ثول .. مدينة تستحضر التاريخ وتعانق المستقبل بأكبر مدينة جامعية في العالم
on- 2023-03-12 11:50:10
- 0
- 794
عندما تذكر مدينة ثول على ساحل البحر الأحمر يكون التاريخ حاضراً، التي عرف أهلها منذ القدم بصيد الأسماك والغوص لاستخراج اللؤلؤ والصدف "المحار"، ناهيك عن كونها مركزاً تجارياً مهماً لبعض القرى المجاورة لها، وسوقاً عامرة للبيع والشراء لمختلف السلع والمنتجات الحرفية.
الإرث التاريخي والمخزون الحضاري الذي تتسم به مدينة ثول على ساحل البحر الأحمر وموقعها الاستراتيجي الذي يحتضن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كأكبر المدن الجامعية على مستوى العالم وإحدى الجامعات السعودية الحديثة المتميزة في تعليمها وتقدر مساحتها بنحو 36 مليون متر مربع.
ولقيت قديما مهنة صيد الأسماك رواجاً كبيراً وتصديره عبر ميناء مصوع في إريتريا، وميناء سواكن في السودان، وذلك خلال حكم الملك عبدالعزيز، وفترة من بدايات حكم الملك سعود، قبل أن تجتاح الصناعات الحديثة هذه المهنة العريقة، حيث تقع ثول على مسافة 80 كيلومتراً شمال محافظة جدة.
ويرجع سبب تسمية مدينة ثول بهذا الاسم نسبة إلى وادي ثول الذي يحيط بالمدينة من الجنوب والشمال، وتحتضن مرفأ الصيادين لـ 180 قارباً ومرفقا آخر لقوارب النزهة بسعة 120 مركباً المجهز بالمرافق الخدمية كافة، والكورنيش الشمالي بمساحة 385.000 متر مربع يرتبط بجزيرة تبلغ مساحتها 250.000 متر مربع.
وحكى كبير الصيادين في ثول غوينم محمد الجحدلي، ذكرياته مع الصيد وركوب البحر قائلاً "قصصنا مع البحر طويلة، فكانت رحلات الصيد تجوب أعماق البحر ولا تخلو من المخاطر وتنقسم إلى رحلة النهيد التي تستغرق منا الوقت الطويل من شهرين إلى تسعة أشهر، ويكون أعداد الصيادين على متن السفينة من عشرة إلى 15 شخصا، ونقوم بعملية الغوص للبحث عن الصدف واللؤلؤ وجمعها في قوالب لاستخدامها في المنتجات الطبيعية".
وأضاف أن "رحلات الصيد تنطلق من سواحل ثول إلى إريتريا والسودان واليمن وجزيرة فرسان، حيث إن هناك رحلة أخرى تعرف برحلة الحوت لصيد الأسماك وتستغرق من عشرة إلى 15 يوماً، ويعرف الصيد الساحلي بالذي يتم تنفيذه في عمق لا يزيد على 200م بالقرب من مناطق الجرف القاري وغالباً ما تمتد رحلة الصيد من هذا النوع لنحو أسبوعين أو أقل، حيث تنطلق هذه الرحلة على سفن صغيرة أو قوارب يستخدم الصيادون فيها وسائل مختلفة لصيد الكائنات البحرية منها الصنارة والشبكة وأكياس الجر". وأشار الصياد محمد الجحدلي، إلى أن الكائنات البحرية التي يتمّ الحصول عليها عبر الصيد الساحلي تتمثل في الأسماك والجمبري والقرنبيط، لافتاً إلى أن هذا النوع من الصيد يحدث في مناطق بعيدة عن اليابسة وفي المناطق العميقة من البحار والمحيطات على متن سفن ضخمة مجهّزة بجميع الوسائل المختلفة لحفظ الأسماك بداخلها من ثلاجات ومصانع خاصّة لتعليب بعض أنواع الأسماك كالتونة وذاك لحفظها من التلف خلال رحلة الصيد الطويلة.
وتحدث حول رحلات الصيد المنخفضة التكلفة التي تعتمد على استخدام السفن الصغيرة وتثبيت الشباك والمصايد في التيارات المائية التي تحمل الأسماك، مفيداً بأن الإمساك بالأسماك ومنتجات البحر لا يقتصر على الأسماك والقشريات بل يتعدى ذلك لتشمل الأحياء الأخرى التي تعيش في المسطحات المائية المختلفة كالمرجان والإسفنج والعلق البحري، التي تعد ثروات غنية تستغل وتستخدم في عدّة مجالات وصناعات مثل استخدام العلق البحري في الصناعات الدوائية.
بدوره، بين الصياد بركة الجحدلي، أن أسماك بحر ثول تمتاز عن غيرها باللذة في الطعم، لوجود شعب مرجانية وحشائش توفر المأوى للأسماك، وآلاف مختلفة من أنواع الطحالب والمرجان والديدان والصدفيات والقشريات وشوكيات الجلد وحيوانات أخرى، مبيناً أنه كلما زاد عمق البحر اختلف لون الأسماك مثل الناجل والطرادي بل إن هناك شعبا تكون فيها الأسماك بكثرة مثل شعب في صار، والطحلة، والكمي، والفحل، إضافة إلى أن هناك أماكن يكثر فيها صيادو ثول وهي الجزر داخل البحر كأبو شوشة، وقطعة القرش، والنازح، وكثرة الجز، وأم المسك، وأبو القشع، والقود، والعقة.
وأبرز شيخ دلالي بيع الأسماك عبدالله عاتق السفري في حراج ثول الذي أنشئ منذ سنين طويلة والأسماك فيه طازجة ولا تقبل السوق بغير سمك بحر ثول الذي يوجد فيه أجود أنواع الأسماك خصوصاً سمك الناجل الأحمر اللون، الذي يأتي به الحواتون على فترتين الصباح الباكر أو قرابة غروب الشمس، إذ يتكاثر في السوق الحريد، والناجل، والشعور، والبياض، والطرباني، والهامور، والسردينة، والصافي، والسيجان، والخرم أو الكومبير، وسمك الفارس، والعربي، والعقام وغيرها، وتتفاوت الأسعار من حين إلى آخر إذ تبدأ من 50 ريالا للشكة الواحدة وتصل إلى 300 ريال على حسب نوع السمك.