"التراث السعودي" ثقافة شعب تتوارثه الأجيال

on
  • 2019-10-21 00:37:06
  • 0
  • 2068

للتراث السعودي ملامح تميزه عن غيره، بطابعه الخاص وتلقاءيته الفريدة ستجذبك إليه بكل تأكيد. وإن المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين، بتاريخها العريق وتراثها الأصيل الذي يتوارثه الأبناء جيلاً بعد جيل، بعاداتها وتقاليدها وأغانيها وأمثالها الشعبية ومأكولاتها المتنوعة ولباسها التقليدي المميز وقهوتها ذات النكهة الطيبة تبقى منارةً مضيئة تنشر شعاع نور في كل مكان.

ماذا يقصد بالتراث الشعبي؟

يعرف التراث بأنه كل ما خلفه الآجداد للأبناء وبمعنى آخر ما ورثَته الأجيال السالفة للأجيال الحالية من العادات والتقاليد والآداب والقيم والمعارف الشعبية والثقافية والمادية. ويشتمل التراث الشعبي على القصص والأساطير والأشعار والألعاب والأغاني والأمثال الشعبية والاحتفالات والأعياد والرقص والفنون والحرف. فكل تلك العناصر هي الناتج الثقافي للأمة والذي يمكن أن يقال عليه "تراث الأمة".

للتراث الشعبي السعودي مذاق خاص تمتزج فيه الأصالة بالحداثة، ويفوح منه عبق الماضي وسحر التاريخ. ويعد التراث الشعبي في السعودية أحد ركائز الهوية الوطنية فهو الوعاء الذي تستمد منه عقيدتها وتقاليدها وقيمها الأصيلة ولغتها وأفكارها.

الفلكلور والأهازيج

في قديم الزمان، كانت القبائل في الجزيرة العربية تتبع طرقاً متنوعة لتخويف الأعداء وبث الرعب في قلوبهم، وكان أبرزها استخدام الغناء بنبرات مختلفة، وبمصاحبة رقصات محددة، وتوارثت الأجيال ذلك، حتى أصبح اليوم فلكلوراً وفناً شعبياً معبراً عن كل منطقة.

"الوحدة والجماعة" هما أبرز ما يميز الفلكلور الشعبي في السعودية، وهو يعتبر مفخرة للشعب السعودي يتوارثونها جيلاً بعد جيل، وتتخلله الأغاني الحماسية والألعاب والرقصات التي تعبر عن العادات والتقاليد.

وتختلف الفنون الشعبية في كل منطقة من مناطق المملكة عن الأخرى،  حيث تتميز كل منطقة بالتالي:

  • العرضة النجدية في الرياض والقصيم

سميت بهذا الاسم نسبة إلى الاستعراض الذي يقوم به الفرسان خيولهم، ويؤدونها قبل دخول المعارك وفي الانتصارات والأعياد. وتؤدى الرقصة في صفوف، يُشْهِرْ بها الفرسان سيوفهم، ملوحين بها يمينا ويسارا، بشكل متناغم، وتكون مصحوبة بقرع الطبول، ويتوسطهم حامل الراية، مرددين أبياتا شعرية حماسية.

  • المجرور في مكة والمدينة

تقسم فرقة الرقص إلى صفين متقابلين، يرتدي كلاهما زياً موحداً يعرف باسم "الحويسي" وهو ثوب أبيض واسع يلتفه حزام يحتوي على الذخيرة الحية ويمكسون بأيديهم الطبول ويؤدون الأناشيد. ويتوسط الصفين ماسك الطبلة ويقوم بالضرب عليها وهو جالس بينهما وعادة لا يشارك في الغناء.

  • العرضة والمعشى والسيف العزاوي في عسير ونجران وجازان

هي رقصة حربية تؤدى على سواحل المملكة من المدينة إلى القنفذة، وتلعب بالسيف والبنادق.

  • الدحة في الجوف والحدود الشمالية

وتسمى كذلك أنفاس الفرسان. إحدى الرقصات الشعبية الشائعة عند قبائل شمال السعودية، ويؤدونها في صفين أو صف واحد، وهي رقصة تؤدى في الأعياد، وأيضا بعد الانتصارات في الغزوات.

  • دق الحب، والليوة، والحصاد، الفريسة في المنطقة الشرقية

استوحت هذه الرقصات أسمائها نسبة إلى بيئة المنطقة الشرقية الخلابة التي تتميز بإطلالاتها الساحلية والزراعية الساحرة. (دق الحب، والليوة، والحصاد، والفريسة) هي ألوان متنوعة من الفنون الشعبية المستوحاة من سحر أمواج بحر الخليج العربي، ومن سعف النخيل ومواسم الحصاد التي تشتهر به مدينة الإحساء. وتستخدم في هذه الألوان الشعبية الطارات والطبول والكفوف تحت إيقاعات متتالية.

الأمثال الشعبية

​منذ قدم الوجود الإنساني، استخدمت الأمثال الشعبية ولا تزال، للتعبير عن المواقف التي تمر بنا في الحياة اليومية، وتعد الأمثال الشعبية في السعودية بمثابة الوسيلة التي تعبر عن ثقافة المجتمع السعودي، ويستخدمها مختلف الطبقات الاجتماعية، وتختلف باختلاف المناطق السعودية. وهنا بعض الأمثلة عن الأمثال الشعبية في السعودية ومعانيها:

  • برق بدارك ، قبل ما تتهم جارك

يوجه هذا المثل الشعبي النصيحة للإنسان بأن يفتش بداخله أولاً ليكتشف من هو وراء السبب الحقيقي في أداء فعل معين، قبل أن يتهم الآخرين بأنهم هم السبب.

  • بسم الله على من راعك وادخل الجني في كراعك

يقال هذا المثل بغرض السخرية من الأشخاص الذي يخافون من أشياء قد لا تسبب الخوف نهائياً.

  •  البذر محفوظ

يدل على أن الإنسان الذي قام بفعل الخير ولم يحصل على مقابل، فإن الله سوف يكافئه عليه أجراً مضاعفاً.

  • برد عليه جلده

يقال في حالة الشخص الذي ارتاح بعد تعب، أو إذا كان شخص قلق من شئ معين وسرعان ما اطمأن على هذا الأمر.

  • وجهه مغسول بمرق 

المرق هو (الدام) والذى على وجهه ادام بدسمه معناه أنه ملطخ بالوسخ بحيث لايتأثر بأى شىء. وضرب هذا المثل للذى لا يستحى ولا يستعيب أمراً من الامور لأنه ملطخ بالعيوب حتى تراكم بعضها على بعض فلم يبقى للجديد منها مكان.

الملابس وأدوات الزينة

اللباس الشعبي هو الذي يعكس عادات وتقاليد وتراث المجتمع، وتأتي أدوات الزينة لتكمل الإطلالة. وفي المجتمع السعودي يعتبر اللباس انعكاس للحياة الاجتماعية والمعيشية للأفراد بحسب ملابسهم وزينتهم. وتتنوع أشكال الملابس وأدوات الزينة من منطقة لأخرى في المملكة كالتالي:

  • يمتاز أهل الرياض بالبساطة ويعتبر (الثوب) الزي الرئيسي للرجال ويمتاز بلونه الأبيض الناصح الذي يتماشى مع الأجواء الصيفية بالإضافة إلى الطاقية والعقال. أما في المناسبات فيرتدي الرجل ما يعرف بالمشلح أو البشت وهو (العباءة). أما النساء فأشهر ملابسهم هي العباءة، وغطاء الوجه.
  • المنطقة الشرقية: في الصيف يرتدي الرجال ثوب فضفاض يغطي البدن ويصل لأسفل الساق، وتتدلى عند عنق الثوب مجموعة من الخيوط تشد بخيط في أسفلها وتسمى (كركوشة)، أما الغترة فتكون بيضاء أو مخططة وذات شكل مثلث ويضاف إليها العقال لتثبيتها. أما في فصل الشتاء فيرتدون (الفروة) وهي رداء واسع وطويل يحاك من جلود الخراف وفرائها، وتزين ببعض الزخارف والأشكال لتلبس فوق الثياب شتاءً خاصة في البادية. وفيما يخص ملابس النساء فهي تتسم بالطول والاتساع وتأتي بشكل قطعة واحدة مطرزة بالحرير والخيوط الذهبية كالثوب الهاشمي والدراعة، أما غطاء الرأس فهو عبارة عن قماش أسود مزين بزخارف ومطرز بالزري، ويطرز من طرفه الأمامي، وله فتحة للوجه وتسدل بقيته على الكتفين والظهر والأكتاف.​
  •  منطقة نجران: تعرف الملابس الشعبية للرجال في منطقة نجران بالمذيل والغرو والحذاء والجنبية والحزام والطيار والبندق، أما المرأة فلها ملابسها وحليُّها الخاصة والجميلة مثل: المكمم والخرقة والسمط واللازم والجرس والخروص والمطال والخاتم والحرز والدنعة​.
  •  الحدود الشمالية: الرجال في مناطق الحدود الشمالية يرتدون ما يتناسب مع الأجواء الصيفية والشتوية في المنطقة، حيث يتميز ثوب المرودن بأكمامه الطويلة والمتسعة عند اليدين، ويتم ارتداؤه في الاحتفالات والعرضات، بالإضافة للثوب العربي المزين بأزرار عند الصدر، والشماغ والغترة لاتقاء حرارة الصيف وبرودة الشتاء. أما النساء فلباسهن يشبه اللباس الشعبي الفلسطيني المقدسي،  حيث يرتدين للعمل ما يعرف بـ (المقطع) المزين بالتطريز المحلي على الصدر والأكمام، أما (المسرح) فهو ثوب من الحرير بخطوط من القصب من أعلى الثوب إلى أسفله، وتقوم النساء بوضع الملفح وهو غطاء الرأس بالإضافة إلى الشيلة وهي الخمار وعادة تكون باللون الأسود.​

أما أدوات الزينة للنساء في السعودية فتتنوع بين الحناء والحلي بأشكاله المختلفة من مصنوعات ذهبية أو فضية أو مشغولات يدوية.

المأكولات الشعبية

تشتهر كل منطقة في المملكة العربية السعودية بأطباقها الخاصة التي تعكس عاداتها وتقاليدها حسب موروثات شعبية تميزها عن غيرها. وتختلف موائد السعوديين باختلاف المناخ وطبيعة الحياة ونوعية النباتات في كل منطقة مما جعل لتنوع الأطباق في المجتمع السعودي طابعاً مميزاً.

تعتبر الكبسة من أشهر الأطباق السعودية وتنافس العديد من الأطباق الشهية في مناطق مختلفة، حيث أن كل منطقة في المملكة تشتهر بأطباق متنوعة ومن أبرزها:

  • طبق (المعرق) من المدينة المنورة: وهو عبارة عن لحم يقطع إلى أوصال صغيرة ويطبخ في قدر من النحاس ممزوج بالتوابل والكمون والفلفل الأسود والقرفة.
  •  طبق (الخمير) من عسير: يصنع من حب القمح أو الشعير أو الذرة الرفيعة، حيث يتم طحنه وعجنه، ثم يُخمَرلبعض الوقت، ويقدم مع إدام الخضار.
  •  تشتهر حائل بلد الأصالة وكرم الضيافة العريقة بطبق (المقشوش): وهي أرغفة صغيرة من عجينة الحنطة القاسية نوعاً ما، تُشْوى على الفحم أو في الأفران، ويضاف إليها السمن والعسل أو الدبس والسكر.
  •  القصيم وقرص الجمر: طبق (قرص الجمر) يعد أحد أشهر الأطباق في منطقة القصيم في السعودية، وهو عبارة عن قرص كبير جداً من عجين البُرْ، تُحَمَى له الأرض الرملية جيداً، ثم يُدفَن في التراب حتى ينضج أعلاه، ثم يُقْلَب ويُدْفَن مرة ثانية حتى ينضج من الأسفل، وبعد ذلك، يتم تنظفيه وتقطيعه إلى أجزاء صغيرة، ثم يضاف إليه السمن والسكر ويفرك حتى يختلط بعضه ببعض جيداً.
  •  معصوب مكة المكرمة: أكلة (المعصوب) من الأكلات التي تشتهر بها مكة المكرمة والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل واسع، وهي عبارة عن أقراص صغيرة من الحنطة الخالصة، يتم خَبْزُها ثم توضع في إناء من الخشب، ويضاف إليها مقدار من العسل والسمن والموز.
  •  (الرقش) من نجران: يعتبر من الأكلات الشهيرة في كثير من المناسبات، وهو خبز رقيق يصنع من البُرْ يُقطَّع بعد خَبزه، ويُوضع بعضه على بعض في إناء، وغالبًا ما يكون الإناء قِدرًا حجريًا، ثم يُصب فوقه المرق ويُقدم.

القهوة العربية

من منَا لا يحب نكهة القهوة العربية الأصيلة ورائحتها الطيبة؟ وللقهوة العربية في السعودية مذاق خاص بطابع أصيل. فالقهوة السعودية لها عادات وتقاليد في طرق الإعداد والتقديم وذلك كالتالي:

  • تُسْكَب القهوة باليد اليسرى، ويُقَدَم الفنجان باليد اليمنى.
  • (صَبْ الحِشمة) ويعنى في الأوساط السعودية بأنه يجب عدم ملئ الفنجان بأكثر من نصفه، وذلك يعني تقديم القهوة في ثلث الفنجان.
  • من العلامات الخاصة التي تعرف لدى السعوديين أثناء شرب القهوة هو هز الفنجان القهوة وهو إشارة من الضيف إلى الاكتفاء من شرب القهوة، وإن لم يهز الضيف الفنجان فسيستمر المضيف بصب القهوة له.
  • على المسؤول عن صب القهوة الاستمرار في الوقوف وهو حاملاً لدلة القهوة ليستمر في صبها لهم حتى ينتهي الضيوف.

في كل مرة يشرب بها الضيف فنجان جديد من القهوة فإن للفنجان اسم مميز وله دلالة خاصة، وذلك كالتالي:

  • يطلق على الفنجان الأول (الهيف) ويشربه المضيف ليثبت للضيف أن القهوة ليس بها ما يؤذي.
  • أما الفنجان الثاني فيطلق عليه (فنجان الضيف) وهو عنوان للإكرام والمعزة.
  • (فنجان الكيف) هو ما يطلق على الفنجان الثالث ويشربه الضيف للاستمتاع بطعم القهوة.
  • الفنجان الرابع يطلق عليه (فنجان السيف) وهو يرمز إلى أن الضيف سيقف مع مضيفه في حال تعرضه لأي أذى أو اعتداء.​