الاقتصاد الحضري والموارد المالية بالسعودية
on- 2022-03-01 13:26:35
- 0
- 618
تُعد المدن هي المحركات الرئيسية لعملية النمو الاقتصادي، حيث بلغت حصة المدن من إجمالي الناتج العالمي 70% تقريباً.
ومع دخول العالم لعصر العولمة، العصر الذي تتنافس فيه المدن على أسس اقتصادية وإستراتيجية، انتبهت الدول للدور الكبير الذي تشكله الاقتصادات الحضرية المتنوعة لضمان وجود خطة تنمية اقتصادية مستدامة. فالمدن لم تعد بيئة اجتماعية هامة لقاطنيها فحسب، بل أصبحت تشكّل دوراً كبيراً في خطة التنمية الأكبر التي تهدف في نهاية المطاف لتحقيق الرخاء الاقتصادي، بالإضافة إلى مساهمتها الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي القومي.
ومع إدراك البلاد للدور الاقتصادي الهام الذي تشكّله المدن، قامت العديد من الحكومات المحلية والإقليمية حول العالم بوضع خطط تهدف لتحويل المدن إلى مراكز حضرية لها طاقة إنتاجية وتنافسية أكبر، عبر تقديم بيئة ملائمة للعملاء، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف لجذب استثمارات ضخمة وتنشيط حركة الأعمال.
وبالتالي، قامت مجموعة كبيرة من المدن بتسخير طاقاتها التنموية كي تصبح أسواقاً اقتصادية عالمية. هناك أمثلة كثيرة نجحت في تحقيق ذلك بالفعل مثل طوكيو، ونيويورك، وأوساكا كايوتي كوبي، ولوس أنجلوس، وناجويا، وشيكاغو، ولندن، و أنتويرب، وبون، وواشنطن. فقد أصبحت هذه المدن وحدها مسؤولة عن 20% من النشاط الاقتصادي العالمي، على الرغم من أن مجموع قاطنيها من السكان يبلغ 2.6% فقط من مجموع سكان الكرة الأرضية.
ومع بروز هذا التوجه في عالم الاقتصاد، قامت العديد من البلدان التي كانت تعتمد على مواردها الطبيعية بشكل رئيسي، بإعادة تعريف سياستها الاقتصادية المتّبعة، كي تضمن قدراً كبيراً من التنّوع في خططها الاقتصادية. وبالطبع سارعت السعودية من أجل اللحاق بهذا الركب، وطرحت رؤيتها الاقتصادية الطموحة “رؤية 2030″، التي تهدف إلى تحقيق تنويع شاكل في مواردها الاقتصادية على المدى المتوسط إلى الطويل، بدلاً من الاعتماد على النفط بشكل رئيسي.
تعتمد خطة “رؤية 2030” على عدة محاور رئيسية، تهدف بالأساس إلى زيادة الاستثمارات المحلية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بحلول عام 2030. ترتكز الخطة على بعض المحاور أهمها:
• زيادة إسهامات المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 35% من إجمالي الناتج المحلي، بدلاً من 20% في الوقت الحالي
• زيادة إسهام القطاع الخاص ليصل إلى 65% من إجمالي الناتج المحلي، بدلاً من 40% في الوقت الحالي
• زيادة إسهام الاستثمار الأجنبي المباشر من 3.8% من إجمالي الناتج المحلي حالياً، ليصل إلى متوسط المعدّل العالمي الحالي عند 5.7%
• احتلال المملكة العربية السعودية لمركز من ضمن 10 مراكز الأولى في مؤشر التنافسية العالمي في المؤتمر الاقتصادي العالمي، بدلاً من مركزها الحالي وهو 25
• دخول 3 مدن سعودية ضمن أفضل 100 مدينة عالمية بحلول نهاية العقد القادم
هناك نمطان رئيسان لتوسع حجم المدينة ونموِّها:
النمط الأوَّل، النموَّ الطبيعي أو المتدرِّج الناجم عن التكاثر السكَّاني داخل المدينة، أوعن الهجرة الداخليَّة والخارجيَّة. زيادة السكَّان ترفع الطلب على الوحدات السكنيَّة، وعلى طرق المواصلات والخدمات الإداريَّة والسلع العامَّة والخاصَّة. وهذه التغيرات تؤدِّي الى اتِّساع نطاق المدينة. حجم النموِّ الطبيعي وسرعته تحدِّدهما قوَّة تفاعل العلاقات الاقتصاديَّة السائدة في المدينة، ونشاط أسواقها، وسوق العمل خاصَّة. بالإضافة إلى تأثير عوامل خارجية أُخرى، من أهمِّها الطلب الخارجي على السلع والبضائع المنتجة داخل المدينة.
أمَّا النمط الثاني؛ النموُّ المخطَّط، ويقصد به التوسُّع الناتج عن قرار الحكومة المركزيَّة، أو الحكومة المحليَّة في توسيع نطاق المدينة إلى حجم محدَّد يتناسب ومتطلبات خطط التنمية ، ويعزِّز قدرات الاقتصاد الوطني واستقراره. لا ريب أنَّ دور الحكومة الحيوي في تطوير المدن وتوسيعها منطلق من قدرتها على تغطية كلف النموِّ الماليَّة والهندسيَّة، وفي توفير السلع العامَّة، بالإضافة إلى قدرتها على معالجة آثار النموِّ السلبيَّة المحتملة في منافع المواطنين ورفاهية المجتمع .