زراعة "البُر" في عسير تعزز مستويات الإنتاج الغذائي
on- 2022-04-20 14:38:47
- 0
- 765
تبدأ رحلة الزراعة في منطقة عسير مطلع العام الميلادي، وتستمر لمدة ستة أشهر حتى أن يحين موعد الحصاد المعروف محلياً باسم "الصريم"، وهو الطريقة المتعارف عليها لحصد المزارع منذ القدم، بالآلات البدائية المعروفة باسم "المحش أو الشريم "، أو بالآلات الحديثة "كالحصادات الكبيرة أو مكائن الحصاد اليدوية" التي انتشرت مؤخراً لقدرتها على الدخول في المدرجات الزراعية المنتشرة في قمم الجبال، التي يصعب على الحراثات والحصادات الوصول اليها.
وتتنوع الحبوب التي تنتجها المدرجات الزراعية في منطقة عسير فمنها: الصِّيب والمابيّة والقياض والسميراء والشعير والذرة البيضاء والذرة الصفراء ، ويحين موعد حصادها مع اصفرار السنبلة واكتمال نموها، ثم يتم نقل المحصولات الزراعية إلى الأماكن المخصصة لدراستها،التي تعرف "بالجرين" ، وهو الموقع المهيأ لدراسة المحصولات الزراعية صيفاً وشتاء بواسطة الأبقار أو الإبل عبر جرّ صخرة كبيرة يتجاوز وزنها 100 كيلو جرام على المحصول حتى يتم فرز الحبوب من القشرة المحيطة المسماه "الحثى"، أو من خلال الآلات الحديثة التي انتشرت مؤخراً كالحصادات الكبيرة أو الحصادات التي تقوم الحراثات بتشغيلها ، من خلال تزويدها بالمحصول يدوياً بعد أن يتم تشريق المحصول في الشمس لمدة لا تقل عن 14 يوماً، وهي الخيار المفضل لدى مزارعي عسير في الوقت الراهن.
ويتركز المحصول الوفير لإنتاج القمح بمختلف أنواعه في منطقة عسير على الأجزاء الواقعة ضمن سلسلة جبال السروات من محافظة ظهران الجنوب "جنوباً "، إلى محافظة "بلقرن " شمالاً ، حيث تشتهر مراكز : السودة وطبب وبللحمر وبللسمر بانتاج أفضل الحبوب على مستوى المنطقة، وتسويقها عبر الأسواق الشعبية أو المهرجانات التي تقام ضمن فعاليات الصيف في منطقة عسير ، وكان أهمها "مهرجان البرُ " الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة خلال الخمس السنوات الماضية في مركز بللسمر شمال مدينة أبها 100كيلو متر .
ويحرص المزارعون في عسير على العناية بحقولهم الزراعية ومتابعتها أولاً بأول، وحمايتها من الطيور والقرود حتى تكتمل عملية الحصاد والدرس ثم الذراه، يليها وزن المحصول لإخراج الزكاة المقررة شرعاً فيه، ثم تسويقه بالطرق المتاحة.
وحسب " وكالة الأنباء السعودية " وصف المزارع أحمد بن خلوفة عسيري منتج "البٌر" بأفضل المنتجات الزراعية في منطقة عسير ، مشيراً إلى أنه يصنف حسب المتعارف محلياً إلى خمسة أنواع ، تتوزع حسب مكان الزراعة ، ففي جبال السودة والمرتفعات المماثلة لها يعرف محصولها "بالحنطة"، وهي من الأنواع المرغوبة التي يكثر الطلب عليها لما تتميز به من لذة فريدة وفوائد صحية عديدة، يليها الأماكن الأقل ارتفاعاً والمزارع التي تقع في بطون الأودية فتتميز بانتاج نوعين من الحبوب : " الصيب" وتبلغ فترة زراعته من 4 إلى 5 أشهر ، أما منتج " القياض" فهو من الحبوب التي تصلح للزراعة في موسمي الصيف والشتاء ويكتمل نموه في حدود ثلاثة أشهر.
ويضيف المزارع "أحمد بن خلوفة " أن الحبة الواحدة التي يتم بذرها في الأرض تنبت ـ بمشيئة الله تعالى ـ بما يعرف "بالكن" وهو عبارة عن عدد من الأغصان تحمل السنابل فوقها ، ويتراوح عددها ـ حسب نوع التربة وجودتها ـ من 7 إلى 10 أغصان في "الكن " الواحد، ويبلغ ارتفاعها عن سطح الأرض 150 سنتيمترا، وغالباً ما تروى المزارع حسب أنواعها بمياه الأمطار أو الآبار الجوفية ، فتعرف المزارع التي تستقي ماءها من المطر "بالعثري" ، فيما تسمى المزارع التي ترتوى بالمياه الجوفية "بالسقى".
وتتميز المزارع في مركزي بللحمر وبللسمر بإنتاج أفضل أنواع "البٌر" الذي يشهد إقبالاً كبيراً من المهتمين خاصة على أنواع "الصيب " و " الهلبة" و " القياض" ، حيث تعد من أهم المكونات الرئيسة للمائدة في منطقة عسير، فمنه تعّد الأكلات الشعبية المشهورة مثل "خبز الميفا " و"المقرص" و "العصيدة" و"العريكة" و"التصابيع" وغيرها من الوجبات التي يدخل البر مركباً أساسياً في إعدادها.
وتتراوح أسعار المبيعات لمنتجات القمح في عسير من 300 إلى 600 ريال للكيس الواحد الذي تبلغ سعته 40 كيلو جراماً ،أي أن سعر الكيلو الواحد يتراوح من 10 إلى 15 ريالاً حسب النوع والجودة.
وتشير العديد من الدراسات العلمية إلى الفوائد الغذائية لـ" البُر" ومن أهمها احتوائه على الأحماض الدهنية الأساسية وحمض الفوليك وفيتامين "ب" المركب والألياف، التي تشعر الإنسان بالشبع لفترات طويلة عند تناولها، كما تشير بعض الدراسات العلمية إلى تأثير خبز "البر" في خفض مستوى الكوليسترول في الدم، وبالتالي الإسهام في ضبط سكر الدم، كما تساعد الألياف الموجودة في " البر" عملية الهضم بشكل جيد .