سلسلة مبادرة لا نهضة الا بالصناعة 20 - "الحل السحري للبطالة"
- بقلم أ.د.محمد أحمد بصنوي
- 08/09/2018
في البداية يعرف رائد الأعمال بأنه الشخص الذي لديه القدرة على تحويل فكرة ما إلى ابتكار تجاري ناجح، فريادة الأعمال تعمل في كل مجتمع على حل مشاكله من خلال فكر جديد قابل للتطبيق، والفترة الأخيرة شهدت تسابقا من كل دول العالم على تحفيز ريادة الأعمال نظرا لدورها الكبير في دعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل بمقابل مرتفع.
إن تأثير ريادة الأعمال على اقتصاد الدول لا يمكن توقعه، فعندما تحاول خلق أو ابتكار شيء جديد على هذا العالم فإن سوقه لا يكون معروفا، فعلى سبيل المثال قبل ظهور الانترنت، لم يكن أحد يعرف مدى قدرته على التأثير في سلوك كل فرد، ومدى توفيره لسوق كبير لعرض السلع والمنتجات.
إذا كانت الحكومة ترغب في إيجاد حل سهل وسريع للقضاء على البطالة التي تجاوزت الـ12% وفقا للهيئة العامة للإحصاء، فقد أثبتت التجربة أن ريادة الأعمال هي الحل الأمثل للتخلص من البطالة، وهنا نذكر استعانة دول مثل إسبانيا واليونان بريادة الأعمال للحد من معدلات البطالة لديهم التي وصلت لـ 40% من الشباب، ووفقا لاستقصاء المنتدى الاقتصادي العالمي لريادة أعمال الشباب وخلق فرص العمل لعام 2015، فإن 47% من رواد الأعمال و77% من قادة رواد الأعمال في العالم يخططون لزيادة حجم قوتهم العاملة مقارنة بنسبة 29% من الشركات الكبيرة، ما يجعل ريادة الأعمال أكثر جاذبية للحكومات للتخلص من البطالة.
إن تكلفة مشروع ضخم يصل حجمه لمليارات الدولارات بفضل ريادة الأعمال قد تكون شيئا لا يذكر، وتقف عند مجرد إنشاء تطبيق على الهاتف الذكي «الموبايل الأندوريد»، فلك أن تعلم فكرة إنشاء شركة «أوبر» جاءت للمؤسسين ترافيس كالانيك، وجاريت كامب عندما لم يجدا سيارة أجرة لتقلهما، ومن هنا انطلقت فكرة تصميم تطبيق يسمح للمستخدم بطلب سيارة بضغطة زر، لتتأسس الشركة في العام 2009 بالولايات المتحدة الأمريكية، وتوسعت بشكل سريع في نحو 70 دولة ونحو 450 مدينة حول العالم، وقد جمعت الشركة منذ تأسيسها أكثر من 11 مليار دولار، وهو أكبر مبلغ تجمعه شركة ناشئة لتعيد كتابة مفهوم النقل العام. فخلال شهر فقط استثمرت تويوتا في أوبر، بقيمة تقدرها بعض الجهات بـ 100 مليون دولار.
ليس هذا فحسب، فهناك الكثير من مشاريع ريادة الأعمال الناجحة التي قامت بتوفير المليارات، فشركة «سورتراك» الناشئة قامت بابتكار إشارات المرور الذكية لحل التحدي الصعب المتمثل في شبكات الطرق المزدحمة باستمرار، وحتى الآن خفضت تلك الإشارات وقت السفر بنسبة 25%، وحدت من ازدحام حركة المرور بنسبة 40% باستخدام أجهزة استشعار الرادار والكاميرات في كل إشارة للتعرف على حركة المرور، وإذا كانت التقديرات تشير إلى أن الاختناقات المرورية تكلف الولايات المتحدة وحدها عشرات المليارات، وتولد نحو 25 مليار كجم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فلك أن تتخيل حجم ما وفرته فكرة الإشارات الذكية بمجرد أنها خفضت زمن الرحلة وبالتالي إلى توفير الربع من الأموال، فضلا عن تقليل تلوث البيئة.
يعاني أصحاب تلك المشروعات لدينا من الإجراءات الحكومية المعقدة التي تقف حائلا أمام نجاح شركاتهم وتحقيق هدفهم، مما يؤدي إلى رحيل الكثير منهم للخارج وتنفيذ مشاريعهم بالخارج، لذلك هناك ضرورة لتذليل أي عقبات تقف أمام الشباب والعمل على تثقيفهم بريادة الأعمال، وتوفير التمويل لهم، خاصة أن معظم هذه المشروعات لا تحتاج إلى أموال كثيرة، ورغم ذلك تحقق أرباحا هائلة، وقد يتخذ التمويل شكل منح أو قروض ميسرة أو أي آليات تمويل أخرى. وإعطاء الأولوية للمشاريع ذات الابتكار أو القيمة العالية، خاصة التي توفر فرص عمل كبيرة وإنتاجية كبيرة.
وأخيرا فإن ريادة الأعمال تفتح لنا الباب للمشاركة بقوة في الاقتصاد العالمي، وتفتح لنا الباب لزيادة دخل البلاد بشكل كبير، خلاف أنها تعتبر حلا سحريا وسريعا للقضاء على البطالة، خاصة أنها لا تحتاج إلى تكنولوجيا معقدة سبقتنا بها الدول المتقدمة بعشرات السنوات، ونحن في حاجة بأسرع وقت لتنويع مصدر الدخل، ولكنها من الممكن أن تكون مجرد فكرة تطبيق على الهاتف الذكي تدر علينا عشرات المليارات من الدولارات مثل «أوبر».
لا تتوفر تعليقات بالوقت الحالي