قرية الفاو الأثرية معلم تراثي تاريخي مميز بالسعودية
on- 2022-06-11 15:32:51
- 0
- 1693
تقع قرية الفاو الأثرية على بعد 300 كم تقريبا شمال نجران، وعلى بعد 700 كيلومتر جنوب غرب الرياض، وهي واحدة من أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، فيها العديد من الآثار والتحف واللوحات، كانت قرية الفاو عاصمة لمملكة كندة، والتي يعود تاريخها لأكثر من خمس قرون، فكانت تلك القرية أكبر مركز تجاري في الجزيرة العربية حتى بداية القرن الرابع الميلادي.
قرية الفاو تقع تحديدا في سفوح جبال الطويق بالقرب من قرية وادي الدواسر، ويعتقد بأنها كانت محطة تجارية مهمة تربط الخليج العربي ببلاد الشام، وكانت مركزًا دينيًا وسياسيًا وثقافيًا، وقال مركز الملك عبد العزيز للثقافة العالمية، إن قرية الفاو أطلق عليها العديد من الأسماء عبر العصور منها المدينة الحمراء، و مدينة الحدائق.
عثر على العديد من المكتشفات في قرية الفاو، بما في ذلك الكتان وصوف الأغنام والعملات الفضية والأساور المعدنية والزجاج والعاج والخواتم الفضية والنحاسية والخرز، ويعتقد أن عمر قرية الفاو الأولى يعود إلى آلاف السنين.
كانت الطريقة الوحيدة لازدهار المدينة هي استغلال المياه الجوفية، وتشهد الآبار التي تم حفرها في الموقع الأثري على قدرة أهالي قرية الفاو على استخراج المياه، ولا تزال القنوات التي توجه المياه إلى قلب الواحة حيث نمت أشجار النخيل والكروم والحبوب المختلفة موجودة.
استخدم سكان قرية الفاو جذوع النخيل والأشجار في صنع أسطح المنازل، واستخدمت الألواح الخشبية للأبواب والنوافذ والأدوات المنزلية وامتلك سكان المنطقة قطعان من الأبقار والأغنام والماعز والإبل.
على عكس غيرها من المدن والقرى المكتشفة، قرية الفاو لم تكن محاطة بجدران أو حصون حماية، رغم أنها كانت مدينة تجارية يسهل الوصول إليها، وشيدت عدة بوابات كبيرة على الجوانب الشمالية والجنوبية والغربية للمدينة.
تلقى قرية الفاو اهتماما من المملكة على مدى الأربعين عامًا الماضية في محاولة لإعادتها إلى مكانتها التاريخية، بعد أن اكتشف المنقّبون وجود آثار لمجتمع سكني كامل بها مع مناطق خدمية وتجارية ذات طراز معماري متميز.
وظهرت القرية كنموذج فريد لمدينة عربية قبل الإسلام، فوجد الأثريون طرقات بين المنازل وسوقا كبيرا مكونا من 3 طوابق أطلقوا عليه قديمًا اسم الخان لتعرض فيه القوافل التجارية بضاعتها المختلفة لأهل القرية وللقوافل الأخرى.
ورسمت عمليات التنقيب صورة أيضًا للقرية قديمًا حيث اهتم سكانها بزخرفة المنازل، وعثر فيها على الأواني الفخارية والزجاجية والفضية وتبين استخدام أهل القرية للعملات الفضية والبرونزية مما يدل على تقدمهم التجاري وسيطرتهم على الرحلات التجارية من وإلى الجزيرة العربية.
واستخدم سكان الفاو قديما الطوب اللبن في بناء المنازل ومراكز الخدمات المختلفة وكذلك حرصوا على تبليط المنازل من الداخل والخارج ورسموا على الجص نقوشًا ملونة، وكانت القصور مثل المنازل تحمل نفس النقوش والجداريات.
ووصفت النقوش الموجودة حال المواطن العربي في مملكة كندة في القرون الأولى قبل الإسلام، فقد وثّقوا جزءًا من تاريخهم على المنحوتات المرمرية والقطع المنسوجة من الكتان وصوف الأغنام ووبر الجمال.
وأظهرت الآثار المكتشفة اهتمام أهل قرية الفاو بالكتابة، وكذلك آثار الكتابة باستخدام الخط المسند الجنوبي على سفوح الجبال وشواهد القبور واللوحات الفنية، واستخدموا هذا الخط تحديدًا لأن لغتهم كانت مزيجًا من لغات الشمال والجنوب.
وبلغ تطور مجتمع الفاو أقصاه عندما اهتموا بتقسيم مدينتهم بدقة بالغة، ورصد علماء الآثار وجود شبكات مياه نظيفة تخرج من المنازل، وهو ما يدل على التقدم الهندسي الذي وصلت له القرية الأثرية في عهود ازدهارها من القرن الأول حتى الرابع الميلادي.