسطها فناء تحيط به جدران ذات عقود، تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 900 م2، بنيت القلعة عام 1225هـ.

استخدمت القلعة في عدد من الأزمنة، حيث استخدمت في فترة حكم الدولة العثمانية لمنطقة جازان في القرن الثالث عشر الهجري حيث كانت مقراً للحاكم التركي، واستخدمت أيضاً في فترة حكم الدولة الإدريسية، كما وأن تاريخ القلعة لا يختصر في المهام الحربية والسياسية فقط، بل جعل منها الشيخ عبد الله القرعاوي في فترة نشره للعلم في منطقة جازان مقرًا للتعليم والدراسة ونشر العلم بين طلاب المنطقة وجددت في عهد الملك عبدالعزيز لتكون مقرًا للجيش السعودي.

مسجد النجدي في جزيرة فرسان

يعد مسجد النجدي في جزيرة فرسان من التحف المعمارية الأثرية التي بنيت على النمط الأندلسي، وقد قام ببنائه تاجر اللؤلؤ، إبراهيم النجدي التميمي، قادمًا من حوطة بني تميم لتحفيظ القرآن وتعليمه، وذلك في عام 1347هـ. المسجد بناء يتوسط الجزيرة، مستطيل الشكل بطول 29م وعرض 19.4م، وله فناء مكشوف ومدخلان، جدرانه بُنيت من حجارة سميكة تبلغ 65 سم، ثم أضيف إليها الطوب بارتفاع حوالي 80 سم، وغطيت الجدران الخارجية والداخلية بالإسمنت المدهون باللون الأبيض لتحاكي الجبس. في الجهة الشرقية لصحن المسجد يوجد مكان للوضوء، كما يوجد أساس لمئذنة مثمنة في الجهة الجنوبية الشرقية للمسجد، له محراب مستطيل الشكل، وقد غطي المسجد العتيق بنحو 12 قبة مزخرفة بدقة وحرفية، في أعلى كل واحدة منها هلال صغير. تعلو جدار القبلة أربعة شبابيك مقوسة بزخارف هندسية جصية محفورة، وفي وسط جدار القبلة محراب ومنبر تعلوهما زخارف ذات طابع أندلسي.

حصن الشريف في صامطة

يجسد حصن الشريف التاريخي والواقع جنوب محافظة صامطة الإرث الحضاري والتراث العمراني القديم لمنطقة جازان، ويعد من أهم معالمها التاريخية حيث يعود تاريخ بناؤه إلى عام 1249هـ، وشيّد بعهد الشريف محمد بن أبو طالب آل خيرات.

المسجد الأعلى في أبو عريش

يعدُّ المسجد من أقدم مساجد أبو عريش التاريخية، ويقع في أعلى المدينة القديمة أو في الحي الشرقي منها? ويعتقد أن عمارته تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي،? وكانت تقام فيه الصلاة إلى عهد قريب حينما تحول الناس إلى الصلاة في مسجد، حديث أُنشئ بالقرب منه. تتكون عمارة المسجد من مبنى مستطيل الشكل، تعلوه ثلاث قباب، كبراهُن في الوسط، وتحفُّها من الشرق والغرب قبتان أخريان أصغر من القبة الوسطى، وتقع المنارة في الجهة الجنوبية من المسجد، وقد تهدمت القبة الغربية وبقيت القبتان الوسطى والشرقية، أما المنارة فتهدمت منذ زمن بعيد ولم يبق منها إلا موقعها الدال عليها من خلال سلم الصعود الذي يقود إليها وإلى سطح المسجد.

قلعة أبي عريش»دار النصر»:

وهي عبارة عن قلعة منظرها يدل على قدمها ولم يعرف تاريخ تعميرها بالتحديد أو من قام بعمارتها، وكل ما عرف عنها في كتاب العقيق اليماني - مخطوط - في المكتبة العقيلية بجازان.

فقد جاء في حوادث عام 1248هـ عندما استولى الأمير علي بن مجثل (أمير عسير على أبي عريش) أنه بنى بها القلعة المعروفة (بدار النصر)، وإن كانت هناك حوادث تاريخية تدل على وجود هذه القلعة قبل هذا التاريخ فهذا لا يعني أنه هو الذي بناها ولكن ربما أنه جدد معالمها بعد أن هدمت.

وفي سنة 1354هـ أراد الشيخ (عبد الله القاضي) أمين مالية جازان تعميرها وشرع في إقامة بوابتها الرئيسية وإصلاح واجهتها، ثم توقف عن التعمير وكثر الخراب بها حتى أصبحت أطلالاً.

بيت الجرمن:

في جزيرة قماع الواقعة جنوب غربي فرسان يوجد على الساحل مكان يعرف بـ»بيت الجرمن» أو (القلعة الألمانية)، ويقول المؤرخ محمد أحمد العقيلي: إن هذا البناء بدأ تنفيذه عام 1901م أثناء التحالف التركي الألماني، وكان الهدف من بنائه استخدامه مستودعًا للفحم الحجري المستخدم كوقود للبواخر العابرة للبحر الأحمر بين قناة السويس في الشمال الغربي للبحر الأحمر، وباب المندب في الجنوب الشرقي.

وذلك يعود إلى الموقع الإستراتيجي المهم لهذه الجزيرة والقريبة من الممر الدولي للبحر الأحمر، وشكل البناء مستطيل ويبلغ طوله 107 أمتار (بمحاذاة الساحل، ويبعد عنه 50 مترًا) وعرضه 32 مترًا، وارتفاعه حوالي 4 أمتار. ولبيت الجرمن ثلاثة مداخل من الجهة الشمالية المقابلة للساحل بعرض 3.20 أمتار، والرابع في وسط الجدار الشرقي بعرض 8 أمتار، ويوجد في المبنى من الداخل صفان من الأعمدة المتوازية في كل صف 20 عمودًا مربع الشكل يتقابل مع دعامات أعلى السور الخارجي.

بيت الرفاعي:

يعتبر بيت الرفاعي من أبرز المعالم التاريخية بجزيرة فرسان، حيث يتميز بجمال بنائه وتصميمه وزخارفه البديعة.

وقد شيد المنزل تاجر اللؤلؤ أحمد منور الرفاعي -رحمه الله- الذي كان أحد أكبر تجار فرسان قديماً.

ويعتبر هذا المنزل من الآثار التاريخية، التي جعلت من فرسان مركز جذب سياحي وتاريخي لتميزه بالأشكال الهندسية المتنوعة، والنقوشات والفنون المعمارية القديمة التي ظلت على حالها منذ عام 1341 أي ما يقارب 95 عاماً.

يبلغ ارتفاع منزل الرفاعي بـ 6 أمتار، لم يتميز هذا المنزل بسبب تجارة مالكه من اللؤلؤ، حيث كان يصدره إلى سورية والهند وباكستان وفرنسا وبريطانيا ليجعل لمنزله من هذه التجارة أشكالاً جمالية ونقوشات قرآنية على جدرانه.

المصادر :

جريدة الجزيرة