حكم المماطلة في سداد الدين
on- 2015-12-27 11:07:38
- 0
- 13609
ما حكم مماطلة سداد الدين للأشخاص ؟ علما ان تأخره بسداد دينه المستحق قد عاد بالضرر على الدائن.
كما ان المدين لديه اعمال و أملاك يستطيع ان يبيعها لسداد دينه.
يحرم على المسلم أن يماطل أو يتأخر في سداد الدين الثابت في ذمته وهذه من الذنوب العظيمة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو داخل في ظلم الأموال وقد عدها بعض أهل العلم من الكبائر ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مطل الغني ظلم فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع). متفق عليه. وقد نص الفقهاء على أن المماطل فاسق ترد شهادته لظلمه وتهاونه بالحقوق.
وهذا التصرف من المدين يحل للدائن أن يشتكيه عند الحاكم ويحل للحاكم حبسه حتى يوفيه دينه لأنه ظلمه في ماله لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته). رواه أبوداود. وإذا لم يجد سبيلا عليه أبيح له أن يدعو عليه لأنه مظلوم والشارع جعل للمظلوم دعوة مستجابة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب). متفق عليه.
والمماطل المذموم شرعا والمستحق للتعزير في الدنيا والعقوبة في الآخرة هو الغني القادر على الوفاء بماله أما المعسر الذي لا يجد مالا ولا يستطيع الوفاء فمعذور شرعا ولا يحل شكايته ويجب إنظاره لأنه معذور ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولذلك قال الله عز وجل: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ).
والمماطل الغني إذا امتنع من القضاء بعد مطالبة الدائن يجب على الحاكم أن يستوفي ديون الناس من أمواله ولو ببيع عقاراته وأصوله لأن حقوق الآخرين لا تسقط إلا بالوفاء ولأنه في حكم الغاصب يجب استخلاص المغصوب من ماله.
وينبغي للمؤمن أن يتخلص من حقوق المسلمين في الدنيا ويوفيهم أموالهم قبل أن يقتصوا منه يوم القيامة فيأخذوا من حسناته فإن نفدت طرحوا عليه سيئاتهم كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه). رواه البخاري. والمماطل إن نجا من عقوبة الدنيا فلن ينجو من عقوية الآخرة وهذا يدل على خطورة الموقف وعظم الحساب فليحذر المؤمن من هذا الأمر أشد الحذر وليحترس.
ومن المؤسف أن ترى تساهل الرجل الصالح في حقوق الناس مع حرصه على أداء الفرائض وهذا من قلة الفقه والورع وضعف المروئة لأن حقوق الله مبناها على المسامحة وحقوق الخلق مبناها على المشاحة ولا تسقط إلا بالوفاء ولذلك شدد الشارع الحكيم في أمر الدين وعدم سقوطه من ذمة الشهيد مع أنه جاد بنفسه وماله كما في صحيح مسلم: (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين).
ولما توسع الناس وتساهلوا في قضاء الديون وضيعوا حقوق الأغنياء أغلق عليهم باب القرض الحسن وصاروا في شدة وضيق تحت وطأة البنوك الجشعة التي لا ترحم مؤمنا ولا تساهم في تكافل المجتمع.