اللغات الأجنبية تبطئ شيخوخة الدماغ
on- 2022-04-21 14:20:31
- 0
- 494
يتسبب التقدم الطبي في زيادة تدريجية في متوسط العمر المتوقع. ولكن في الوقت نفسه، يتزايد عدد حالات الخرف والأمراض التنكسية العصبية الأخرى مع تقدم العمر. مؤخرًا، توصل باحثون من جامعة HSE الروسية وجامعة نورثمبريا البريطانية إلى أن ثنائية اللغة يمكن أن تبطئ وتقلل من مسار التغيرات المرتبطة بالعمر في الدماغ البشري، بحسب ما نشره موقع Neuroscience News نقلًا عن دورية Frontiers in Psychology.
يبدأ الدماغ البشري في الأداء بشكل أسوأ مع التقدم في العمر، حيث تنخفض سرعة معالجة المعلومات الإجمالية وتتدهور الذاكرة قصيرة المدى والعرضية وتتراجع السيطرة على المهارات اللغوية والوظائف التنفيذية والوظائف البصرية المكانية. ويُطلق على هذه العملية تسمية "الشيخوخة المعرفية". على المستوى العصبي، تتجلى حالة "الشيخوخة المعرفية" من خلال التغيرات التشريحية في المادة الرمادية والبيضاء في مناطق معينة من الدماغ.
لكن تختلف سرعة حدوث الشيخوخة وتعتمد على الاحتياطي المعرفي للشخص، أي قدرة الدماغ على التعامل مع آثار تلف الدماغ المرتبط بالعمر والحفاظ على الأداء الأمثل. يتم بناء هذا الاحتياطي على مدار حياة الشخص، حيث يقوم الدماغ بتقوية الشبكات العصبية استجابة للمنبهات الخارجية المختلفة.
وكلما كانت الشبكات العصبية أكثر تعقيدًا، زاد الاحتياطي المعرفي للشخص، وكلما كانت التغييرات المرتبطة بالعمر أكثر اعتدالًا. لقد ثبت بالفعل أن الاحتياطي المعرفي يتأثر بالتمارين البدنية والتغذية والوظيفة وعادات الترفيه ومستوى التعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي والعديد من العوامل الأخرى.
أجرى باحثو جامعتي HSE ونورثمبريا دراسة حول تأثير ثنائية اللغة على أداء أدمغة كبار السن وكيفية ارتباطها بجوانب أخرى من الاحتياطي المعرفي.
شارك في التجربة 63 بالغًا تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر، يتمتعون بصحة جيدة وليس لديهم تاريخ من الاضطرابات النفسية أو التنكسية العصبية. تضمنت متطلبات المشاركة في الدراسة معرفة جزئية على الأقل بلغة ثانية (تشير "ثنائية اللغة" في هذه الحالة إلى القدرة على التحدث بلغتين، بغض النظر عن مدى إتقانها).
قبل التجربة، قام جميع المشاركين بالإجابة عن أسئلة استبيان يتناول الاحتياطي المعرفي لكل منهم (بما يشمل أسئلة حول الحالة الاجتماعية للمشاركين ومستوى التعليم والمهنة والعلاقات الاجتماعية والأنشطة الرياضية، وما إلى ذلك). كما قام المشاركون بالإشارة إلى المدة التي عرفوا فيها لغة ثانية، وعدد المرات التي استخدموها فيها، ومدى إجادتهم لهذه اللغة.
شملت التجربة اختبارا تقليديا لقياس القدرة على التحكم التنفيذي المثبط يسمى "مهمة الجناح"، حيث يتم عرض صف من خمسة أسهم للمشاركين؛ ويمثل السهم "الهدف" المركزي الحافز الرئيسي.
منحت ثنائية اللغة ميزة إنجاز المهمة بسهولة ويسر، بل وكلما طالت مدة دراسة الأشخاص للغة ثانية، كلما كان أداؤهم أفضل في التجربة.
تجدر الإشارة إلى أن مستوى المهارات اللغوية للمواضيع قد لعب دورًا أكبر من طول الفترة التي قضاها في تعلم لغة ثانية، حيث يفسر الباحثون تلك النتيجة من خلال ملاحظة أن المتحدثين بلغتين يواجهون باستمرار صراعات مماثلة في الحياة اليومية، حيث يتعين عليهم اتخاذ الخيارات والتبديل بين نظامين لغويين.
يقول فيديريكو غالو، باحث في العلوم العصبية المعرفية بجامعة HSE: إنه "على عكس العوامل الأخرى التي تشكل الاحتياطي المعرفي، تعد ثنائية اللغة فريدة من نوعها من حيث أنها موجودة باستمرار في حياتنا. يمكننا أن نتخلى عن التمارين البدنية، أو أن نتبع نظامًا غذائيًا أو آخر، أو نغير وظائفنا، لكن تبقى اللغة مستخدمة طوال الوقت للتواصل ومشاهدة الأفلام وقراءة الكتب، وتعمل مراكز اللغات باستمرار في أذهاننا".
وأضاف أنه تم رصد ظاهرة مثيرة للاهتمام أثناء إجراء الدراسة تتمثل في أنه مع وجود مستوى عالٍ من الكفاءة اللغوية، اختفت العلاقة بين حل النزاع الناجح والمكونات الأخرى للاحتياطي المعرفي. مما يشير إلى أن فوائد ثنائية اللغة في الاحتياطي المعرفي ربما تكون أقوى من فوائد العوامل الأخرى المعروفة. ويؤدي إتقان لغتين أو أكثر إلى تحسين أداء الدماغ ليس فقط لدى الأشخاص الأصحاء، ولكن أيضًا لدى الأشخاص المصابين باضطرابات تنكسية عصبية مختلفة مثل الخرف ومرض الزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية".
في مقال آخر، نُشر في دورية Frontiers in Human Neuroscience، قدم فيديريكو غالو وزملاؤه لمحة عامة عن أحدث الأبحاث حول ثنائية اللغة والشيخوخة، مؤكدين أن ثنائيي اللغة النشطين يتم تشخيصهم بأمراض تنكسية عصبية بعد 5-7 سنوات من المتحدثين أحاديي اللغة. يعتقد الباحثون أن ثنائية اللغة لا تحسن فقط الأداء التنفيذي للدماغ، ولكن أيضًا الذاكرة العرضية والعملية والذاكرة الدلالية، بل وتزيد من الذكاء الكلي للسوائل.
لا توجد أدوية فعالة متاحة بالوقت الحالي لمنع أو إبطاء شيخوخة الدماغ. ويتطلب تطوير علاجات صيدلانية موارد مالية هائلة. لذلك، يجب أن يصبح البحث عن طرق بديلة غير دوائية لإبطاء الشيخوخة المعرفية والبحث عنها أولوية في العلوم.