جبة التراثية في منطقة حائل... آثار تدل على حضارة العصور الحجرية القديمة
on- 2023-03-05 10:38:30
- 0
- 1116
تعتبر "جبة" من أهم المواقع الأثرية القديمة وأكبرها في المملكة العربية السعودية، وهي بمنطقة حائل بشمال المملكة، كما أنها تقع على طريق القوافل القديم الرابط بين شرق البحر الأبيض المتوسط وهضبة نجد. وفي عام 2015 تم تسجيل الفن الصخري في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية، وبالتحديد في منطقة جبة من قبل منظمة اليونسكو كأحد مواقع التراث العالمي.
تدل الآثار في جبة على حضارة العصور الحجرية القديمة، حيث تضم أقدم، وأشهر الآثار الإنسانية، والنقوش الصخرية الشاهدة على حياة البشر القدامى، وتضم مدينة جبة بقايا أقدم المواقع الإنسانية التي تعود للعصور الحجرية وأشهر الرسوم والنقوش الصخرية التي يستطيع السائح مشاهدتها والتعرف على واقع حياة البشرية في العصور القديمة.
وأول من ألقى الضوء على جبة هي الإنجليزية الليدي آن بلنت برفقة زوجها في عام ١٨٩٧م، حيث لفت نظرها تفرد جبة بتنوع تضاريسي ساحر يجمع بين كثبان النفود الضخمة والجبال الشاهقة وأشجار النخيل فيها، وهو ما ذكرته في كتابها المشهور رحلة في بلاد نجد٠
ويقع مركز آثار جبة في غربها، وهو مركز حديث تم تصميمه على مشارف الموقع المسيج والذي يشمل النقوش والرسوم الصخرية التي أعطت لجبة شهرتها٠
وداخل الموقع المسيج يمكنك مشاهدة الرسوم الصخرية القديمة من جمال والجواميس البرية والوعول والمنتشرة بكثرة على سفوح التكوينات الصخرية العملاقة، ويصل عمر بعضها إلى أكثر من ستة آلاف عام مع تواجد نقوش ثمودية أحدث.
كما تحتوي "جبة حائل" على مجموعة متنوعة من الرسومات الصخرية المميزة، فمنها ما يجسد مناظر حيوانية وبشرية ونباتية ورمزية، وأكثر ما يسترعي انتباهك في جبة حائل تلك المنحوتات الضخمة التي تصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة أمتار طولاً وإلى أربعة أمتار عرضًا لمخلوقات عملاقة ليس فيها ما يشبه الإنسان، غير أن لها رؤوسًا وأيادي وأرجلاً، وكل ما كان لون داخل المحفورة يماثل لون الصخرة الأساس دل على توغلها في القدم، وتضم تلك الجبال محفورة العربة التي تجرها الوعول، وقد ثبت أنها أقدم رسم يمثل العجلة أو الدولاب في العالم، والمعروف أن العجلة هي أساس الحضارة.
ويستمتع السائح بمشاهدة قدر هائل وكثيف من الرسوم والنقوش التي رسمها ونقشها الإنسان في عصور مختلفة على واجهات صخور الجبال المحيطة، والوقوف على تقنيات الأدوات الحجرية التي استخدمها الإنسان القديم في حفر رسومه ونقوشه الكتابية المتنوعة والغنية .
ولعل من أهم الرسوم والنقوش الصخرية التي يمكن للسائح مشاهدتها في جبة تلك الموجودة في جبل "أم سنمان " وجبل " غوطة " التي تمثل النمط المبكر للحفر والنقش ويعود تاريخها إلى الألف السابع ما قبل الميلاد.
ويتميز جبل " أم سنمان " الأثري بالعديد من النقوش والرسومات الثمودية والعصر الحجري والتي تنتشر على الجبل وتعود تسميته بهذا الاسم كونه يشبه إلى حد كبير الناقة ذات السنامين وهي مستقرة في الأرض وسجل الجبل نحو (5431) نقشاً ثموديا, و(1944) رسماً لحيوانات مختلفة منها (1378) رسماً لجمال بأحجام وأشكال مختلفة كما بلغ عدد الرسوم الآدمية (262) رسماً, ويؤكد هذا العدد الهائل من هذه الأعمال لمن يشاهدها أن من نفذها لم يكن إنساناً عابراً وإنما هو إنسان يمتلك من مقومات الحضارة الشيء الكثير .
كما تتميز رسوم ونقوش جبل " أم سنمان " وجبل " غوطة " بمشاهد غنية للحياة اليومية للإنسان والكائنات الحية التي استوطنت هذه المنطقة، ويمكن تقسيم وجودهما إلى فترتين : الأولى تعود " للألف السابع قبل الميلاد " وبها تظهر الأشكال الآدمية المكتملة مع الأذرع الرفيعة وبروز الجسد، وظهور الأشكال الحيوانية مثل الإبل والخيل غير المستأنسة والوعول ومجموعات مختلفة من أشكال الأغنام والقطط والكلاب التي استخدمت في الصيد، فيما تعود الفترة الثانية " للعصر الثمودي " وأبرز رسومها ونقوشها الصخرية تتمثل باستئناس الجمال، حيث تظهر مشاهد المحاربين على ظهورها وبأيديهم الحراب، وتظهر الوعول والفهود والنعام، إضافة إلى أشكال رمزية وأشجار النخيل.
وتعد مدينة جبة محطة رئيسة وقبلة المستشرقين الغربيين الذين زاروا الجزيرة العربية نظراً لموقعها الجغرافي الذي يقع على طريق قوافل الرحالة كما تعد متحفاً فنياً من متاحف الشعوب القديمة وتستقطب مبانيها التراثية المحاطة بالنخيل السياح والمهتمين بالآثار من داخل المملكة و خارجها للاطلاع على نقوش إنسان العصر الحجري .