أشهر الخدع في تاريخ الحروب البشرية
on- 2016-04-08 20:55:04
- 0
- 1365
الحرب خدعة، مقولة تناقلها أشهر جنرالات الحرب عبر التاريخ، فعلى الرغم من أن العتاد العسكري الضخم وأعداد الجنود والقادة مهم في طريقة سير الحروب، إلا أن العديد من الجيوش القليلة انتصرت في حروب مختلفة بفضل رجاحة عقل القائد وحيله وخدعه. في هذا الموضوع نستعرض معًا خمسة من أشهر الخدع التي نجحت في قلب موزارين الحروب خلال التاريخ البشري.
هجوم مصاص الدماء المزيف التابع لوكالة الاستخبارات المركزية CIA
قد يكون الأمر بعيدًا عن التصور والاعتقاد! لكن لم يكن هذا بعيدا عن “إدوارد لانسدال”، واحد من أعتى عناصر وكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب الباردة. عُرف خلال حرب فيتنام بـ الخدع الغريبة وحيله العديدة من أجل خداع الخصم. ولعل أبرز حيله العبقرية والمجنونة برزت عندما كان يقود العمليات العسكرية ضد المتمردين الشيوعيين في الفلبين. حيث أشاع أسطورة في الوسط المحيط عن مخلوق مصاص دماء يستعمل لسانه من أجل استنزاف دم ضحاياه!
وسار الأمر تماما وفقًا لخطته، فقد انتشرت الإشاعة بين معسكرات القوات الشيوعية على قمة تلة في لوزون، ومن أجل تدعيم الخدعة، قام بتنظيم هجمات وهمية من مصاصي دماء مزيفين على معسكرات العدو. كما قام لانسدال بنصب كمين للعدو، وبعد القضاء على العدو قام بثقب عنق أحد الجنود بثقبين ثم الضغط على عروق جسده لتصفية دمه تماما عبر الثقبين وكأن مصاص دماء قام بعض الجندي وقتله! وألقى الجثة على جانب الطريق.
ومع هذه العمليات المكررة، قامت قوات الشيوعيين بإخلاء المنطقة خلال فترة بسيطة، وليس شرطا أن الشيوعيين شعروا بالذعر إشاعة مصاص الدماء، لكن استمرت المخابرات المركزية بنشر الإشاعة واستنزاف دم الجنود لنشر الخوف في صفوف الشيوعيين.
ضباط نابليون الذين سيطروا على جسر عبر التمشي بهدوء عبره
في عام 1805م، كان نابليون يواجه مشكلة قهر الجيش النمساوي الذين كان قد بنى دفاعًا قويا له على الضفة الشرقية لنهر الدانوب. وكان الجسر الوحيد الذي يُمكِّن الجيش الفرنسي من عبور النهر مفخخا بالقنابل والمتفجرات، حيث كانت الأوامر للجيش النمساوي تقضي بتفجير الجسر إن عبر أي جندي فرنسي. لذلك، كان خيار السيطرة على الجسر بالقوة سيؤدي إلى تحويله إلى ركام خلال ثوانٍ قليلة، فكان لا بد من خطة بديلة، وجاء أحد ضباط نابليون بفكرة بدت غبية للغاية في البداية!
الخطة كانت تقضي بقيام اثنين من الفرنسيين بالتمشي على الجسر والدردشة عن مدى سعادتهما بالهدنة وانتهاء القتال أخيرًا بين الطرفين في الحرب (وهي كذبة، حيث لم يكن هناك هدنة بين الجيشين). ثم يقوم كلا الحارسين بالدردشة مع ضباط العدو رفيعي المستوى والمزاح معهم، وعلى الرغم من أن جيش العدو لم يقتنع في بداية الأمر بهذه الخطة، إلا أن كلا الحارسين استمرا في الضحك والدردشة غير مكترثين بأي محاولة لإيقافهما!
في الوقت نفسه، بدأ سرب من نخبة الجيش الفرنسي يمشون على الجسر وقد أخفوا أسلحتهم أسفل ستراتهم، وبنفس الطريقة يتبادل الأشخاص الدردشة والضحكات على الجسر بينما يتقدمون ببطء ناحية العدو. وعند اقترابهم من العدو، لاحظ أحد الحراس الاثنين نية رقيب نمساوي إشعال فتيل مدفع وتفجير الجسر، لكنه انتزع بالقوة المشعل من يديه، كما كانت قوة مدفعية نمساوية قريبة على استعداد لإطلاق النار، لكن الضباط أقنعوهم بالتراجع عن ذلك وجلسوا بلا مبالاة على برميل المتفجرات مشعلين السجائر!
بهذه الطريقة الغريبة، تمكن الجيش الفرنسي من الاستيلاء لاحقا على الجسر الذي كان يُشكل نقطة محورية في الحرب مع الجيش النمساوي على الضفة الأخرى من نهر الدانوب، وذلك عبر الخدع والحيلة.
تيكموسيه وسيطرته على فورت ديترويت عبر الدوران في حلقات مفرغة
لعل أهم العوامل التي ساعدت على اشتهار حرب عام 1812م في تاريخ الحروب البشرية هو أمرين: الأول، أنها استمرت حتى عام 1815م والثاني هو اشتراك الهنود الحمر في المعركة على رأسهم الزعيم الأسطوري تيكموسيه، حيث قاتل مع أبناء شعبه إلى جانب البريطانيين للسيطرة على القاعدة الأمريكية المدججة بالسلاح في فورت ديترويت.
ولم يتمكن الجيش البريطاني والهنود سوى القبض على بعض الرسائل من قائد حصن فورت،حيث تبين أن الأمركييين مرعوبين من فكرة “الهندي الوحشي”، وكان القائد الإنجليزي قد كتب رسالة إلى نفسه ضمن إطار الخدعة مفادها أنه ليس بحاجة إلى تعزيزات لأنه يملك 5000 هندي أمريكي متعطشين للدماء على وشك الانقضاض على حصن فورت ديترويت، (في الحقيقة، كان هذا الرقم أكثر بعشرة أضعاف تقريبا من عددهم الفعلي)، ثم قام بتعمد وقوع الرسالة بين أيدي الجيش الأمريكي المتحصن في القاعدة في فورت.
تحرك تيكموسيه مع 600 من رجاله باتجاه الحصن، وشرعوا بتنفيذ الخطة ليلا ما دب الرعب في صفوف الجنود الحراس الليليين في حصن فورت، وعلت صيحاتهم وصراخهم ما زاد الخوف في صفوف الجنود بالحصن، وعندما برز ضوء النهار، كان الهنود الحمر بقيادة تيكموسيه قد لطخوا وجوههم بالأصباغ الحمراء وكانوا يدورون في دوائر وحلقات حول الأشجار بطريقة غير مفهومة لكنها كانت كفيلة بإخافة العدو وجعلهم يعدون أكثر من 1500 مقاتل هندي وحشي بسبب الخوف!
هذا التكتيك الغريب والذكي جعل الجيش الهندي والإنجليزي يبدو كأنه جيش ضخم ومرعب، بالنهاية استسلم جنود الحصن الأمريكي وسلموا شاراتهم وأسلحتهم دون أن يطلقوا رصاصة واحدة! واستطاع الهنود والقوات الإنجليزية السيطرة على حصن فورت ديترويت بسهولة دون معركة!
أكاذيب اللورد بادن ساعدته في السيطرة على حصن مافكين
منذ فترة طويلة، عُرف اللورد روبرت بادن بطبعه الغريب خاصة خلال حرب بوير الثانية في جنوب أفريقيا، وهي الحرب ضد قبائل البوير الذين أرادوا التحرر من الاستعمار الإنجليزي. وكانت أوامر بادن تقضي بتأمين الجيش البريطاني في مافكينج لكنه لم يكن قادرا على دخول المدينة لأن الحرب لم تُعلن بعد، لذلك قام بادن بطلب إذن رسمي من سكان مدينة مافكنج بدخول قواته لحماية إمدادات وجوده هناك، ولحظة حصوله على الإذن، قام بإدخال جيشه كله للمدينة، وعندما اشتكى الناس، أشار ببساطة إلى أن حجم الحراس لم يتم تحديده وإمداداته تحتاج إلى حماية كبيرة.
المشكلة الثانية كانت في كيفية حماية الجيش من قوات قبائل البوير داخل المدينة والتي كانت أقوى بخمس مرات من جيش بادن. فكان لا بد من خطة ثانية، عندها قام جنود بادن بدفن صناديق غامضة في الأرض حول محيط المدينة، وعندما سُئل عن ماهيتها، قال أنها ألغام أرضية قوية من إنجلترا مصممة لتدمير قبائل البوير خصيصا!
ولتأكيد ادعائه، قام بتفجير صندوقين ملأهما بالديناميت وحرص على أن يشاهد العدو قوة الانفجار، بالتالي يخرج العدو من المدينة لتحذير القوات خارجها. بالطبع لم تكن تلك الصنايق ألغاما أو أسلحة مرعبة، لكن أكاذيب بادن وترهاته المتواصلة كانت سببا في انتصاره في تلك الجولة دون أن يُطلق رصاصة واحدة!
بريطانيا تقنع النازيين بإمكانية إشعال المحيط بالنار!
خلال أول عام من الحرب العالمية الثانية، لم تكن الأمور تسير بشكل جيد مع الجيش البريطاني، حيث وُجّهت صفعة قوية للقوات البريطانية من قبل فرنسا في دنكرك. كما تمكنت الزوارق الحربية الألمانية من دك مخازن الطعام وكان الجيش البريطاني في مأزرق كبير، وللخروج من هذا المأزق، كان لا بد من زعزعة القوات الألمانية، وذلك عبر إشاعة تسرب النفط في البحر وأنه لا يمكن لأي جندي إشعال حتى سيجارة وإلا سيُصبح المحيط عبارة عن بركة مشتعلة من اللهب!
كما قامت الاستخبارات البريطانية بنشر القصة في مستشفيات باريس حيث كان الجرحى الألمان يتلقون العلاج، واقتنع الكثيرون أن الإبحار في الساحل سيكون بمثابة تسونامي من النار. وعندما وصلت الإشاعة إلى القيادة النازية العليا، كانت القصة قد نمت إلى ألغام سحرية في البحر، ويبدو أن الخدعة قد سارت بصالح الجيش البريطاني حيث بدأ الجيش الألماني يُغلف زوارقه بالإسبستوس ويُجري تجارب عليها في البحر لتكون ضد النيران!