مسجد عبدالله بن عبّاس بالطائف معلم تاريخي بالطائف
on- 2023-01-17 11:01:54
- 0
- 1349
يعد مسجد الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما الواقع في المنطقة التاريخية وسط محافظة الطائف من أقدم مساجد العالم الإسلامي، ومن أهم الآثار الإسلامية الدالة على سمو رسالة الإسلام في إخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم، إذ ظل 14 قرناٌ منبرًا علميًا لطلبة العلم في مصر، والشام، والعراق، ومختلف أرجاء العالم الإسلامي الذين يبحثون في مجالات علوم الشريعة، وأصول الفقه، وعلم الحديث، والتفسير، واللغة، والنحو والصرف، والتاريخ.
يأتي مسجد عبد الله بن العباس على قائمة المساجد التاريخية في المنطقة في المملكة، ويحمل المسجد الذي أنشئ عام 592هـ اسم الصحابي الجليل حبر الأمة عبد الله بن العباس الذي عاش آخر حياته ومات ودفن في الطائف. ويستقطب في ليالي رمضان مئات المصلين الذين يحرصون على أداء صلاة التراويح في هذا المسجد الذي يعد المسجد الرسمي لأداء الصلاة على الجنائز أيضا.
وشيّد بنو ثقيف مسجد بن العباس في المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء حصاره (سنة 8هـ) لفلول هوازان الذين دخلوا الطائف بعد فرارهم من المسلمين في غزوة حنين، وقد قال إمام وخطيب المسجد الدكتور مهدي قاري أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أمر عُثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - أن يؤم أهل الطائف فيه.
و في الجهة الشرقية من المسجد تقع مقبرة تضم جسد (11) صحابياً من الذين استشهدوا أثناء حصار المسلمين للطائف ودفنهم وصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك البقعة، كما يقع أيضاً قبر حبر الأمة عبدالله بن العباس وبجواره قبر الإمام محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب.
وتوالى الخلفاء الراشدين ومن بعدهم الخلفاء في العصر الأموي على العناية والاهتمام بمسجد ابن العباس حتى جاء العصر العباسي الذي شهد في زمن خلافة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء سنة (592هـ) إعادة وتوسعة بناء المسجد وسمي على اسم حبر الأمة وفقيها الصحابي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، الذي أحب التنقل بين الشام والمدينة المنورة ومكة المكرمة والطائف طلباً للعلم ونقلاً للعلوم الدينية وتعليمها للناس، وأتخذ رضي الله عنهما الطائف مقراً له ومسكناً لقربها من مكة المكرمة، حيث ظل بها حتى توفي ودفن بها رضي الله عنه عام 68هـ .
كان المسجد قديما قبل الدولة السعودية صغير المساحة، مبنيا كغيره من المباني بالحجارة، وأرضه من تراب مغطاة بالسعف وعليه مئذنة عثمانية الزخرفة، وجدّد البناء في العهد العثماني عدة مرات، بينما في العهد السعودي أمر الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - سنة 1378هـ بإعادة بناء المسجد العباسي عمارة كاملة، وبناء منارته وأبوابه وزيادة مساحته الإجمالية من الجهة الغربية، واستمر العمل أيضا على تجديد المسجد وزيادة طاقته الاستيعابية للضعف في مطلع عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - سنة 1381هـ ، لتبلغ مساحته الإجمالية 15 ألف م2، وأضيفت للمسجد منازل ودور سكن للإمام، والمؤذن، والعاملين، مصحوبا بمحلات تجارية جعلت من المنطقة مكانا مهما للتبادل التجاري والثقافي.
وعملت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على إقرار وتنفيذ مشروع إعادة بناء مسجد عبدالله بن العباس وترميمه بما يوازي مكانته الإسلامية والتاريخية، إذ تبلغ المساحة الإجمالية للمشروع (145.156.86) م2 تحيط بها أربعة شوارع رئيسة، وتبلغ مساحة مسطحات المشروع ( 63.163 ) م2 ، ويتكون من : مصلى رئيس للرجال في الطابقين الأرضي والميزانين يتسع لـ (11.300) مصلى، إضافة إلى مصلى للنساء في طابق الميزانين يتسع لـ (1000) مصلية، ومواقف للسيارات في طابقين تحت الأرض مساحة كل منهما ( 14.333) م2 تتسع لـ (552) سيارة، ودورات مياه تحتوي على (239) حماماً و (571) صنبوراً للوضوء ، علاوة على مواقف للسيارات في الساحات المحيطة بالمسجد تستوعب أكثر من (120) سيارة.
ويحتوي المشروع على مبنيين سكنيين للإمام والمؤذن، وآخر للأوقاف عبارة عن أربع فلل سكنية كل منها تتألف من طابقين، إلى جانب مبنى الدعوة والإرشاد المؤلف من طابقين مساحة كل منهما ( ألف متر ) مسطح وملحق علوي بمساحة (415) م2 تشتمل على مكاتب، واستراحة، وسكن عمال، ومكاتب للدعوة والإرشاد، وسوق تجاري بمساحة (1.095) م2 يحوي 17 محلا تجاريا.
و يتضمن المشروع أيضاً إعادة بناء مكتبة مسجد العباس، حيث تتألف من طابق قبو وطابق أرضي وثلاثة طوابق علوية وملحق تبلغ مساحة كل طابق (1.120م2) يحتوي على صالات للمطالعة العامة والسمعية والبصرية والإلكترونية والفهارس، وبوفيه، وصالات محاضرات، وغرف إدارية للنسخ والصيانة والمستودعات، ومغسلة موتى بمساحة (557 م2).
ويظل هذا المسجد شامخا بالعطاء منذ وقت بعيد إلى الآن، وأهالي الطائف يعتبرونه من الآثار التاريخية والمعالم الفريدة في محافظتهم.