جوانب من الشخصية الجغرافية للمدينة المنورة
on- 2016-02-26 13:05:17
- 0
- 6958
المدينة المنورة حظيت وما زالت بالكثير من الاهتمام من قبل مختلف المتخصصين في شتى فروع العلم المختلفة ، مما أثرى المكتبة العربية بالكثير من الدراسات والأبحاث عنها خلال النصف الثاني من القرن العشرين .
والبحث الجغرافي عن المدينة المنورة له طابعه المميز ونكهته الخاصة التي تميزه عن غيره من الدراسات، فهو يتناول المدينة كظاهرة حضارية على سطح الأرض الذي نعيش عليه، ويبدو ذلك من خلال الحس الجغرافي الذي يهتم بإبراز العلاقات المكانية بين المدينة وماجاورها من أقاليم، وفي تعليله لاختيار موقعها في موضع دون آخر، إلى جانب اهتمامه بإبراز العلاقات المتشابكة بين نسيج المدينة وتركيبها الوظيفي من خلال تحليل خريطة الاستخدام الأرضي للمدينة.
ومن الطبيعي أن تجذب المدينة المنورة انتباه الجغرافي بما يميزها من تفرد، بين نظائرها في العالم الإسلامي بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة، فهي درة العالم الإسلامي وإحدى مدنه الرئيسة في القرن العشرين. وتعد المدينة المنورة نموذجاً صادقاً للمدينة الإسلامية المخططة التي نمت وفق مخطط رسم لها حياتها منذ أن اتخذها محمد عليه السلام مركزاً لنشر الإسلام، فهي بذلك تختلف عن الكثير من المدن السعودية أو العربية المعاصرة التي لم تشهد سوى إعادة تخطيط لبعض أجزائها أو تخطيط أحياء جديدة
وتتسم المدينة المنورة بشخصيتها الجغرافية المستقلة التي تبرز في أكثر من ملمح من ملامحها الجغرافية، فهي تجمع بين التوجه للصحراء والأرض المقدسة التي تقع عليها، وبين خصائص المناخ الصحراوي والمتوسطي الذي كان من تأثيره عليها أن جعل السنة فيها فصلين صيف وشتاء دون اعتدال بينهما، وفيها يلتقي مجتمعان مجتمع ما قبل عصر النفط ومجتمع ما بعده حيث التطور والازدهار، وهي المدينة العالمية في التركيب السكاني حيث يقطنها إضافة إلى السعوديين معظم الفئات الجنسية الممثلة لأقطار العالم الإسلامي.
جوانب من الشخصية الجغرافية للمدينة المنورة:
للمدن تاريخ هو على وجه التحديد تاريخ مواقعها، والذي ينظر إليه باعتباره تاريخ الحضارة نفسها ويتأثر هذا الموقع بمجموعتين من العوامل إحداها جغرافية والأخرى اقتصادية وترتبط المجموعة الجغرافية بالمنطقة المحيطة بالموقع، بينما ترتبط المجموعة الاقتصادية بالجزء العمراني من الأرض والذي يسمى بالظهير وفيما بينهما يتحدد الموقع.
الموقع الجغرافي:
والمدينة المنورة تقع على خط العرض 38/24 درجة مئوية شمالاً وخط الطول 36/39 درجة شرقاً في منطقة تتوسط العالم الإسلامي أولاً، والإقليم الغربي من المملكة العربية السعودية. والموقع الجغرافي هذا كانت تتغير قيمته وأهميته على مر العصور، فتارة يجعلها تعيش فترة نمو وازدهار والقيام بوظائف جديدة، وتارة أخرى عندما تضعف أهميته يؤدي إلى توقف نمو المدينة وتفقد الكثير من وظائفها، وهذا التدهور لا يطول؛ فكل مدينة تحاول أن تنمو وتستعيد مجدها وهذا يعني أن موقع المدينة المنورة الجغرافي مر بتطور تاريخي طوال القرون الماضية، كانت أهميته تتأرجح بين الإيجابية والسلبية وهذا توضحه الحقائق التالية :
1) من قراءة النصوص التاريخية يمكن القول : إن “المدينة المنورة” ظهرت كمركز عمراني في هذا الموقع خلال الألف الأولى السابقة للميلاد ويقف وراء ذلك : وفرة الموارد المائية وخصوبة الأرض في هذا الموضع “الواحة” إلى جانب أنها كانت إحدى المحطات الرئيسية على طريق القوافل التجاري الدولي القديم (البخور) والذي كان يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الشام ومصر ، أضف إلى ذلك تميزها بالحصانة الطبيعية التي جذبت أصحاب رؤوس الأموال والتجارة إليها في ذلك الوقت مما ساعد على نموها وتطورها على هذا الطريق مما وسع دائرة نفوذها واتصالها بالعالم الخارجي ، حيث الطرق هي التي تصنع المدن ، ونتيجة للأهمية الاستراتيجية التي استحوذ عليها هذا الطريق في عالم التجارة في عصور ما قبل الإسلام ، أصبحت “المدينة المنورة” مركزاً اقتصادياً هاماً تتوفر فيه وسائل الراحة والأمان التي كان ينشدها تجار ذلك الزمان .
2) وبعد توطن الإسلام في المدينة المنورة عام 622م وانتشاره خلال ربع قرن من الزمان تحولت أهمية موقعها من محطة تجارية على الطريق القديم إلى عاصمة سياسية ودينية لدولة مترامية الأطراف تمتد من بلاد فارس شرقاً حتى مصر غرباً واستمر ذلك حتى نهاية العهد الراشدي ؛ ثم أخذت بالانحسار والعزلة عندما أخذت المدينة المنورة تفقد وظائفها السياسية والعسكرية والاقتصادية نتيجة انتقال العاصمة منها إلى الكوفة أولاً ثم دمشق وبغداد ثانياً ، وعادت تمارس وظيفتها القديمة “محطة تجارية” إلى جانب الوظيفة الدينية الأزلية لكونها البقعة المقدسة التي تشد لها الرحال من قبل المسلمين لزيارة مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) .
3) وعلى الرغم من هذه الأهمية المتبقية للمدينة، إلا أن تحول طرق التجارة من المنطقة إلى المحيط الأطلسي أدى إلى انهيار المحطات التجارية وانقطاع صلتها بالعالم الخارجي، ومن بينها المدينة المنورة التي فقدت أهمية موقعها التجاري ولم تعد لها صلة بالعالم إلا من خلال القادمين للحج والزيارة والذين أخذت أعدادهم بالتناقص سنوياً.
4) أعادت الدولة العثمانية إلى موقع المدينة أهميته الاستراتيجية عندما ربطتها ببلاد الشام بخط سكة حديد عام 1801م ، قصر المسافة بينهما إلى أربعة أيام وساعد على انتعاش الأحوال الاقتصادية وسهولة اتصالها بالعالم الخارجي مما جعلها منطقة جذب للمهاجرين من أنحاء العالم الإسلامي ، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد سكانها من 20 ألف نسمة عام 1907 إلى 80 ألف نسمة عام 1914 إلا أن تخريب سكة الحديد من قبل شريف مكة وأتباعه ، إضافة إلى الحرب العالمية الأولى 1914 أدى إلى تضاؤل أهمية الموقع مرة أخرى ودخولها مرحلة جديدة من الركود الاقتصادي والاجتماعي والانزواء داخل أسوارها منقطعة عن العالم واستمرت على هذا الحال حتى قيام المملكة العربية السعودية .
5) ومنذ أوائل النصف الثاني من القرن العشرين بدأت “المدينة المنورة” في العهد السعودي عصراً من النمو والازدهار والتطور ، إلا أن هذا لا يمكن رده إلى تطور أهمية الموقع الجغرافي ، بقدر ما يرد إلى التوظيفات المالية الضخمة لمشاريع تنمية المدينة وذلك بسبب تطور إنتاج البترول والذي انعكست إيراداته المالية على خطط التنمية في جميع أنحاء المملكة .
6) ومن دراسة الخريطة الجغرافية للمنطقة يتضح لنا أن القرب من مكة المكرمة يمثل أهم عناصر موقع المدينة المنورة ، حيث ارتبطت المدينتان معاً منذ بزوغ فجر الإسلام ، وأصبحت المدينة المنورة العاصمة الأولى لدولة الإسلام ، وحلت بذلك محل “مكة المكرمة” التي تقع إلى الجنوب منها والتي كانت لها السيادة السياسية والاقتصادية على شبه الجزيرة العربية قبل هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم) واتخاذه المدينة المنورة مركزاً للدعوة الإسلامية .
7) وهناك عناصر جديدة يمكن إضافتها إلى موقعها النقلي البري والجوي ، ففيما يتعلق بالنقل البري كان من الضروري دائماً توفير وسيلة لنقل الحجاج والمعتمرين إلى مكة التي تبعد عن المدينة مسافة 390 كم ويصدق ذلك منذ كانت الإبل وسيلة الانتقال الرئيسية حتى عصر السيارة . وأما بالنسبة للطيران، فالعوامل الموضعية في طبوغرافية الإقليم الغربي جعلت من مطار المدينة المنورة محور حركة لنقل الحجاج والمعتمرين منذ استخدام الطيران في ذلك. وحيث إن الانتقال بين المدينة ومكة يتطلب وسيلة برية للقادمين بالطائرات، نتج عنه أن أصبحت حركة السيارات بين مكة والمدينة تمثل حلقة هامة في حركة النقل في الإقليم الغربي وذات كثافة عالية جداً خلال موسم الحج.
8) والموقع الجغرافي للمدينة المنورة تحدد في منطقة تلتقي عندها طرق المواصلات التي تربطها بجميع المدن السعودية بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، فهي تبعد عن جدة 425 كم وعن مكة 390 كم وبريدة 590 كم وعن الطائف 530 كم وبذلك تصبح المدينة المنورة للمدن المذكورة ، مركزاً لدائرة يتراوح نصف قطرها ما بين 425-540كم ، وهذه المدن تقع في محيطها ، وتبعد عن العاصمة الرياض 980كم ، ومينائها البحري (ينبع) 240 كم .
وباستخدام طريقة مضغوطة الترابط Matrix Binary Connection وجد أن المدينة المنورة تأتي في المرتبة الأولى بين جميع مدن الدولة من حيث درجة اتصالها (4 نقاط) بينما يكون نصيب كل من مكة وجدة، الطائف، الرياض ثلاث نقاط لكل منها، ونقطتان لبريدة ونقطة واحدة لكل من تبوك والدمام، والواقع أن هذه الطرق لا تصلها بالداخل فقط بل هي محاور حركة تربطها بخارج المملكة حيث أن طريق (المدينة – تبوك) يصلها بالأردن وسوريا – وتركيا ومصر، بل جميع الأقطار الأوروبية والإفريقية.
9) من العناصر الأخرى في موقع المدينة المنورة توسطها الإقليم الغربي من المملكة والذي تميز منذ أقدم العصور بتركز التجمعات السكانية فيه وفي مقدمتها المدينة المنورة التي تشكل مع مكة المكرمة إقليماً من أكثر أقاليم المملكة سكاناً ، بسبب مركزهما الديني الذي جعلهما منطقة جذب للسكان داخلياً وخارجياً ، والمدينة المنورة نتيجة لذلك أصبحت إحدى أكبر المدن السعودية النصف مليونية التي يزيد عدد سكانها عن 600 ألف نسمة وجدة 1.5 مليون ونصف مليون نسمة والرياض 1.6 مليون وستمائة ألف نسمة وهذا يعني أن المدينة يسكنها حوالي واحد على ستة من جملة سكان هذه المدن وأقل من 5% من سكان المملكة البالغين 14 مليون نسمة عام 1992م.
10) وثمة بعد آخر في موقع المدينة المنورة يمكن أن نطلق عليه “البعد الثقافي” فقد مارست وظيفة المركز الثقافي العالمي منذ صدر الإسلام ، حيث كون المسجد النبوي ما يمكن تسميته أول جامعة إسلامية يأتيها المفكرون والعلماء ويسعى إليها المتعلمون ، وما زالت تمارس هذه الوظيفة في عصرنا الحاضر من خلال المسجد النبوي وثلاث جامعات هي : (الجامعة الإسلامية ، وفرعان لجامعة الملك عبد العزيز ، وجامعة الإمام محمد بن سعود ، وكليات التربية التابعة لوزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات) ، ولا ينافسها في ذلك سوى مدن الرياض وجدة ومكة ، الأمر الذي أوصلها إلى مكانة كبيرة بين المدن السعودية ، وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن موقع المدينة المنورة الجغرافي المتوسط جعلها تمارس وظيفتها السياسية على نطاق محلي ، حيث أصبحت عاصمة لولاية أو محافظة وأخيراً منطقة إدارية تحمل اسمها تكون إحدى مناطق المملكة الإدارية الأربعة عشر .
الموضع :
من خلال قراءة وتحليل الدراسات التاريخية والجغرافية للمنطقة يتضح أن المدينة المنورة تكونت في عدة مواضع نمت حولها القرى ، قرب مجاري الأودية أو على الروابي ، أو في أطراف الحرات المحيطة بالواحة . والنواة الأولى لموضع المدينة قرية “العيون” الحالية “أضم” قديماً التي تقع شمال المدينة، والتي سكنت من قبل جماعة من العماليق، ثم تلاهم بالاستيطان مجموعة من القبائل اليهودية في العالية جنوب المدينة حيث سكنوا “قربان” والعوالي، وقبائل عربية “الأوس” في جنوب قباء، وفي الحرة الشرقية وفي الشمال الغربي “يثرب”، وقبيلة الخزرج في وسط المدينة. ومن أبرز هذه القرى والضياع “يثرب” وزهرة وسوق بني قينقاع إلى جانب العديد من القرى الصغيرة والكبيرة في سافلة المدينة وعاليتها.
ولموضع المدينة الطبيعي خصائصه الجغرافية المتعددة، فهي من حيث الشكل العام “واحة صحراوية محاطة بالجبال والجبيلات، وتتداخل فيها الحرات والجماوات، وتتخللها وتدور حولها وتنتهي إليها الوديان والمفيضات والسيول، وتنتشر في منطقتها مساحات مزروعة وأخرى قابلة للزراعة، تبعاً لطبيعة التربة ووفرة الموارد المائية. ومثل هذه الخصائص وغيرها تترابط مع جيولوجية الواحة التي هي جزء من جيولوجية منطقة الدرع العربي إلى جانب أنها تمارس تأثيراتها في تشكيل مورفولوجية المدينة المنورة .
ومن دراسة الخريطة الجيولوجية للمنطقة يتضح لنا أن الموضع الطبيعي للمدينة المنورة يتميز بأنه منطقة معقدة التركيب جيولوجياً وهذا ما توضحه الحقائق التالية :
1) مجموعة الصخور في منطقة المدينة المنورة تعود إلى ما قبل الكمبري ، وعلى مر الزمن تعرضت للتعرية المختلفة ، وغطيت أجزاء منها بالرواسب التي تنتمي لأواخر الزمنين الثالث والرابع الجيولوجية .
2) في التجويف الرباعي تقع معظم المدينة المنورة الذي تحف به من جميع الجهات ما عدا القسم الشمالي تكوينات البازلت Basalt والاندسيت Anddesite والتي تعود لأواخر الزمن الثالث والرابع وتعرف محلياً بالحرات .
3) تكوينات (حلبان) hc-ho الأندسايت القديمة ، وتنتشر في شمال جبل أحد وغرب المدينة ، وهي صخور رسوبية تشتمل على الرخام وتعود إلى ما قبل الكمبري .
4) تكوين الجصة qu ونجده يغطي المنطقة الحوضية من المدينة ، ويتكون من الحصباء والرمل والطين والطفل ، وهي رسوبية حاملة للمياه منتشرة على طول الأودية وفي الأحواض المغلقة التصريف .
5) تكوينات رايوليت شمر ( S.R) Shammar Ryholite ويتثمل وجوده في جبلي أحد وعسير ، وهي عبارة عن سوائل ومقذوفات بركانية ناعمة وبريشيا وأردوز وصلصال .
6) تكوينات الغرانيت ( G.M) وينتشر وجوده في منطقة الجرف وجبال الجماوات وما حولها – وجبل أم سلامه على بعد 17 كم شمال المدينة .
7) التكوينات الثلاثية والرباعية ( qtb) وهي بازلت والاندسايت وتنتشر في أقصى جنوب المدينة حيث “حرة رهط” وتمتد على شكل ذراعين نحو الشمال يعرف الأول “بالحرة الغربية” والثاني بالحرة “الشرقية” .
8) تكوينات الشست السرسايتي والكلورايتي ( S.C) وأصله من الرواسب وصخور السوائل القاعدية ، وينتشر وجوده في غرب وجنوب غرب المدينة المنورة .
يضاف إلى هذه التكوينات مجموعة من الصدوع على هيئة أنصاف دوائر في غرب المدينة مع وجود تمدد من السباخ الملحية ذات الرمل والصلصال التي تكون غير ملائمة للنشاط الزراعي .
التضاريس :
من الناحية التضاريسية تقوم المدينة المنورة فوق بقعة خصبة رسوبية التكوين تحيط بها الحرات من جهاتها الشرقية والجنوبية والغربية ، ويحدها جبل أحد من الشمال ، وجبل عسير في الجنوب الغربي ، ويدين هذا الموضع بأهميته للأنهار القديمة التي كانت تجري إبان العصر المطيري ، والتي أصبحت الآن أودية جافة تنتشر في كل شبه الجزيرة العربية فثمة عدد من الأودية التي كانت تختط مجاريها من منابعها في مرتفعات الحجاز والتي تعبر الواحة في طريقها إلى البحر ، وتعجز عن ذلك أحياناً وأهم الأودية في منطقة المدينة المنورة “وادي قناة” الذي يجري في الشمال والشمال الشرقي ومن الغرب والشمال الغربي “وادي العقيق” وفي الجنوب الغربي “وادي رانوناء” ومن الجنوب والجنوب الشرقي ، يجري واديا “مذينب – ومهزور” والثلاثة الأودية الأخيرة ترفد “وادي بطحان” الذي كان يمر وسط المنطقة السكنية ، ويلتقي بوادي العقيق ووادي قناة في منطقة العيون شمال المدينة حيث يبدأ “وادي الحمض” الذي يلتقي بوادي نعمان شمال جبل أحد ، ويستمر وادي الحمض في مسيرته باتجاه شمالي غربي حتى يصب في البحر الأحمر جنوب ميناء الوجه .
على مقربة من المسجد النبوي بحوالي 500م شمال غربي المسجد وطوله حوالي واحد كم وعرضه يتراوح ما بين 300-800م وارتفاعه حوالي 80م .
* سليع شمال شرقي جبل سلع .
* الغرين الفوقاني .
* الغرين التحتاني .
* الدويخل وينتشر على جانبي شارع سلطانه .
*جبل الأصفرين – في الحرة الغربية.
*جبال الجماوات الثلاث (تضارع، أم خالد، العاقر) وتقع على ضفة العقيق الغربية.
*وأما بالنسبة للحرات (اللابات lava) فالمدينة المنورة تقع في الطرف الشمالي من حرة رهيط، وتعرف في المدينة بالحرة الشرقية (واقم) والحرة الغربية (الوبرة) والحرة الجنوبية (شورال) وهذه الحرات تتداخل مع المنطقة السكنية، وكانت بعض أجزائها مواضع لقرى مدنية قديمة اتصلت مبانيها الآن مع مباني المدينة الحديثة، وهو ما يشاهد اليوم في أحياء “قباء” والعاقول.. الدخل المحدود، الحزام ” وجميعها تتميز بوجود الشقوق والانكسارات التي تجري خلالها الأودية.
التربة :
ومن دراسة تكوينات التربة : تحت المدينة المنورة يمـكن تمييز الأنماط الرئيسية التالية :
* منطقة ذات تربة صلصالية ثقيلة ، وهي تمتد في نطاق يغطي حوالي 2000 هكتار من مناطق قباء والعوالي وقربان .
* مناطق ذات تربة صلصالية خفيفة ، تغطي ما يزيد على 400 هكتار من مناطق العيون – وسيد الشهداء شمال المدينة ، وتعتبر ملائمة للزراعة لاحتوائها على بعض الطفل
* تربة قرينية وينتشر وجودها على ضفاف وبطون الأودية ، وتتميز بتجدد خصوبتها مع كل فصل ممطر إلا أنها مهددة بالانجراف بسبب السيول التي تحدث في فصول المطر الغزيرة ، ويتم نقلها من الأودية إلى المناطق البعيدة عنها لاستصلاح مزارعهم .
* التربة الرملية – والتي يتركز وجودها في غرب المدينة (آبار علي) وشمالها الغربي (الجرف)، وهي غير قابلة للزراعة لعدم توفر الطمي والطفل فيها وشدة مسامها التي تؤدي إلى تسرب الماء بعيداً عن جذور النباتات وتغطي مساحة تزيد على 380 هكتاراً
* السبخة : ويتركز وجودها في المنطقة الواقعة بين شمال جبل سلع وجنوبي منطقة العيون ، وتكونت هنا نتيجة لانخفاض الموضع حيث تجمع مياه الأمطار ثم تنجرف تاركة الأملاح على سطحها مما يجعلها غير صالحة للزراعة ، وتغطي ما يزيد على 800 هكتار ، وكانت تشكل في السنوات الماضية حاجزاً أمام التوسع العمراني .
المناخ :
وينبغي الإشارة إلى بعض الخصائص المناخية التي تكون عنصراً له أهميته في موضع المدينة المنورة وسمة لشخصيتها الجغرافية ، حيث ترتب على موقعه الذي تحتله أن أصبحت مدينة مدارية حارة تخضع لتأثيرات إقليم البحر المتوسط في الشمال والإقليم الموسمي في الجنوب ، إلى جانب موضع المدينة المحاط بالحرات والجبال باستثناء شمالها ، إضافة إلى ارتفاعها عن مستوى سطح البحر ما بين 590-620م ، وبعدها عن المسطحات المائية (البحر الأحمر 240كم) ، مما أضفى عليها ملامح مميزة تظهر في عناصر المناخ المختلفة للمنطقة .
فالمتوسط السنوي لدرجات الحرارة يبلغ 27.8 درجة مئوية بينما يكون متوسط حرارة يوليو حوالي 35.5 درجة مئوية وينخفض إلى 17.5 درجة مئوية.ي يناير، أي أن المدى الحراري السنوي 13.7 درجة مئوية ، أما معدل الدرجات العظمى فيسجل في يوليو حوالي 42 درجة مئوية يقابله معدل الدرجات الصغرى في يناير الذي يهبط إلى 11.5 درجة مئوية.
والدرجات القياسية تفوق ذلك كثيراً، فقد سجلت في شهر يوليو 1987 حوالي 48 درجة مئوية وبصفة عامة فإن الشهور من ابريل إلى أكتوبر كثيراً ما تسجل بها درجات الحرارة ما يزيد على 40 درجة مئوية. والمعدل السنوي لعدد الأيام التي تنخفض فيها الحرارة إلى أقل من 15 درجة مئوية خمسة وثلاثون يوماً في حين أن معدل الأيام التي تتجاوز حرارتها 40 درجة مئوية يبلغ ثمانين يوماً علماً بأن معدل الأيام التي تزيد الحرارة فيها على 20 درجة مئوية يغطي معظم أشهر السنة.
ونتيجة لهذا الموقع المرتبط بظروف المناخ الصحراوي من صفاء السماء وعدم وجود غطاء نباتي كثيف يضاف إلى ذلك البعد عن البحر وعدم وجود مسطحات مائية أخرى قريبة، أصبحت الرطوبة النسبة منخفضة في المدينة المنورة طوال العام .
ومن دراسة البيانات المتاحة عن الحرارة والرطوبة، وجد أن هناك تناسباً عكسياً مع درجة الحرارة وبنسبة الرطوبة، فيلاحظ أن نسبة الرطوبة تزداد في فصل الشتاء وتنخفض في فصل الصيف، وهي تتراوح في فصل الشتاء ما بين 45-60% وإن كانت تصل أحياناً إلى 55% في أشهر يناير وفبراير ونوفمبر وديسمبر بينما تتدنى إلى أقل من 5% في يونيو ويوليو .
أما من حيث الأمطار :على منطقة المدينة المنورة فلكونها مدينة صحراوية حارة تمر عليها أعوام لا تسقط فيها الأمطار ، إلا أنها تشهد في أحد الأعوام أو الأيام أمطاراً غزيرة وسيولاً جارفة كانت تسبب لها الكثير من الكوارث والخسائر وخاصة عندما كان وادي بطحان يجري داخل المنطقة العمرانية لأن المدينة في ذلك الوقت كانت غير مهيأة للوقاية من هذه الأخطار ، وقد كانت الأمطار حتى وقت قريب مصدراً رئيساً لمياه الشرب في المدينة .
وعلى الرغم من الطبيعة الصحراوية للمنطقة في عدم انتظام المطر من حيث الكمية أو شهر التساقط ، فإنها تخضع في سقوطها للنظام المتوسطي والشتوي وهي على العموم قليلة ويصل معدلها السنوي إلى حوالي 43 ملم .
وتتعرض المدينة للأمطار في الفترة من أكتوبر حتى ديسمبر حيث يتراوح المعدل ما بين أقل من واحد إلى أكثر من 2 ملم وتكثر في مارس 29 ملم ونادراً ما تسقط الأمطار في فصل الصيف. إلا أن هناك بعض السنوات التي تسقط فيها أمطار ذات معدلات عالية جداً كما سجل في أعوام 1963، 1971 حوالي 83، 105 ملم على التوالي، وهذا من خصائص الأمطار السيلية في المناطق الصحراوية.
والضغط الجوي: في منطقة المدينة المنورة نادراً ما يقل عن 950 مليبار خلال أشهر يناير وفبراير ومارس، ويبلغ حده الأدنى في فصل الصيف ما بين 932-935 مليبار، ونتيجة للاختلاف هذا البسيط في مقدار الضغط الجوي خلال فصول السنة تكون الرياح دائماً هادئة وتتراوح سرعتها ما بين 5-10 عقدة / الساعة، حيث الرياح الشديدة السرعة نادرة في المدينة المنورة حيث أعلى سرعة سجلت للرياح أكثر من 50 عقدة / الساعة بينما لم يزد معدل السرعة خلال الفترة 1981-1991 عن 30 عقدة / الساعة .
الرياح السائدة في المدينة المنورة هي الرياح الشمالية الغربية، والغربية والجنوبية الغربية معظم أشهر السنة لفترة تتراوح ما بين 6-10 شهور تبدأ من فبراير حتى أغسطس. وعلى الرغم من سيطرة الأنواع الثلاثة فإنها تختل في بعض فصول السنة عندما تتسرب إلى المنطقة الرياح الشمالية الشرقية والشرقية، والجنوبية الشرقية والتي تحمل معها مؤثرات صحراوية حارة وتهب عبر سطح نجد عابرة الدهناء والنفود وعلى فترات غير منتظمة جالبة معها إلى المدينة العواصف الرملية المزعجة، والصيف لا يتميز بالهدوء بل قد تشتد فيه حركة الرياح فجأة نتيجة لتصارع الكتل الهوائية حيث يثار الغبار والرمال، وهذه العواصف تحدث بمعدل 1-5 أيام في السنة مقابل 150-170 يوماً في الرياض .
موارد مياه المدينة المنورة :
عرفنا أن منطقة المدينة المنورة تخضع لظروف الجفاف الشديد الذي اختفت معه ظاهرة الأنهار ذات الجريان الدائم أو الفصلي ، حيث تظل أودية المنطقة جافة طوال العام إلا عندما تتساقط الأمطار يحدث جريان مؤقت مصحوب بتعرية للأجزاء العليا من أودية المدينة يقابلها عملية إرساب في الأجزاء الدنيا من هذه الأودية إلا أن كميات المياه المختزنة تكون منخفضة ، ويرد هذا إلى ضعف استيعاب هذه الطبقات ، وندرة الأمطار الساقطة على المنطقة مما يجعل المخزون عرضة للنفاد دون أن يكون هناك تعويض .
ونتج عن ذلك أن أصبحت المدينة المنورة من المناطق التي تشكو من قلة المياه وفي بعض أجزائها لا تشكو من قلة المياه وإنما من سوء نوعيتها وعدم ملاءمتها لكل الاحتياجات .
وأوضحت الدراسات الهيدرولوجية التي أجريت على المياه في أحواض التصريف “أن مياه السيول تتصف بغزارة التصريف حيث لا تدوم أكثر من بعض ساعات، وعلى الرغم من ضآلة الأمطار إلا أنها تتجمع في الأودية التي تقطع أو تحيط بالمنطقة ومن أهمها، قناه، العقيق، بطحان الذي كان مجراه يجتاح المنطقة السكنية من الجنوب إلى الشمال .
ومياه الشرب : كانت آخر المشاكل التي كانت تواجه سكان المدينة حتى أوائل الربع الأخير من هذا القرن (20 الميلادي) ، وكانت مياه الأمطار مصدراً لشرب السكان والحجاج والمعتمرين الذين يفدون إليها ويمكثون بعض الوقت حيث كان في كل منزل تقريباً صهريج يملأ من مياه الأمطار ، أو يتم نقل المياه إليه من البرك التي تتكون خارج المدينة ، إضافة إلى ذلك كانت توجد آبار في معظم المنازل حيث تستخدم مياهها في الغسيل والاستحمام ، أما مياه الشرب فتجلب من آبــار مخصصة لذلك تقع في جنوب المدينة حيث المياه العذبة .
واعتمد سكان المدينة المنورة على “مياه العيون” وهذا المورد معروف في المنطقة من قبل العصر الإسلامي، وقد مر استخدامه بفترات من الازدهار والركود والجمود، وبلغ أوجه في العهد العثماني حيث بلغ عددها في المدينة المنورة في ذلك الوقت نحو (44) أربعاً وأربعين عيناً متركزة في منطقة العيون شمال المدنية. وكان لهذه العيون قنوات تمد مزارع النخيل بالمياه حسب اتفاقات معينة بين المستفيدين منها .
وكانت بداية تدهورها عام 1355هـ/1935م بسبب سيل وادي العقيق الجارف المدمر، والذي رافقه زيادة في نزح مياه الآبار بواسطة الطلمبات مما أصاب منابع الآبار بالضعف والنضوب وتوقفت نهائياً مما نتج عنه دمار لعدد من مزارع منطقة العيون التي أخذت بالتحول التدريجي إلى منطقة عمرانية سكنية .
وقد جرت عدة محاولات خلال العقود المنصرمة لحل مشكلة المياه في المدينة عن طريق الاستفادة من مصادر المياه الجوفية، وأول هذه المحاولات كانت على يد معاوية بن أبي سفيان عام 51هـ، ونفذها عامله على المدينة مروان بن الحكم الأموي الذي اشتهر بزرقة عينه فسميت “بالعين الزرقاء” والتي أخذت تنمو وتتطور على يد السلطات المتعددة التي مرت على حكم المدينة المنورة حتى أواخر العهد العثماني 1332هـ حيث تم نقل المياه إلى الأحياء عبر الشوارع حيث يتم توزيعها بواسطة (الكباسات) أو الحنفيات، وتعتبر بداية لتوصيل شبكة المياه إلى المنازل والدوائر الحكومية .
وعندما تولت الأمور في المدينة المنورة “الحكومة السعودية” وضعت نصب عينيها موضوع حل مشكلة المياه في المدينة من خلال قيام وزارة الزراعة السعوية بالاستفادة من مياه الأمطار عن طريق إقامة مجموعة من السدود على الأودية التي تجري في منطقة المدينة بهدف تخزين المياه لتساعد على رفع منسوب مياه الآبار إلى جانب الاستفادة منها في الشرب والزراعة ومن أهم تلك السدود “العاقول – الغابة – عروة – بطحان” .
يضاف إلى ذلك القيام بالبحث عن مواقع للمياه جديدة، والإكثار من حفر الآبار، ومد شبكة المياه إلى جميع منازل المدينة، إلا أن الآبار التي كانت تعتمد عليها العين الزرقاء أخذت بالنضوب مما جعل المدينة تعاني من نقص المياه شأنها شأن مناطق المملكة الأخرى، ويتمثل في نضوب عدد مواردها المائية وعدم كفايتها للأغراض الاقتصادية، وقد ترتب على نمو المدينة عمرانياً وسكانياً بمعدلات عالية في السنوات الأخيرة حيث تزايدت حاجتها للمياه وتضاعفت معدلات استهلاكها خاصة في أشهر الحج التي يقفز فيها عدد السكان إلى أكثر من مليون نسمة، وكان من نتائج ذلك انخفاض منسوب المياه الجوفية، الأمر الذي دفع الجهات المختصة للبحث عن مصادر جديدة للمياه لتزويد المدينة المنورة بها واستقر الرأي على جلب المياه بعد تحليتها من البحر الأحمر .
والمصادر الحالية للمياه التي تسقى منها المدينة المنورة هي :
* الآبار وعددها 10 في منطقة قباء ، 20 بئراً شرق قباء في حرة رهط ، وتضخ منها المياه إلى خزانات ينقل ماؤها إلى المدينة بواسطة الأنابيب ويقدر إنتاجها يومياً ما بين 20-30 ألف متر مكعب
* محطة تحلية مياه البحر وأسوة بمدن الساحل السعودي الغربي تم إنشاء محطة لتحلية مياه البحر شمال مدينة ينبع (41كم). وانتهت المرحلة الأولى في مطلع 1980م وبطاقة إنتاجية قدرها 25 مليون جالون و200 ميجاوات كهرباء للمدينة المنورة في حين يستهلك باقي الكمية في مدينة ينبع البحر، وينقل الماء إلى المدينة بواسطة أنابيب سعتها 32 بوصة وطولها 176 كم عابرة جبال السروات في ارتفاعات متباينة يصل متوسطها إلى 800 متر فوق سطح البحر.