مدينة الحرجه : عبق الماضي ، وإشراقة الحاضر
on- 2015-03-06 16:16:19
- 0
- 27725
* مدينة الحرجه في منطقة عسير :
الحرجه منطقة تغازل اهداب التنمية تنام على إغفائها حلم وتصحو على واقع اجمل عروس فوق قمم الجبال تتلحف رداء التنمية وترنو إلى غد باهر .
تقع منطقة الحرجة بين سلسلة من الجبال وعلى ارتفاع وسطي عن سطح البحر يقدر بـ (2300 م) مما يجعلها ذات طقس معتدل صيفاً قادر على جلب السياحة والاصطياف، يتوسطها الطريق الدولي السريع القادم شمالاً من خميس مشيط مروراً بأحد رفيدة وسراة عبيدة باتجاه محافظة ظهران الجنوب ونجران. وهو الطريق الرابط بين المملكة العربية السعودية وجمهورية اليمن الشقيقة. وتتبع إداريا لمحافظة ظهران الجنوب.
وتقع جغرافياً على جنوب خط عرض (18 درجة) وشرق خط طول (43 درجة) وتشغل الحرجة مساحة تقدر بـ (1634 كم2). يحدها من الشمال مركز العرقين التابع لمحافظة سراة عبيدة ومن الجنوب ظهران الجنوب ومن الشرق مركز الفيض التابع للحرجه ومن الغرب مركز الجوه التابع لمحافظة سراة عبيدة وتتوزع البلدات والقرى التابعة لها بدائرة قطرها (50 كم) ويقدر عدد التجمعات السكانية بـمايزيد عن 300 تجمع وبعدد سكان يقارب ال ٥٠ الف نسمة .
* المراكز والهجر والقرى التابعة لمدينة الحرجه :
مدينة الحرجه هي مركز كبير وتتبع لها العديد من المراكز المجاورة في الكثير من الخدمات البلدية والصحية والأمنية وغيرها وهي مراكز ( الفيض - الرفغه - النعضا - الغول )
وفي الحرجه العديد من البلدات الكبيرة مثل ( الحرجه البلد - الرجمة - راحة سنحان - راحة شريف - وادي سروم - وادي يعوض )
يتبع لمركز الحرجة قرى كثيرة منهــــــــــا على سليل المثال ( ال مسلم – العوران - وادي الحوط - شراقب – قرية ال الحمرا – مضارح – محلاة – ضيسر – وادي بن لكرم – الهفلان - البصرة – قرية ال مونس بني هاجر - سروم –جناب – المجمع- السميكة – ال حيان – الرفغة – القصب – حمران – دهر – الحضيرة – الزرايب – خبت ال سلمان – ال سيف – الخشناء – الوقيرة – يعوض – العُقدة - وادي عبدالرحمن – الكولة –القراوات – الصمعة - الغول – الدافعة – المنشر )
كما أن مدينة الحرجة تقطن فيها غالبية قبائل قحطان مثل (شريف - الحباب - سنحان - عبيده ) كما أن مدينة الحرجة يوجد بها أعرق سوق في بلاد قحطان وأحد شهر أسوق شبه الجزيرة العربية وهو سوق الإثنين وقد كان في حماية قبيلة ال سريع شريف ويوجد فيها أيضا قلعة القاهرة وقلعة الحوط في راحة شريف والتي بناها شيخ قبائل جنب بن سعد قحطان في القرن التاسع الهجري الشيخ الفارس الأمير / عامر بن زياد القادري الشريفي.
* أشهر الأودية في مدينة الحرجه :
كما انه يوجد بها عدة اودية على سبيل المثال لا الحصر :
- وادي راحة :
ويعتبر أكبر الأودية في مدينة الحرجة، وترفده أودية كثيرة، ويتجه من الجنوب إلى الشمال الشرقي، وينبع وادي راحة من شيبة مسورة وجبال تهامة ال مقرح ، كما أنه يسمى أعلاه راحة سنحان، ثم راحة شُرَيف، ثم تتغير مسمياته بحسب القرى والأماكن التي يمر بها، حتى يصب في وادي تثليث.
- وادي يعوض :
وهو من الأودية الكبيرة في مركز الحرجة، ويبدأ الوادي من منطقة تسمى (العادية) خلف قرية العُقده، ثم ينحدر الوادي باتجاه الشرق حتى يلتقي مع وادي راحة في مكان يقال له المحشرة في مضارح.
- وادي محلاه :
وهو من الأودية الكبيرة التي تصب في راحة شُريَف من الغرب ومن الأودية التي تصب فيه وادي الخنق، ووادي المدرة، والرفاصة، والسفح، والخرارة، والنقاح، والمعسل ووادي عجام.
- وادي العجماء :
وهو من روافد وادي راحة ويصب في وادي راحة شُرَيف من الشرق.
- وادي ضيسر :
وهو من الأودية الكبيرة التي تصب في وادي راحة شُرَيف من الغرب, وتصب في وادي ضيسر وادي العسيلة، ووادي قاعس، والوقبة، وحضن العرايس، وأودية أخرى تصب فيه من جبل أبا الصبر وجبل جوعان.
بلدة الحرجه : بفتح المهملتين والجيم ، بلدة قديمة بنيت قبل ألف وسبعمائة سنة تقريبا ، تقع في تقاطع خطي الطول ( ٢٢،٤٣ ) شرقا ، والعرض ( ٥٥،١٧ ) شمالا ، وتتبع لإمارة منطقة عسير ، وتبعد عن مدينة ظهران الجنوب شمالا بـ ( ٣٠ ) كيلا ، يمر منها طريق أبها نجران ، وترتفع عن سطح البحر الأحمر بـ ( ٢٣٨٦ ) مترا تقريبا .
المصدر : كتاب ( تاريخ قبيلة القضاه - قحطان ) للدكتور عمر بن غرامة العمروي .
* الحرجه في كتاب " إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر " للمؤلف شعيب بن عبدالحميد الدوسري :
(( الحرجه وهي بلدة من بلدان شريف ، وكانت فيها قلعة لبني رسول اسمها " القاهرة " وقد دمرها العسيريون في اثناء صدامهم مع قوات بني رسول في النصف الثاني من القرن السابع على يد الامير صقر بن حسان . وفي الحرجه حدثت المعركة بين إمام اليمن مجد الدين الرسي وبين محمد بن علي بن المهدي ، وقد تمكن ابن المهدي من قتل الرسي وتمزيق جيشه الامر الذي جعل معز الدين الرسي خليفة مجد الدين في ان يسرع بجموع كبيرة ، ويلتقي مع ابن المهدي ويقتله في نهاية عام ٩٤٢ هجري . ص ١٠٧
* الحرجه في قاموس اللغة العربية :
هذه الجزئية مصدرها كتاب ( الحرجه تاريخ وحضارة " قيد الطباعة والنشر " ) للأستاذ مانع بن دليم الملاطي
الحرجة بفتح الحاء المهمله والراء والجيم واخرها هاء، وهي من حَرَجَ وتجمع على حرجات، وكلمة الحرجة تدل على عدة معانٍ في اللغة، فهي اسم لمجتمع الشجر التي لا تصل اليه الاكلة، وهي الجماعة من الإبل، وهي الطريق أو بعضه فقد يقال ركب فلان الحرجة أي الطريق أو بعضه، قال ابن فارس حرج الحاء والراء والجيم أصل واحد، وهو معظم الباب إليه ومرجع فروعه، وذلك تجمع الشيء وضيقه، فمنه الحرج جمع حرجة وهو مجتمع شجر ويقال في الجمع حرجات.
وقال ابن منظور في لسان العرب (الحرجة : الفيضة لضيقها وقيل الشجر الملتف، وهي أيضاً الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها الأكلة وهي ما رعى من المال والجمع من ذلك حرج وأحراج وحَرَجَات)
قال الشاعر : أيا حرجات الحي حين تحملـوا... بذي سلمٍ لا جاركن ربيعُ
قال رؤبة (عاذا بكم من سنةِ مسحاج شهباء تلقي ورق الحراج)
وهي المحاريج وقيل الحرجة تكون من الطلح والسمر والعوسج، والسلم والسدر
وقيل ما اجتمع من السدر والزيتون وسائر الشجر، وقيل هي موضع من الغيضة تلتف فيه شجيرات قدر رميه حجرٍ
قال أبو زيد : (سميت بذلك لالتفافه وضيق المسالك فيها)
وقال الجوهري: (الحرجة مجتمع الشجر)
وقال الهيثم: (الحِراج غياض من شجر السلم ملتفة لا يقدر أحد أن ينفذ فيها)
قال العجاج: عاين حياً كالحِراج نعمة ,,, يكون أقصى شبلة محرجمة
وفي حديث حنين : حتى تركوه في حرجه.
بالفتح والتحريك وتعني مجتمع شجر ملتف كالغيضة.
وفي حديث معاذ بن عمرو : " نظرت إلى أبي جهل في مثل الحرجة وغضاه "
وذكر صاحب المعجم الوسيط (أن الحرجة غيضة الشجر الملتفه لا يقدر أحد أن ينفذ فيها، والشجر بين الأشجار لا تصل إليه الأكله)
أما الفيروز أبادي في القاموس المحيط فقد قال (الحرج محركة المكان الضيق الكثير الشجر)
وقال العلامة جرمانوس فرحات (الحرج محركة والحراج بفتح فكير المكان الضيق الكثير الشجر)
* سبب تسمية الحرجه وتاريخ إنشائها :
كان اسم الحرجة في الماضي يطلق على إحدى قرى مدينة الحرجة الحالية وما لبث أن امتد الاسم حتى شمل بقعة واسعة من الأرض بها ما يزيد على 300 قرية وهجره ويسكنها العديد من قبائل قحطان ، من المؤكد بأن الحرجه قامت على أنقاض راحة شريف ولا اتفق مع الروايات المتناقلة بين المحدثين أن الحرجه كانت تسمَى القاهرة - نسبة إلى قلعة القاهرة ومنطقيا وتاريخيا فالحرجة قامت على انقاض راحة شريف التاريخيه وهي جزء منها وما لبثت ان تطورت لتصبح شهرتها تفوق شهرة راحة شريف ولأن الحرجه كانت بلدة صغيرة مقارنة براحة شريف التي تشمل مساحة واسعة
أمَا ما ورد لدى الكتاب القدامى الذين زاروا المنطقة فهو لا يتعدى إرهاصات ذكروا فيها بعض القرى القريبة من الحرجة كراحة بني شُرَيف وسروم، وأماكن أخرى لا تقل أهمية عن الأماكن السابقة وإن كنت لا أستبعد أن راحة بني شُرَيف التي تكرر ذكرها في العديد من الكتب هي مدينة الحرجة الحالية، إذ أن راحة بني شُرَيف قريبة جداً من الحرجة وإن كنت كذلك لا استبعد قيام حضارة في المكانيين السابقين واتساع شهرة أحدهما على حساب الآخر .
امَّا عن الزمن الذي أنشئت فيه الحرجة فهو زمن قديم، ولم يتم العثور على ما يدل على زمن قيامها سوى ماذكر الأستاذ هاشم بن سعيد النعمي في حديثه عن الحرجه في كتابه ( تاريخ عسير الماضي والحاضر ) حين قال " يبدو أن الحرجة من أقدم القرى عمراناً في هذه المنطقة، حيث يوجد فيها مساكن ذات طابع قديم، وقد تجولت في حيها القديم المهجور, فشاهدت بيوتاً كثيرة قد هجرها أهلها وانتقلوا إلى مساكن أنشئت على الطراز الحديث، وأغلب المساكن بناؤها بالطين المعجون، ولكنه غاية في الفن القديم, برقفها المصفوف، ونوافذها المنسقة، وسطوحها المستقبلة للشمس عند طلوعها، وقد خُصصت لتستقبل الشمس بحيث تسمح لقدر من أشعة الشمس بالدخول إلى الغرف الداخلية للمسكن) مما سبق يتضح لنا وصف دقيق لقرية الحرجة من حيث عمرانها وطريقة بنائها.
أمَّا عدد أدوار القرية فإنه يتراوح بين أربعة إلى خمسة أدوار، وقد يتجاوز ذلك في القليل النادر.
أمَا وصف القرية الخارجي، ووصف سورها ،وأبوابها، ومسجدها فقد وضَحه أيضاً الأستاذ هاشم النعمي في تكملة مقاله السابق بقوله (ويحيط ذلك الحي سور قديم ذو أربعة أبواب من الجنوب والشمال والشرق والغرب غير أنه لم يتبق سوى أطلال لقدمه، وامتداد أيدي العبث إليه، ولو أدرك أهل الحرجة قيمته التاريخية لاحتفظوا به كأثر تاريخي، ويوجد بالقرب من مدخله الجنوبي مسجد قديم لم يبق منه سوى أطلاله المتهدمة قدرت عمره نحو ألف عام بدليل تآكل حجرة وطينه المعجون، يقابله في الاتجاه الجنوبي المسجد الجامع الكبير المنسوب إلى الإمام الهادي، وقد يبلغ عمره نحو ست مئة عام بدليل إعادة عمارته عدة مرات ما عدا ميضأته، ومدخله القديم الغربي المشابه للفن اليمني المعروف في عمارة المساجد "
أما مسمَى الحرجة الواقع على قرية الحرجة القديمة فقد اختلف على سبب تسميتها بهذا الاسم، فقد ذكر عمر بن غرامة العمروي في كتابه ( القضاه - قحطان ) "الحرجه هي بلدة قديمة بنيت قبل ألف وسبعمائة سنة تقريبا "
وأضاف : " فهي مدينة قديمة ، وتقع على جانب وادي ضيسر من الشمال ، الذي يسيل من جبال : نطفاء ، وجوعان ، وأبا الصبر ، ويصب في وادي راحه ثم وادي الفيض ، ومنه في تثليث .
يحدها من الشرق : البصرة ، النجايب ، وال فطيس ، ووادي راحه ، فالمحجر ، وال الطويل ، والخضراء من الجنوب الغربي ،
ومن الغرب : الصلعان والأشراف ،
ومن الشمال : المراث ، والزرقان .
ومن جانبها الشرقي يمر طريق أبها نجران ، والحرجه اليوم مدينة حديثة ، تأخذ نصيبها من التقدم الحضاري مثلها كمثيلاتها من المدن في المملكة ، بها مركز إداري وجميع المراكز الحكومية ، ويتبعها قرى كثيرة جدا " .
مدينة الحرجه وصفها الاستاذ الصحفي / أنور خليل عسيري ، في مجلة الجنوب في شهر جمادى الأولى من سنة ١٤٠٥ هـ فقال تحت عنوان :
(( الحرجة ملتقى الحضارات والآثار ، للحرجه طابع معماري مميز حيث تشتهر بارتفاع مساكنها فتصل إلى سبعة طوابق مبنية من الطين ( المداميك ) يزيد من شهرتها المعمارية لترابط مساكنها ببعضها حتى يخيل الإنسان من أول وهلة ، أنها قلعة ، أو حصن واحد وقد زاد من ذلك الترابط في مساكنهم ووجود سور قديم يحيط بمدينة الحرجه القديمة ، ولا تزال بعض أطلاله حتى الوقت الراهن .
وكان لذلك السور أربعة أبواب من كل جهة منه باب كبير ولعل ذلك التحصين إنطلاقا من أهميتها كمركز تجاري قديم حيث تميزت بسوقها العريق المسمى ( سوق الإثنين ) ويقام يوم الإثنين من كل إسبوع .
وأزدهرت الحركة التجارية بمدينة الحرجه ، وكانت مركز إلتقاء بين تجار شمال وغرب ووسط الجزيرة وبين تجار اليمن ، وجنوب الجزيرة وخاصة في مجال تجارة البن اليمني ، وأصناف زراعية أخرى.
وقد ضعفت الحركة التجارية في أوائل القرن الثالث عشر الهجري .. وبدأ العد التنازلي لذلك المركز الإقتصادي ، وصارت الحرجه تعيش في تقلبات إقتصادية ، حتى جاء العصر السعودي الزاهر ، فبدت وكأنها تنفض غبار السنين الماضية ، وانطلقت بكل جد ونشاط في التعمير لتواكب العصر بفضل الله سبحانه ، ثم بفضل المشاريع التي أنشأت بها ، ووجودها على إحدى الطرق البرية في المملكة إضافة الإداري ، مركزا ثقافيا وتعليميا لأبناء القرى المجاورة .
قال عنها علامة اليمن المعاصر الشيخ القاضي : إسماعيل بن علي الأكوع الحوالي رحمه الله (( هي بلدة عامرة في بلاد شريف وسنحان ، من ارض قحطان ))
ولعل لسان العرب الحسن الهمداني هو صاحب الصفة عند وصفه لديار جنب , عندما قال : "وقريتا جنب الكبيبة لبني وقشة والقريحا حذائها
لبني عبيدة , وصنان غير صنان خثعم , عبيد وعفارين لبني شريف وبني رنية " .
وعندما يتبادر إلى الذهن المعنى اللغوي لكلمة الحرجة فإنه يتبادر إلى الذهن أيضاً أنَ الحرجة كانت إحدى الغابات الملتفة الشجر وهذا ما توحي إليه طبيعة أرضها وكثرة الغابات من حولها, فالمنطقة غنية بالأشجار والنباتات المختلفة كالطلح، والأثل، والزيتون البري، والتين البري، وغيرها. وقد لا أكون مبالغا إذا قلت أن هذه الغابات قد كانت في طريق القوافل والماره الذين كانوا يجدون حرجاً شديداً عند العبور بقوافلهم المحملة.
* دخول الحرجه في الحكم السعودي وأهميتها للحكومة السعودية :
في عهد الإمام سعود الكبير إبَّان حكم الدولة السعودية الأولى دخلت الحرجة تحت الحكم السعودي سلماً ويذكر المؤرخين من اهالي الحرجة ان الإمام سعود الكبير قاد الحملة وعند وصوله إلى مشارف الحرجه ، رأى مسجدا قائما في مدينة الحرجه فأمر قواته بعدم القتال وقال - رحمه الله - كلمة لا يزال أهالي الحرجة يذكرونها على مر الأجيال حيث قال : ( قرية المسجد ربيعها لن أقاتلها ) فاستقبله أهالي الحرجة بترحاب ودخلت الحرجة الدولة السعودية الأولى بدون حرب عام ١٢١٥هـ
وقد أمر الامام سعود بزيادة بناء المساجد في الحرجة والقرى المجاورة لها ومن أشهرها مسجد " قرية البصرة " حيث تم بنائه في عام ١٢١٦هـ.
ومدينة الحرجه مدينة تاريخية قديمة وهامة وحيث انها متوسطة لبلاد قحطان ، فكانت جلّ اهتمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود - طيب الله ثراه - فقد بعث الملك ثلاثة قضاه في ذلك العهد فعيّن قاضي بمدينة أبها ، وقاضي بمدينة خميس مشيط ، وعيّن قاضي ثالث بمدينة الحرجه.
وهذا نص الوثيقة :
(( بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال فيصل إلى جناب الأخ المكرم تركي السديري سلمه الله ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ذلك واصلكم عبدالعزيز الثميري وناصر إبن جعوان وعثمان إبن ركبان قضاة لطرفكم . أما عبدالعزيز فهو قاضي لأبها وناصر يصير قاضي بالخميس وعثمان قاضي بالحرجه وقد أوصيناهم بما يلزم وأهتم في تنفيذ المشروع - هذا ما لزم تعريفه )) انتهى النص .
مصدر الوثيقة : كتاب ( تاريخ قبيلة القضاه قحطان ص ١٦ لـ عمر بن غرامة العمروي ) .
ولماسمعت قبيلة شريف وقبائل قحطان في الحرجه بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وما كان بينه وبين الامام محمد بن سعود ارسلت وفد الى الدرعية بقيادة الشيخ فرحان ابو لعثه الملاطي وقابل الوفد الامام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب وعاهدوه على تطويع ما ولاّهم من قبائل وعلى نشر الدعوة السلفية الصحيحة ولازالت المراسلات بينهم وبين الامام قائمة ابان الدولة السعودية الثانية ولما علم الشيخ محمد بن دليم بقيام الدولة السعودية الثالثة راسل الملك عبدالعزيز فكان خير معين له في ضم منطقة عسير .
وفي عهد الدولة العثمانية تقدم للحرجة متصرف عسير آنذاك سليمان شفيق باشا بعد أن أمتنع (أبن دليم) عن الحضور وتقديم الولاء له رغم أن سليمان باشا أرسل له رسالة يؤكد له بأنه في (أمانه ووجهة) وإذا أصر على عدم المجئ فأنه سيحرق منزلة، وبالفعل رفض (أبن دليم) الحضور فقام متصرف عسير بإرسال (أورطة) من الجيش لحرق المنزل فقام بوضع بعض العشب على سطح المنزل وأوقد فيها تنفيذا لوعيده وظن الأهالي المتواجدين في تلك الأماكن بأن المنزل أحترق فعلاً فقاموا بأطلاق الرصاص من بنادقهم صوب الجنود الأتراك فأمرهم المتصرف بعدم مقابلتهم بإطلاق النار وعندما رأى الأهالي ذلك انقطعوا عن أطلاق الرصاص على الجنود.
* أبرز الأماكن الاثرية في الحرجه :
يوجد بمدينة الحرجه قلعة قديمة جدا تسمى ( قلعة القاهرة ) وكانت مقرا للدولة الرسولية ، وقد دمرها العسيريون أثناء حروبهم مع بني رسول في القرن السابع الهجري تقريبا ، وعن قلعة القاهرة بالحرجه يقول الاستاذ أنور خليل عسيري :
(( والقاهرة عبارة عن أكوام من أنقاض مباني قديمة ، يُخيل لي أن بها سراديب تحت الارض لوجود عدة ثغرات في أرضها ، كما يوجد في أسفل السفح فوهة بئر قديمة تقعد في الناحية الشرقية الشمالية منها ، ولا تزال مبنية ومحافظة على بنائها حتى الآن إلا أنها مدفونة )) .
وفي الناحية الشرقية تقع مقبرة ليست بالكبيرة ، ويصعب على الانسان تميزها لأول وهلة ، ويوجد في الناحية الغربية من القاهرة بعض النقوش القديمة على صخور كبيرة ، ولمرور الزمن عليها فقد تلاشت تلك النقوش والكتابة ولم تعد تُرى إلا بصعوبة .
والقاهرة كما يسميها أهلها تقع على نفس الوادي الذي تقع عليه الحرجه ، وهو وادي ضيسر ، يمتد بين الوادي من الناحية الشمالية ارض فسيحة تشبه الميدان الكبير .
- قلعة الحوطة في وادي الحوط في راحة شريف بمدينة الحرجه :
في عام ٩٨٩ للهجرة في اثناء إمارة أمير عسير الامير غانم بن صقر حيث كلّف الامير عامر بن زياد القادري ببناء قلعة ، فقام بالأمر ، وأطلق عليها اسم " الحوطة " وتقع في راحة شريف ، جنوب قلعة " القاهرة " بالحرجه لمرابطة قواته فيها لمجابهة بني رسول وتعدياتهم . "كتاب إمتاع السامر" ص ٣٦ ))
* مسجد الحرجه والقرية الاثرية :
أمَا وصف القرية الخارجي، ووصف سورها ،وأبوابها، ومسجدها فقد وضَحه أيضاً الأستاذ هاشم النعمي في تكملة مقاله السابق بقوله (ويحيط ذلك الحي سور قديم ذو أربعة أبواب من الجنوب والشمال والشرق والغرب غير أنه لم يتبق سوى أطلال لقدمه، وامتداد أيدي العبث إليه، ولو أدرك أهل الحرجة قيمته التاريخية لاحتفظوا به كأثر تاريخي، ويوجد بالقرب من مدخله الجنوبي مسجد قديم لم يبق منه سوى أطلاله المتهدمة قدرت عمره نحو ألف عام بدليل تآكل حجرة وطينه المعجون، يقابله في الاتجاه الجنوبي المسجد الجامع الكبير المنسوب إلى الإمام الهادي، وقد يبلغ عمره نحو ست مئة عام بدليل إعادة عمارته عدة مرات ما عدا ميضأته، ومدخله القديم الغربي المشابه للفن اليمني المعروف في عمارة المساجد "
وقد أشار عمر بن غرامة العمروي في كتابه " تاريخ قبيلة القضاه قحطان ص ١٥ " الى مسجد الحرجه بقوله : (( أما المسجد الثاني وهو الذي خارج سور مدينة الحرجه ، فيقع على ضفة الوادي الذي تقع عليه الحرجه وهو وادي "ضيسر" فقد نسبه أحدهم الى الامام الهادي ، بينما يقال إنه للإمام تاج الدين ، ولكن أحدهم يقول : إنه عند إعادة ترميم المسجد على يد أهالي المدينة عُثر على لوح مصنوع من القضاض كُتب عليه سنة التعمير وإسم من بناه ، ولكن أحدهم أخبرني انه عند قراءته تبين لهم ان عمره أربعمائة وست وعشرون سنة ، وأكد لي ان تاج الدين قد مات بالحرجه ، وان قبره بها بجوار بركة ماء لا يزال موجودا حتى الان )) أ-هـ .
* سوق الاثنين في مدينة الحرجه :
تحدث عنه الدكتور محمد ال زلفه في كتابه " عسير في عهد الملك عبدالعزيز " ص ١٢٤ بقوله :
(( كان سوق الحرجه في بلاد شريف من أشهر مراكز تجارة القهوة وكانت الناس تسميها القهوة الحرجية ما يصدر الى نجد عن طريق بيشه . وكانت القهوة الحرجية المستوردة من جبال رازح في اليمن ، والمشهورة بزراعة أجود أنواع القهوة تميّز عن القهوة المزروعة في أماكن اخرى من اليمن )) .
وكان للحرجة سوق يقام يوم الاثنين من كل أسبوع ويعتبر من أكبر وأهم الأسواق في المنطقة حيث يرتاده الكثير من أفراد قبيلة قحطان وغيرهم من القبائل الأخرى ومن ضمن السلع الهامة التي كانت تستورد وبكميات كبيرة هو البن اليمني والذي يطلق عليه اسم (القهوة الحرجية) ثم كان يعاد تصديره إلى الأقاليم والمناطق المجاورة. ولا زال السوق يقام إلى الآن .
ويقول عنه عمر بن غرامه العمروي في كتابه ( تاريخ قبيلة القضاه قحطان ص ٣١ ) :
(( في الحرجه سوق أسبوعي قديم ، يقام كل يوم اثنين ويُعرف به ، يرتاده الناس من جميع القبائل المجاورة وتباع فيه المواد الغذائية والملابس والخضروات والفواكه والتمور بأنواعها ، والسوق كان قديما في حماية قبيلة ال سريع وهي إحدى قبائل شريف ، حيث كانت هذه القبيلة تحمي سوق الاثنين بالحرجه بلاد قحطان نظرا لما تتصف به هذه القبيلة من القوة والمنعة لهذا السوق الكبير والذي كان متوسط لقبيلة قحطان في ذلك الزمن القديم ، ويرتاده كذلك من قبائل وادعه وقبيلة يام ، ونحن الان وفي هذا العصر ننعم بالأمن والأمان في ظل حكومتنا الرشيدة حفظها الله من كل مكروه ، ومن أشهر تجاره الموردين في المنطقة أسرة " آل أبو حثره القضاه " وكانت تأتي معروضاتهم التجارية من اليمن ومن المناطق المجاورة ومن أشهرها تجارة الذهب والفضة والأغنام والقهوة " وقد سميت بالقهوة الحرجية لجودتها ونسبة الى مدينة الحرجه ومعروفة بهذا الاسم عند عامة الناس " وغيرها من المنتجات الاخرى )) .
* الصحة في الحرجه :
يوجد في مدينة الحرجه مستشفى عام وتبلغ سعته "خمسون سريرا" وستتم مضاعفة عدد الاسرّة الى مئة سرير في الخطة القادمة لوزارة الصحة .
كما أن عدد المراكز الصحية في مدينة الحرجه تفوق على محافظات كبيرة من حيث عدد المراكز الصحية حيث بلغ عدد المراكز الصحية في الحرجه ( ١١ ) مركزا صحيا وتتبع لإدارة المراكز الصحية والطب الوقائي وهي :
١) الحرجه
٢) الكوله
٣) راحة سنحان
٤) الغول
٥) الفيض
٦) الرفغه
٧) مجمع ال حيان
٨) جناب
٩) سروم
١٠) القصب
١١) النعضا
كما ان وزارة الصحة وتحديدا الشؤون الصحية في منطقة عسير قد اعتمدت انشاء عدة مراكز صحية جديدة تتبع لإدارة المراكز الصحية والطب الوقائي في الحرجه وهي تحت التنفيذ حاليا وهي وادي القوادر - ال مسلم - الرهوه - الدافعة - محلاه - الخوايس )
_ مصدر الإحصائية :
" إدارة المراكز الصحية والطب الوقائي في مدينة الحرجه " .
* التعليم في الحرجه :
بلغ عدد المدارس الابتدائية في الحرجه والفيض (٢٠) مدرسة ابتدائية ، والمدارس المتوسطة وصل عددها الى (٩) مدارس متوسطة ، والمدارس الثانوية بلغ عددها (٤) مدارس ثانوية .
_ مصدر الإحصائية :
كتاب ( محافظة سراة عبيده " تاريخ وحضارة ، عادات وتقاليد " ) للمؤلف / سعيد سعد ال سحيم
ص ١٥٦ ، الكتاب صدر عام ١٤٢٥هـ .
* الحرجه منارة دينية علمية وثقافية وأدبية :
الحرجة مدينة عريقة لها تاريخ حافل بأهل العلم، وقد برز منها عدة مؤرخين ولعل من أشهر علمائها المؤرخ المقداد الحرجي وهو من رجال القرن السابع الهجري كان صاحب علم وافر وموسوعة علمية شاملة في حينه سواء في أمور الدين و الشريعة أو الانساب ولم يقتصر على انساب قبائل قحطان فقط بل انه يعتبر من مؤرخي عسير القدامى فهو صاحب المخطوطات الشهيرة ( النجوم اللوامع من مختصر التواريخ الجوامع ) وهذه المخطوطه تحمل في طياتها أنساب قبائل قحطان كافة وتاريخ عسير ولا تزال النسخة الاصلية من هذه المخطوطة بحوزة أحفاده كما انه برز من الحرجه القاضي صالح مسفّر الحثري الذي له بعض المؤلفات منها " مراتع الأدباء في سير النجباء " وايضا " المروج الحسان " وبقيت سلالته إلى الآن وهم معروفين باسم اسرة ال مسفّر نسبةً إلى جدهم صالح بن مسفّر الحثري من ال ابوحثرة القضاه البعض منهم يسكن بمدينة أبها وبعضهم لا زال في الحرجة، ومن العلماء أيضاً السيد علي بن صلاح بن محمد العبالي الذي يعد اصله من الحرجة
* الخاتمة :
جميع الحقوق الأدبية والقانونية محفوظة باسم الباحث التاريخي الاستاذ / أحمد بن منصور بن عوض ال جهيم القادري .. ويشهد الله ان هذا البحث قد أخذ مني وقتا وجهدا كبيرا في البحث في جميع المصادر والتدوين والجمع فأتمنى من أي باحث او مؤلف عدم اقتباس او نسخ هذا المحتوى الا بموافقة خطية من قبلي
وأتمنى ان ينال هذا البحث على رضاكم واستحسانكم وان وفقت فمن الله سبحانه وتعالى وان اخطأت فمن نفسي ومن الشيطان .
والله الهادي الى سواء السبيل ،،،