مهرجان أفلام السعودية.. نجاحٌ يمهد الطريق لافتتاح صالات السينما
on- 2015-03-01 12:17:00
- 0
- 1417
يتعدى نجاح مهرجان الأفلام السعودية في دورته الثانية إلى ما هو أبعد من توزيع جوائز وجمهور كبير. ثمة أرضية جاهزة الآن، لصناعة سينمائية وطنية وبأيدي سعودية شابة تنتظر فقط الدعم والاحتضان، عبر افتتاح صالات عرض سينمائية تستقبل نتاجات المخرجين الشباب وتحول شغفهم وجهدهم الفني إلى عمل اقتصادي مثمر وناجح من أجل تطوير المنتج الإبداعي وتوفير فرص عمل لبيئة صناع الفيلم التي أثبت المهرجان أنها في تزايد مطرد. مهرجاننا العائد بعد طول غياب، لم يكن فقط منصة حضور صنّاع الفيلم السعودي الذي تطور كثيراً عن ما كان عليه خلال العقد الماضي؛ بل تحول المهرجان إلى مختبر حقيقي، لقياس الرأي العام ومدى ميوله نحو صناعة السينما وحضور الأفلام والمشاركة في دعمها من خلال كثافة التواجد اليومي، بمختلف الشرائح العمرية والاجتماعية ما يعني أن الإقبال الشعبي الكبير على المهرجان كان بمثابة فرصة ميدانية لحسم الجدل، إيجاباً، حول حقيقة قبول بل وتعطش الناس بالسينما وسحر شعاع الضوء في تلك الصالة المعتمة إلا من البهجة.
ألفة مهرجان الدمام
تنظيمياً، شعر الضيوف والمشاركون بألفة كبيرة في المهرجان ذي النكهة "الشرقاوية"، والذي تحول فيه المنظمون إلى أشبه بأهل يستقبلون أحبتهم من مختلف مدن وقرى المملكة إلى جوار ضيوف المهرجان من دول الخليج العربي. كان لافتاً أن تجداً فناناً بحجم القدير إبراهيم الحساوي بين المتطوعين يتنقل بنفسه لمساعدة ضيوف المهرجان، في أجواء حميمية عالية، وكذلك بقية المنظمين والشركاء. كان ملفتاً تجمع الكم الهائل من صناع الفيلم السعوديين في مكان واحد، وهو ما اعتادوا أن يكون في دبي أو أبو ظبي وليس الدمام!، الأمر الذي دفع المخرجة السعودية عهد كامل لتكتب: "في حياتي ما كنت اتوقع أن من الممكن اشارك في مهرجان سينمائي في بلدي وأكرم في وطني في وسط جميل ومليء بالإبداع مع زملائي الفنانين من أنحاء الخليج والمملكة". هذا لم يكن انطباع عهد كامل فقط بل أيضاً جل المخرجين وصناع الفيلم وهم يلتفتون لغربتهم وقد انتهت بعد أن أقيم المهرجان بإصرار وإخلاص مديره الشاعر أحمد الملا، ووفق ما أشار الملاّ، بعد موافقة كريمة من سمو أمير المنطقة الشرقية ودعم إمارة المنطقة لهذه المهرجان الذي عكس صورة حضارية وإبداعية مشرقة عن مشهد الثقافة والفنون في المملكة وفق ما نقلت وكالات الأنباء الدولية.
النتائج.. والتحكيم!
نادراً، ما ينتهي مهرجان مسرحي أو سينمائي دون إثارة لغط وسخط حول نتائجه، إلا الدورة الثانية من مهرجان "أفلام السعودية"، فالجميع كان مبتهجاً بانتصار المهرجان وجمهور السينما ونجاح التجربة التي أعدت وانطلقت في زمن قياسي. كانت مشاعر اليوم الأخير مختلطة بين الفرحة لفوز صناع الأفلام بالمهرجان والحزن لنهاية أيامه الخمسة.. "في لمح البصر". في أمل أن تعود التجربة في عامها القادم بهذا الألق وبدعم أكبر وجاد من قبل وزارة الثقافة والإعلام.
ندوات صناعة الفيلم
شئنا أم أبينا فإن المهرجانات بمثابة معاهد سينمائية تعطي دروساً مكثفة في بضعة أيام، كيف إذا كان المشاركون والضيوف في الدورة الثانية من مهرجان أفلام السعودية شخصيات ثقافية وسينمائية ذات تجارب هامة مثل مسعود أمر الله (مدير مهرجان دبي السينمائي) ود. عبدالله حبيب (الناقد العماني) وآخرين. كان وجود مسعود أمر الله، بجوار صناع الفيلم الشباب، بمثابة مدرسة مجاورة ومتنقلة في صناعة الفيلم، يجلس معهم ويناقشهم ويجيب على أسئلتهم بين أروقة الجمعية ومقر المهرجان؛ ينقل إليهم مشاهداته وخبرته مع السينما والتي تزيد على الثلاثين سنة، دون ملل أو كلل، وبمنتهى اللطف والتواضع والإيمان بتجارب المبدعين السعوديين الشباب، تاركاً العديد من المهام في دبي ليُلبي دعوة المهرجان الذي كان ضيفه الأهم أيضاً في دورته الأولى عام 2008. وهو ما ينطبق على د. عبدالله حبيب وبقية الضيوف من المملكة الذين أثمرت نقاشاتهم اليومية، لدعم تجارب الشباب وفتح أفق للنقاش دون أن ننسى أن واحدة من الندوات التي أقيمت في المهرجان خصصت لصناع الفيلم الشباب لكي يتحدثوا عن تحدياتهم وآمالهم بينما الكبار يسألونهم ويحاورونهم بإمعان.
الورش الفيلمية
ما يؤكد حقاً، أن مهرجان "أفلام السعودية" بمثابة معهد عالٍ للسينما، هو الورش التي أقيمت وشهدت حضوراً كبيراً من مختلف مناطق المملكة، من ورشة السيناريو مع الكاتب الإماراتي محمد حسن أحمد إلى ورشة موسيقى الفيلم مع المؤلف البحريني محمد حداد. كل هذه الورش والنقاش الذي أحاط بها، خلق جواً معرفياً، مؤسساً يؤكد أن المهرجان ليس فقط لعروض الأفلام وتسليم الجوائز بل أيضاً مكان للتعلم والتزود من خبرات لها تجارب هامة مع صناعة الفيلم الروائي أو التسجيلي.
العام المقبل
رغم تصيد البعض في المياه العكرة، إلا أن قافلة المهرجان مضت إلى بر النجاح، مقدمة صورة ناصعة عن مشهدٍ ثقافي وإبداعي وفني يضم الكم الهائل من المبدعين وهو ما دفع الناقد العماني د. عبدالله حبيب، للقول لنا منوهاً وهو يشاهد الحشود المكتظة والشغوفة قبل دخول عروض الأفلام، بأن "كلهم سعوديون"!. ما يعني أن ثمة بهجة كبيرة رسمت في وجوه الشباب السعودي لهوية فيلمية انطلقت من البلاد، تستحق الدعم والمؤازرة والتحضير منذ اليوم، لانطلاقة المهرجان مجدداً في عامه المقبل بالدمام وفي مدن سعودية أخرى، يكون افتتاح صالات السينما رسيماً، نقطة تحول نحو انخراط الشباب في سوق العمل الفيلمي واستثمار طاقاتهم الخلاّقة وخاصة ما رأينا من قدرات احترافية عالية عند شباب سعودي لا ينقصه سوى القليل من الدعم والمزيد من الإيمان والاحتضان.
مسعود أمرالله يتحدث في إحدى ندوات المهرجان
شباك التذاكر
الورش المصاحبة علمت الشباب كتابة السيناريو والموسيقى
صالة سينما مُبسّطة عرض فيها أكثر من 60 فيلماً سعودياً