منطقة الحدود الشمالية حافلة بالتراث والأدب والثقافة والفنون

on
  • 2023-11-14 14:51:43
  • 0
  • 512

أنجز الباحث مطر بن عايد العنزي، كتاباً بعنوان: "منطقة الحدود الشمالية أصالة وحضارة".
وجاء الكتاب في 221 صفحة، تزينه الصور الفوتوغرافية الكثيرة لآثار المنطقة ومعالمها البارزة.
واشتمل الكتاب على الموضوعات التالية: الحدود الشمالية أمير وإمارة، الجغرافيا وحيوية الموقع، ذاكرة الزمان والمكان، التابلاين وبداية التحول، الحاضر الزاهر والمستقبل المشرق، الإنسان ركيزة التنمية، أنشطة اقتصادية متنامية، الفوسفات ووعد الشمال، صناعة الإسمنت، المواصلات وشرايين التنمية، التراث والأدب والثقافة والفنون، عادات أصيلة، بيئة الحدود الشمالية الجاذبة، وأخيراً الزيارات الملكية للمنطقة.
وذكر الباحث في ثنايا كتابه أن منطقة الحدود الشمالية تتكئ على إرث تاريخي كبير ومتنوع بعمقه الزمني، فتشير مصادر التاريخ وشواهده المختلفة إلى أن أرض المنطقة كانت حافلة بالأحداث والمواقع، فعلى امتداد التاريخ استمرت المنطقة تمثل تفاعلًا ونشاطًا كبيرًا في أطوار عديدة من الحقب المتعاقبة، وذلك يعود لموقعها المتميز وقربها من مراكز الحضارة في العالم القديم، وبقيت تمارس أدوارًا على طرق القوافل التي رسمت على أراضيها دروبًا طويلة اندثر معظمها بفعل عوادي الزمن.
وبين أن الدلائل الأثرية أظهرت أن المنطقة استوطنت منذ العصور الحجرية، فالركامات والأدوات والدوائر الحجرية التي عثر عليها في أودية المنطقة كوادي الشاطي، ووادي عرعر ، ووادي بدنة ووادي بدينة ووادي الخشيبي، وبالقرب من جديّدة عرعر وغيرها، تعد شواهد قوية على الاستيطان البشري في المنطقة خلال فترة ما قبل التاريخ.
ومن دلائل الاستيطان البشري في هذه الفترة ما عثر عليه في المنطقة من كتابات ورسوم صخرية ونقوش صفوية بالقرب من وادي الشاظي وموق الصفاوي والغرابة وغيرها.
وشكلت المنطقة جزءاً من مسرح الأحداث الذي شهد الصراعات بين قوتين عظيمتين في فترة ما قبل الإسلام هما: الفرس والروم، ومن والاهما من العرب من الغساسنة والمناذرة اللذين كان لهما دور حضاري كبير، وبقي من شواهد وآثار تلك الممالك ما وجد من أطلال لمبان ضخمة ذات أساسات متينة وبناء جيد في موقع دوقرة - غرب طريف والتي بنيت بحجارة بازلتية سوداء يرجعها بعض الباحثين إلى فترة ما قبل الإسلام، وتشير الدلائل إلى استمرار استخدامه حتى الفترة الأموية.
وإلى الجنوب من رفحاء تقع "قرية لينة"، بآبارها الشهيرة المنحوتة في الصخر والتي يرجح أنها تعود إلى الفترة النبطية، وهذا من الأدلة على حضور المنطقة تاريخياً في عصر ما قبل الإسلام.
أما "درب زبيدة"، التي اشتهرت به منطقة الحدود الشمالية فحمل عدة أسماء عبر التاريخ وذلك بين بلاد الحرمين الشريفين والعراق وما وراءه في عهد الخلافة الأموية؛ وبعدما آلت الخلافة للعباسيين وتحول العاصمة إلى بغداد زاد اهتمامهم بالدرب ووجد عناية كبيرة خاصة في عهد الخليفة هارون الرشيد الذي حمل الدرب اسم زوجته زبيدة، وكان لها دور جليل في إصلاحه بطريقة هندسية بارعة.
وظل الدرب يواكب الحضارة الإسلامية مدة طويلة، غير أن وسائل المواصلات الحديثة أودعته للتاريخ، فشهد النصف الثاني من القرن 14هـ نهاية خدماته.
وتطرق الكتاب إلى مشروع خط التابلاين الذي احتضنته منطقة الحدود الشمالية، وعده الباحث تحدياً في عالم صناعة النفط، فهو الأكبر من نوعه، إذ امتد بين ساحل الخليج العربي إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول يقارب 1700كم، واستغرق إنجازه أقل من ثلاث سنوات فقط، ليكون معبراً لنقل النفط من المملكة إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الباحث أنه في أوائل عام 1948م بدأت أعمال إنشاء خط أنابيب عائد لأرامكو من بقيق إلى تقاطع خطوط أنابيب القطيف، ومنها إلى القيصومة، التي كان مقرراً لها أن تكون نقطة بداية خط أنابيب التابلاين، وفي الثاني من شهر سبتمبر عام 1950م اكتمل بناؤه كأطول خط أنابيب في العالم، واستغرق وقت تعبئته من النفط بعد إنجازه ما يقرب الشهرين لطول مسافة الخط بحمولة 5 ملايين برميل من النفط، ففي نوفمبر من عام 1950م تدفق الزيت إلى الخزانات.
وبقي خط التابلاين غير أن التقدم التقني في بناء ناقلات نفط العملاقة وانخفاض تكاليف النقل البحري مع ظهور التوترات السياسية بالمنطقة أثر في المزايا الاقتصادية للخط، فقررت الشركة إغلاق الخط عام 1975م على أثر الحرب الأهلية اللبنانية، وفي عام 1978م أنهت التابلاين اتفاقيات تشغيل الخط مع الدول التي يمر بها، وبحلول عام 1983م توقف تدفق النفط. الخط إلى صيدا، في حين استمر نقل كميات بسيطة منه إلى مصفاة الزرقاء في الأردن؛ لكنها توقفت أيضاً إثر اندلاع حرب الخليج 1990م.
وعرج الباحث على منجم الفوسفات في حزم الجلاميد ودوره في النهوض بالمنطقة من الناحية الاقتصادية، إذ يقدر إنتاجه من الفوسفات الخام بنحو 11 مليون طن في السنة.
كما تطرق إلى مدينة وعد الشمال التي تضاهي مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية وقبلها ما كان في الجبيل وينبع ورابغ الصناعية، ومن المؤمل أن تصبح أحد أكبر مرافق إنتاج الأسمدة الفوسفاتية المتكاملة في العالم.
يذكر أن "منطقة الحدود الشمالية"، تقع في أقصى شمال المملكة، وتتكون من مدينة عرعر، وهي قلبها النابض ومقر إمارتها، وعلى محافظات: رفحاء وطريف والعويقيلة وما يتبعها من هجر وقرى ومراكز.

المصادر :

واس