أميرية الهفوف ... المدرسة الأولى و«بيت الحرفيين»

on
  • 2022-11-27 11:58:08
  • 0
  • 439

تقف «المدرسة الأميرية» شامخة في قلب الهفوف، لتروي لزائريها حكاية عمرها يزيد على 85 عاماً عن بدايات التعليم في المنطقة. «المدرسة الأميرية» هي واحدة من أوائل المدارس التي وجه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بتأسيسها، بدأ بناؤها عام 1356هـ وافتتحت رسمياً في 1360هـ تحت رعاية الأمير سعود بن جلوي أمير الأحساء وقتها.

وفي وثيقة يعرضها متحف الأحساء، يؤكد محمد علي النحاس مدير المدرسة -آنذاك- في رسالة بعثها إلى أعيان الأحساء وأهاليها على أهمية التعليم في تهيئة أبنائهم «ليكونوا رجالاً عاملين لخدمة وطنهم والإخلاص لحكومتهم». ويتبين من «إعلان النحاس» أن المدرسة كانت تقبل جميع المتقدمين ولا تشترط سناً معينة للتسجيل، «لذلك لم تنتظم الدراسة انتظاماً فعلياً» كما يشير النحاس مضيفاً: «أتشرف بإحاطة حضراتكم أن الدراسة ستبتدئ يوم السبت 29 رجب 1357هـ». ويقول الأديب عبد الله بن أحمد الشباط (رحمه الله) في مقال عن بداية التعليم و(المدرسة الأميرية) في الأحساء: «أثناء زيارة الملك عبدالعزيز للأحساء عام 1349هـ التمس بعض السكان الراغبين في تعليم أبنائهم فتح مدرسة ابتدائية في الهفوف فأوعز جلالته لمديرية المعارف بتلبية الطلب.. وقد سارعت المديرية في عام 1350هـ بإرسال اثنين من المعلمين هما: الشيخ عبد الجليل الشعلان، والشيخ راغب القباني فافتتحا مدرسة في شارع الخباز.. غير أنهما مكثا ستة أشهر دون أن يأتيهما أحد من التلاميذ، مما اضطرهما إلى إغلاق المدرسة. ورغم فشل تلك المحاولة فقد أوعز جلالة الملك عبدالعزيز إلى مجلس الوكلاء بالاهتمام بموضوع نشر التعليم في مقاطعة الأحساء.. فأصدر المجلس قراراً في 1355هـ تضمنت الفقرة السادسة منه أمراً بتأسيس مدارس في الأحساء (الهفوف) والقطيف والجبيل وشقراء وبريدة وعنيزة وحائل.. على أن تقوم مديرية المعارف العامة بوضع النظام ورصد الميزانية المالية، وذلك بأخذ قرش واحد من الوارد والصادر من ميناء العقير بالأحساء، لينفق منه على المدارس المذكورة. وللإسراع في فتح مدرسة الأحساء وتذليل الصعوبات المالية والإدارية فقد وافق النائب العام لجلالة الملك في الحجاز في 1355هـ على ترشيح السيد عبد الله قاضي مدير مالية الأحساء للاضطلاع بأعباء وظيفة أول معتمد للمعارف في المنطقة وذلك علاوة على عمله الأصلي.. ثم تتابعت الإجراءات لفتح مدرسة حكومية ابتدائية في مدينة الهفوف، إذ اختارت مديرية المعارف العامة الأستاذ محمد علي النحاس للقيام بفتح أول مدرسة أميرية بالأحساء. وهكذا افتتحت أول مدرسة حكومية منتظمة في عام 1356هـ أطلق عليها اسم (المدرسة الأميرية السعودية) واتخذت من مبنى الحميدية في وسط سوق مدينة الهفوف مقراً لها. وبدأت المدرسة بأربعين طالباً معظمهم من طلبة مدرسة النجاح القديمة، ثم تزايد العدد بعد بضعة أسابيع حتى وصل حوالي 160 طالباً.. ومما ساعد النحاس في فتح المدرسة والإقبال عليها وقوف المشايخ والأعيان معه، وكذلك جهود السيد عبد الله قاضي مدير مالية الأحساء ومعتمد التعليم في المنطقة الذي كان يحضر كل صباح إلى مبنى الحميدية لإلقاء بعض الدروس وحث التلاميذ على العلم وإغرائهم ببذل الوعود بتوظيفهم في المالية بعد تخرجهم».

وفي عام 1434، تم تحويل المدرسة إلى دار للثقافة. وعرفت باسم بيت الثقافة. لأن هذه المدرسة جمعت كل الأشياء التي كانت تستعمل في عملية التدريس مثل الدفاتر والكتب والمحبرات وغير ذلك التي كانت موجودة في ذلك الوقت. حوُّلت المدرسة إلى متحف للاطلاع على طرق التعليم المستعملة أنذاك.

تعتبر المدرسة الأميرية في يومنا هذا مكان ومزار للسياح، لأن هذه المدرسة تتميز بجمال الفن المعماري فيها وجمال أحجارها وبنيانها، بالإضافة لكونها تحمل إرث حضاري وتاريخي عظيم، لذلك لا تكتمل زيارة أي سائح لمنطقة الأحساء دون زيارة المدرسة الأولى بالهفوف.

المصادر :

جريدة عكاظ