"المدرسة الأميرية" بالأحساء.. أيقونة التعليم الأولى شرق السعودية
on- 2020-01-17 01:07:56
- 0
- 1435
على وقع المباني والتصاميم التراثية، وفنون الهندسة المعمارية وجمال الأحجار والبنيان، يضع زوار محافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية "المدرسة الأميرية" التي تعرف بمدرسة الهفوف الأولى، الأيقونة التعليمية الأولى ضمن خارطتهم السياحية، لما تحتضنه هذه العمارة من إرث معماري وتاريخي وتعليمي كبير.
فالمدرسة الأميرية يمتد تاريخها إلى عقود من الزمان، حيث تم تشييدها وسط مدينة الهفوف، في حين أن السائحين مازالوا يضعونها ضمن القائمة السياحية والتراثية خلال زياراتهم لمحافظة الأحساء، لما يجدونه من إرث تاريخي وتعليمي كبير، وشخصيات برزوا وتقلدوا فيما بعد حقائب وزارية في البلاد، كما عزز من أهمية تاريخها الزيارة التي قام بها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ــ رحمه الله ــ إلى المدرسة عام 1931م، لتفقد أحوالها.
وأعجب الملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ــ بهذه المدرسة، فأمر آنذاك نجله الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - الملك فيصل فيما بعد - بفتح المدرسة، حيث يربط المتابعون بين تلك المدرسة، وتاريخ الملك عبد العزيز وإنجازاته، خاصة بعد أن أمر ـ رحمه الله ـ بتأسيس المدرسة لتكون نقطة انطلاق التعليم في المنطقة الشرقية.
وتعد المدرسة الأميرية التي يطلق عليها أيضا "بيت الثقافة"، من أقدم المدارس الحكومية، من خلال انطلاقها 1356هـ، وافتتاحها رسميا في محرم 1360هـ، تحت رعاية الأمير سعود بن جلوي أمير الأحساء في ذلك الوقت، إذ تختزن تاريخا وصفحات لمجموعة من الشخصيات والأعلام في مجالات الأدب والثقافة والاقتصاد، من أبرزهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكة المكرمة الذي درس القرآن الكريم والسنتين الأولى والثانية الابتدائيتين في الأحساء، ومعالي وزير البترول والثروة المعدنية - سابقًا - المهندس علي النعيمي، ووزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي ــ رحمه الله ــ ، وقد تخرجت أول دفعة في المدرسة، التي بلغ عددها 70 طالباً، سنة 1943م.
وفي ذلك الجانب، يقول مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء خالد بن أحمد الفريدة، إن المدرسة الأميرية أطلق عليها أولاً المدرسة الأميرية ثم مدرسة الاحساء الأولى وأخيراً مدرسة الهفوف، والآن قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء بتسميتها بـ"بيت الثقافة"، وقد تخرج فيها العديد من المسؤولين في الدولة،ويغلب على تصميمها الطراز الإسلامي، قبل أن يتم إغلاقها ليكون مقرًا للشرطة في مبنى الحميدية بجوار سوق القيصرية.
وتحيط بالمدرسة التي بنيت في تاريخ 1937هـ، وافتتحت في فبراير 1941م، الأسواق الشعبية، أبرزها سوق الخضار، وسوق القصابية، وسوق اللحوم، وسوق الذهب، وسوق القصيرية التاريخي، وتتكون المدرسة من المدخل الرئيسي في وسط الضلع الشرقي للمبنى، ويتميز ببوابته ذات الدورين، حيث تعلوها شرفة، كما يقود المدخل إلى جناحين بغرف كبيرة نسبيا عن باقي الغرف، ومدخل أخر يقود إلى الفناء بالشكل الخلاب، كما يشمل الموقع الحالي للمبنى؛ والساحة التابعة، ويحدها من جهاتها الشرقية والجنوبية والشمالية شوارع، وهو بمساحة 1200م.
وتم بناء وتصميم المدرسة على الطراز الإسلامي العربي، ويبرز عن الجدار الشرقي للمبنى باتجاه الشرق مشكّلاً شرفةً يُصعد إليها من الداخل عبر سلم درج على جانبي المدخل ويتوج المدخل أربعة عقود، اثنان مقابلان للباب المؤدي إلى داخل المدرسة يحملهما ثلاثة أعمدة، والآخران متقابلان يعلوان نهاية درج المدخل من أعلى، وتتخلل جدران المبنى الخارجي من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية نوافذ كبيرة مستطيلة الشكل تطل من خلالها غرف المبنى على الشارع ويتوسط المبنى من الداخل فناء مربع الشكل تقريباً تحيط به من الجهات الأربع أروقة تحملها عقود نصف دائرية تتوج صفوف الأعمدة المطلة على الفناء، بحيث تبرز فنون العمارة المحلية المستسقاة من فنون العمارة العربية والإسلامية، ويوجد بهذه الأروقة عدة أبواب تنفذ من خلالها إلى قاعات الدراسة.
كما يظهر للداخل إلى المدرسة عبر بابها الرئيس على جانبي المدخل مباشرة غرفتان متقابلتان، كان يشغل هاتين الغرفتين طلاب السنوات الخامسة والسادسة وبعد هاتين الغرفتين توجد قاعتان كبيرتان متقابلتان، إحداهما شمالية مخصصة لأعضاء هيئة التدريس بالمدرسة وجنوبية مخصصة للرسم.
وكانت تزين حيطان الصفوف المتقدمة مثل: الصف الخامس والسادس خريطة أو أكثر من خرائط القارات السبع لأغراض تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا، ويتوسط المبنى من الداخل فناء مربع الشكل تقريباً تحيط به من الجهات الأربع أروقة تحملها عقود نصف دائرية تتوج صفوف الأعمدة المطلة على الفناء بحيث تبرز فنون العمارة المحلية المستسقاة من فنون العمارة العربية والإسلامية وكانت تزين حيطان الصفوف المتقدمة مثل الصف الخامس والسادس خريطة أو أكثر من خرائط القارات السبع لأغراض تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا.
والمدرسة الأميرية على الرغم من تاريخها الطويل والترميم الذي طالها إلا إنها ما تزال تحتفظ في بنائها بالحجر والجص، حيث كسيت جدرانها بالجص ذي السطح الناعم، أما الأسقف، فاستخدم في معظمها خشب الكندل المغطى بالباسجير وحصيرة البامبو، ثم بطبقة طينية، وبعضها بجذوع النخل، فيما وضعت في السطح مرازيم (مزاريب) على الشوارع المحيطة، ويوجد بالمدرسة بئر ماء في الجهة الجنوبية، فيما تحوّل اسم المدرسة في إحدى الحقب إلى اسم المدرسة الأولى، وضم المبنى أيضاً مراحل تطور التعليم المتوسط والثانوي، ثم بُني بجوارها مدرسة حديثة باسم مدرسة القدس.
وتم تأهيل المبنى فيما بعد، مقراً لفرع الجمعية السعودية لعلوم العمران بالأحساء، حيث يأتي هذا كجزء من التعاون بين وكالة الآثار والجمعية السعودية لعلوم العمران، ثم تسليم المبنى لفرع الأحساء لتأهيله مقراً للفرع، وإعادة هيكله الإنشائي والمعماري القديم، بإضافة الدور الأول والبواهية وتأهيله مقراً للجمعية ومركزاً حضارياً بالهفوف ليضم أيضاً متحفاً وتاريخ التعليم وساحة عرض مناسبات وصالة ومركز تدريب وقسماً نسائياً وما إلى ذلك وكان هذا حلماً منذ الثمانينات الهجرية.