المصمـك.. قصـة وحـدة وطـن

on
Nous sommes désolés ... Le contenu demandé n'est pas disponible dans cette langue. Sélectionnez une autre langue
  • 2019-10-21 00:23:53
  • 0
  • 1451

يحتل قصر المصمك مكانة بارزة في تاريخ مدينة الرياض خاصة، والمملكة العربية السعودية عامة، باعتباره يمثل الانطلاقة المباركة التي تم على إثرها تأسيس وتوحيد المملكة، وهو من أهم المعالم التاريخية في المملكة حيث اقترن هذا الحصن بملحمة فتح الرياض البطولية، التي تحققت على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- في فجر الخامس من شهر شوال عام 1319هـ، إذ كان لابد من افتتاحه حيث يمثل الاستيلاء عليه استعادة مدينة الرياض.

والمصمك أو المسمك يعني البناء السميك المرتفع الحصين، بني في عهد محمد بن عبدالله بن رشيد (1289-1315هـ)، واستعاده الملك عبدالعزيز -رحمه الله- عام 1319هـ، الموافق 1902م، وقد استخدم فيما بعد مستودعا للذخيرة والأسلحة، وبقي يستخدم لهذا الغرض إلى أن تقرر تحويله إلى معلم تراثي، يمثل مرحلة من مراحل تأسيس المملكة العربية السعودية.

ففي عام 1400هـ، أعدت أمانة مدينة الرياض دراسة خاصة لترميم المصمك، ثم تبنت فيما بعد وزارة المعارف (ممثلة في الوكالة المساعدة للآثار والمتاحف) بالتنسيق مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برنامجا لتحويل هذا المعلم إلى متحف، يعرض مراحل تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، حيث تم افتتاحه في أوائل عام 1416هـ، الموافق 1995م تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض آنذاك.

ومن أهم معالم المصمك بوابة القصر إذ تقع البوابة في الجهة الغربية للقصر، ويبلغ ارتفاعها 3.60م، وعرضها 2.65م، وهي مصنوعة من جذوع النخل والأثل، ويبلغ سمك الباب 10سم، ويوجد على الباب ثلاث عوارض، يبلغ سمك الواحدة منها حوالي 25سم، وفي وسط الباب، توجد فتحة تسمى الخوخة، تستخدم بوابة صغيرة، وهي ضيقة لدرجة أنها لا تسمح إلا بمرور شخص واحد منحنيا، وقد شهد هذا الباب المعركة الضارية بين الملك عبدالعزيز وخصومه، حيث يمكن مشاهدة الحربة التي انكسر رأسها في الباب.

ويقع في مواجهة المدخل، المجلس (الديوانية) وهو عبارة عن حجرة مستطيلة الشكل، وبها وجار، حسب الشكل التقليدي للوجار في منطقة نجد، ويوجد في الجهة الغربية منها فتحات للتهوية، والإنارة، كذلك في الجهة الجنوبية المطلة على الفناء الرئيس.

ويقع على يسار المدخل، المسجد وهو عبارة عن غرفة كبيرة، يوجد فيها عدة أعمدة، وفي الجدران أرفف لوضع المصاحف، ويوجد داخل المسجد محراب، وفتحات للتهوية في السقف، والجدران، فيما يوجد في الجهة الشمالية الشرقية بئر للمياه، تسحب منه المياه عن طريق المحالة المركبة، على فوهة البئر، ويسحب الماء بواسطة الدلو.

كما يوجد في كل ركن من أركان مبنى المصمك الأربعة برج أسطواني الشكل، يبلغ ارتفاع الواحد منها (18 مترا) تقريبا، يصعد إليه بواسطة درج، ثم بسلمين من الخشب، ويوجد في كل برج، أماكن للرمي على محيط البرج، ويبلغ سمك جدار البرج حوالي (1.25م)، وفي وسط المصمك، برج مربع الشكل، يسمى المربعة، يشرف على القصر من خلال الشرفة العليا.

كما يوجد فناء رئيس للقصر، تحيط به غرف ذات أعمدة متصل بعضها ببعض داخليا، ويوجد بالفناء درجات في الجهة الشرقية تؤدي إلى الدور الأول والأسطح، كما يوجد ثلاث وحدات سكنية، الأولى كانت تستخدم لإقامة الحاكم، لتكاملها وارتباطها بعضها ببعض، وسهولة اتصالها، والثانية استخدمت بيتاً للمال، والثالثة خصصت لإقامة الضيوف.

ويحظى قصر المصمك بزيارات كبار الشخصيات من دول العالم والسفراء الذين يحرصون على مشاهدته من الداخل، وما شهده من تحول في مسيرة المملكة وتوحيدها على يد المؤسس -رحمه الله-، وصار مقصدا سياحيا لضيوف الدولة والسياح وزوار العاصمة وسكانها، إضافة إلى زيارات طلبة المدارس حيث يستقبل شهريا أكثر من 4000 زائر ويزداد العدد في الإجازات.

كما يتوافد العديد من المواطنين من داخل الرياض وخارجها لقصر المصمك، وزيارته في الأعياد والمناسبات العامة كاليوم الوطني، والبيعة، إضافة إلى فتح المجال أمام طلاب المدارس للتعرف على ما يحتويه من تحف، وتسجيل زياراتهم وتوثيقها عبر أجهزة الاتصال المحمولة وكاميراتهم الخاصة.

حيث تبدأ زيارة قصر المصمك على مدار أيام الأسبوع، ففي يوم السبت والاثنين والأربعاء خصصت الزيارة للرجال وطلاب المدارس من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية عشر ظهرا ومن الساعة الرابعة عصرا حتى الساعة التاسعة مساء. ويوم الأحد والثلاثاء خصصت الزيارة لمدارس البنات وللنساء، من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا، فيما تكون الفترة المسائية للعوائل من الساعة الرابعة عصرا حتى الساعة التاسعة مساءا، وخصص يوم الخميس للعوائل خلال الفترتين الصباحية والمسائية فيما يقفل يوم الجمعة من كل أسبوع.

وقد أصبح متحف المصمك التاريخي بعد إعادة تطويره أحد المتاحف المتطورة على مستوى المملكة العربية السعودية، وبات نموذجاً راقياً للمتاحف الحديثة من حيث العروض المتحفية، وحاضناً لأهم الذكريات التاريخية المرتبطة بكيان المملكة العربية السعودية وانطلاقة توحيدها.

ويتميز متحف المصمك التاريخي بخصوصية كبيرة، حيث خصص كامل المتحف لقصة اقتحامه، واسترداد الرياض على يد الملك عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله-، ويحتوي على لوحات وخرائط ومجسمات وصور وخزائن وعرض مرئي، عن كفاح الملك عبدالعزيز في استرداده للرياض، والانطلاق نحو تأسيس المملكة العربية السعودية، وتوحيد أجزائها.

ويضم متحف المصمك التاريخي في نسخته المحدثة تسع قاعات، الأولى تتحدث عن الرياض زمن استردادها، وتتحدث القاعة الثانية عن اقتحام المصمك، وتضم خرائط وصوراً للطريق الذي سلكه الملك عبدالعزيز ورفاقه من الكويت إلى الرياض، ومعلومات عن المحاولات السابقة لاسترداد الرياض، وقصة فتح المصمك واسترداد الرياض، وأما القاعة الثالثة فقد خصصت للرواد الذين شاركوا مع الملك عبدالعزيز، في عملية استرداد الرياض، ثم قاعة خامسة خصصت للحياة اليومية في مدينة الرياض في مطلع القرن الماضي، ثم قاعة سادسة حوت مجسمات لمدينة الرياض التاريخية، وصوراً لأسوارها وبواباتها القديمة، ويلي ذلك قاعة سابعة تتحدث عن مبنى المصمك ومكوناته، وطريقة بنائه والمواد المستخدمة فيه، كما يحتوي المتحف على قاعة ثامنة تتحدث عن الاستخدامات التي عرفها مبنى المصمك في عهد الملك عبدالعزيز، وينتهي المتحف بقاعة تاسعة وأخيرة تحوي صوراً للملك عبدالعزيز في مختلف مراحل عمره، ونصوصاً من أقواله المأثورة.

sujet précédent