تاريخ مدينة جازان
on- 2022-03-22 10:50:40
- 0
- 7153
تقع مدينة جازان في الناحية الجنوبية الغربية للبلاد، وتشرف على البحر الأحمر. يُقيم فوق أراضي مدينة جازان أكثر من مليون وثلاثمائة وخمس وستين ألف ومئة وعشر نسمات، وتضم ميناء جازان المطل على ساحل البحر الأحمر، وهو ثالث موانئ المملكة من حيث السعة وتعتبر البوابة الرئيسية لواردات الجزء الجنوبي الغربي من المملكة وهي محطة استراحة للحجيج القادمين من اليمن بحكم موقعها على الطريق الذي يربط بين اليمن ومكة المكرمة، وتضم سد وادي جازان من اكبر سدود المملكة إذ تبلغ طاقته التخزينية 7 ملايين متر مكعب وهي غنية بالإنتاج الزراعي، كما تضم معالم تاريخية قديمة .
يعود تاريخ نشأة منطقة جازان إلى ثمانية آلاف سنة قبل الميلاد، وكانت تُعرف قديماً باسم المخلاف السليماني، وبدأ ظهورها بشكل جليّ في العصر الجاهلي قبل مجيء الإسلام، واشتهرت بشكل كبير في العهد الإسلامي، وتعتبر مخلافاً أي إنّها تضم عدداً من القرى والمدن والقصبات، ويصنف بأنها كورة أو قرى، وفسر ياقوت الحموي سبب اعتبارها مخلافاً بأنه قد يكون لعدم استقرار القبائل وتخلفها عنها، ويُطلق العرب مُسمّى المخلاف على المناطق التي تضمّ مجموعةً من القرى، وتكون لها مدينة أم ترجع إليها، ومن مسمّيات منطقة جازان:
- مخلاف حكم: يعود تاريخ التسمية لهذه المدينة بمخلاف حَكَم إلى العهد الجاهلي؛ إذ أقامت بها قبيلة الحكم بن سعد العشيرة، وكان يحكمها آل عبد الجد، وامتدّت منطقتهم من شمال وداي صبياء وصولاً إلى جنوب أودية عبس.
- سميت المنطقة بعدّة مسميات ومنها: مخلاف عثر، ومخلاف السليماني.
- جازان: شاع استخدام مسمى جازان بدلاً من المخلاف السليماني حتّى اندثر الاسم القديم تماماً، وبدأ ظهور الاسم بشكل جلي في التاريخ الإسلامي بشكل كبير، وجاء ذكر هذه التسمية كثيراً في سطور الكتب التاريخية والأدبية، وحظيت المنطقة بمكانةٍ سياسيّة منذ فجر التاريخ؛ إذ تُعتبر مركزاً سياسياً ومسرحاً للإعلام السياسي، ومراحل ظهور جازان على مرّ العصور التاريخية وصولاً إلى عصرنا الحاضر:
- القرن الأول: عُرفت منطقة جازان في العصور الإسلامية، وما يدلّ على ظهورها في تلك الفترة ذكر اسمها في الأبيات الشعرية في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك.
- القرن الثاني: وأظهرت الكتب المنتشرة في القرن الثاني الهجري بأنّ منطقة جازان كانت موجودة، وظهر ذلك بشكل واضح في كتاب للإمام يحيى بن آدم بن سليمان مولى بني أمية.
- العهد السعودي: حظيت منطقة جازان بالاهتمام الكبير في ظل الحماية السعودية؛ إذ انضمّت لمقاطعات مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها بعد إبرام معاهدة مكة على يد الملك عبد العزيز آل سعود مع الإمام الحسن الإدريسي مع حلول عام 1345م، وبموجبها أصبحت المنطقة جزءاً من المملكة العربية السعودية، وعاشت المنطقة بازدهار وانتعاش إداري وعمراني، وأصبحت ذات أهميّةٍ بالغة في مجال الملاحة البحرية الإقليمية والعالمية.
أما تاريخ مدينة جازان الواقعة ضمن حدود منطقة جازان فإنّ التاريخ يُشير إلى أنّها قائمة من أكثر من ثلاثة آلاف سنة على الأقل؛ إذ كشفت كتب التاريخ عن قيام علاقة تجاريّة بين المدينة وقارة إفريقيا نظراً لموقعها على سواحل البحر الأحمر الواقع على الضفة الشرقية، والأمر الذي أكّد ذلك تلك الكتب الوثائقيّة المحفوظة في المتاحف الوطنية في السعودية.
رغم الاهتمام العثماني بالمدن الساحلية نجد أن ذلك الاهتمام يتفاوت من مدينة إلى أخرى . وربما لذلك لم تحظ جازان ، بما حظيت به المدن الساحلية الكبرى كجدة مثلاُ .
حتى الدول المحلية التي قامت في المخلاف السليماني بعد دخول العثمانين إلى المنطقة انصرفت إلى المدن الداخلية تتخذ منها عواصم لها وتزيد في الاهتمام بها .
كدولة الشريف أحمد بن غالب ( 1102 ـ 1105هـ ) وعاصمته أبو عريش وجازان ( القديمة ) .
ودولة آل خيرات ( 1141ـ إلى ما بعد 1284هـ ) وعاصمتهم أبو عريش ودولة الأدارسة ( 1326 ـ 1351هـ ) وعاصمتهم صبياء مما جعل بندر جازان محدود الأهمية ، لا تتجاوز أهميته كمرسى لوادي جازان وأن بنى بعض أمراء تلك الدولة قلاعاً فيه .
وظل بندر جازان كذلك حتى دخلت المنطقة تحت الحماية السعودية بموجب معاهدة مكة عام 1345هـ بين الملك عبد العزيز آل سعود والإمام الحسن الادريسي .
ثم تم ضمها إلى مقاطعات ‘ مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها ‘ على أثر برقية رفعها الإمام الإدريسي للملك عبد العزيز آل سعود عام 1349هـ / 1930م وبذلك عادت جازان وما حولها جزءاً من البلاد السعودية . كما كانت في الدور الأول من الدولة السعودية .
وكـانت إطلالة العهد السعـودي على هذه المدينة بخـاصة بداءاً بمعاهدة مكة المكرمة تمثل لآمال غافية في مستقبل هذه المدينة السـاحلية . إذا أدرك آل سعود مكـانة المدينة وقدروا موقعها وأهميتها المرموقة فاتخذوها مركزاً لحاميتهم ومقراً لأول مندوب لهم الأمير صالح عبد الواحد ‘ وكان مقر ابن عبد الواحد بجـازان البحر .
وبعد ثورة الأدارسة وفرارهم إلى الجبال اليمنية في أواخر عام 1351هـ شهدت المنطقة انتعاشاً لم يسبق له مثيل وبخاصة في مجال التنظيم الإداري والعمراني فأصبحت العاصمة الإدارية لعموم المنطقة .
والمقر الدائم لأميرها ، كما أصبحت الثغر الوحيد الذي تطل منه منطقة جازان على خطوط الملاحة البحرية الإقليمية والعالمية بعد أن أغلقت بقية الثغور والمراسي التي كانت مفتوحة على طول شواطئ المنطقة .
جـازان الاسم الذي عرف منذ القرن الأول الهجري وما زال ذائع الصيت عبر القرون المتعاقبة حنتى هذا العصر ابتداء ‘ بجازان الوادي ‘ ومن أسمه أخذ اسم العاصمة القديمة ، جازان الداخلية . كما أخذ من اسمه أيضاً اسم المرسي الذي أصبح فيما بعد العاصمة الإدارية للحكم السعودي في المنطقة على نحو ما سبق تفصيله ، ربما لذلك حل ‘ جازان ‘ اسماً عاماً لما يسمى حتى منتصف القرن الرابع .