قرية آل عليان الأثرية
on- 2022-03-10 13:46:36
- 0
- 990
قرية (آل عليان) الأثرية ، هذه القرية التي تقع على إحداثي ( 34ً 17َ 19ْ طول) و ( 48ً 03َ 42ْ عرض) وهي تابعة لمركز السرح بمحافظة النماص وتقع في الجهة الشمالية لجبل (الطيق) الذي يعتبر من أعلى جبال السراة
هذه القرية يسكنها قبيلة ال عليان نسبة إلى جدهم عليان أبن عماره ابن كعب ابن عمرو ابن الحجر، وهم أحد فصائل قبيلة بني عماره التي تسكن منطقة حلباء المعروفة باسم السرح حاليا وهذه القرية قد كتب عنها بعض المؤلفين وأعادوا تاريخ تأسيسها وبنائها إلى ما قبل الإسلام حيث هناك بعض الآثار التي تدل على صحة ذلك فيوجد بعض القبور التي تتجه إلى الغرب والشرق
وكتب بعض المؤرخين عنها : هذه قرية عظيمة في بنائها متكاملة عناصرها ،فهذه القرية فريدة من نوعها , وهي بحاجة إلى مختصين في علم الآثار لمعرفة ما تحويه هذه القرية وما بها من أسرار وآثار فكل حجر ومبنى وكل جزء منها يروي ويحكي قصة معينة ، فهذه الأبواب الثلاثة التي كانت تغلق في أول الليل ولا تفتح إلا بعد طلوع الفجر , ولها نظام في تناوب سكان القرية في فتحها وإغلاقها وتحمل مسئولية القرية في تلك الليلة فلو حدث غزو أو سرقة أو تسلل أي غريب إلى القرية في هذه الليلة فهي تحت مسؤولية الحارس أو الساهر كما يسمونه أهالي القرية ثم أن المحيط الخارجي للقرية أو القلعة يصل ارتفاعه إلى حوالي عشرة أمتار حتى لا يستطيع أحد دخول القلعة ألا من أحد الأبواب الثلاثة .
ثم بداخل القلعة المسجد الذي لم يعرف غيره في هذه القرية ويدل على أنه بني منذ دخول الإسلام إلى هذه القرية وقد جدد المسجد على نفس جدرانه السابقة وبقيت أسسه من الحجر الفخم ، والجدير بالذكر أنه تم وضع بوصلة لتحديد القبلة عند التجديد فلم تختلف ولو بدرجة واحدة وهذا يدل على ما يتمتع به الأولين من قدرة على معرفة الجهات وما وهبهم الله من موهبة والهام وقد كان به بركة ماء ومواضي أي أحواض من الجص للوضوء وبجواره المنداة وهو مكان يجلس فيه أهالي القرية بعد الصلاة لتدارس أمورهم ويوجد بها بعض العلامات الثابتة منقوشة على الحجارة وهي عبارة عن علامة لوحدة القياس سابقا قبل وجود المتر لمعرفة أطوال ومساحات المزارع لتوزيع التكلفة إذا حصل حملة أو ضيف أو ما شابه ذلك فتوزع الكلفة على حسب مزارع كل شخص .
كما يجاور المسجد الجرين وهذا الجرين له العديد من الاستخدامات أو الوظائف فيتم فيه إقامة الحفلات إذا كان فيه ختان أو زواج أو ضيوف ومن ثم يتم ضيافتهم ضيافة عامة في هذا الموقع الذي هو عبارة عن مجالس تسمى العريش أو الخاريه أو يتم توزيع الضيوف من هذا الموقع على أهل القرية كذلك يستخدم الجرين لدراسة المنتجات الزراعية من قمح أو شعير أو ذرة أو عدس ويكون ذلك بالتناوب بين أهالي القرية حتى ينتهون من محصولهم الزراعي
ثم هناك بعض القبور داخل ممرات القرية وهي تحكي قصص الخوف والقتل والفتنة في الزمن الماضي ،وكما يذكرون كبار السن نقلاً عن أبائهم وأجدادهم من أنه كان يحدث مشاكل مع ما يسمونه بالغزاة أو الأعداء وفي حال الحروب إذا حصل وفاة فإنهم يدفنون موتاهم في الممرات والطرقات داخل القرية
ثم يأتي الحصن أو القلعة العالية وهذا الحصن يتكون من خمسة طوابق أو أدوار وبكل دور ثلاث غرف ويستخدم لأغراض أمنية و مخازن للحبوب والثمار وكل أسرة لها غرفة معروفة ويوجد بهذه الغرفة فتحات صغيرة الغرض منها دخول الهواء البارد على المخزون من الحبوب حتى لا تصيبها الآفات ويفسد المحصول ولهم فيها طريقة معينة لتوجيه هذه الفتحات ،كذلك هناك السطح الذي يحيطه جدار حامي بارتفاع مترين ويستخدم للحراسة , أيضاً فيه عدد من الفتحات لمراقبة أطراف الوادي والقرية وهذه الفتحات تعمل بشكل هندسي معين وغير مباشرة بل ملتوية حتى لا تدخل طلقات رصاص الأعداء إلى الحارس وكذلك يوجد بجوار هذه الفتحات حجارة معدة لتقفيل الفتحة حرصاً من طلقات العدو كذلك هناك فتحة كبيرة في أعلى الحصن لمراقبة الباب ولديهم حجر كبير يتم إسقاطه على العدو عندما يقترب من الباب مع العلم أنه يوجد حجر كبير وضخم بجوار الباب يمنع استهداف العدو للباب من بعيد فإن الباب معمول من خشب الطلح القوي الذي لا يمكن أن يخترقه أي سلاح ولا يمكن أن يفتح الباب إلا من تعلم فتحة فلو أعطى المفتاح لشخص غريب لا يمكن أن يفتحه مهما كان إلا بالطريقة التي صمم الباب عليها ولكي لا يفتحه إلا كبار السن أو من تدرب على فتحه.
الجدير بالذكر أن كل حجر وموقع يحكي قصة وله ذكرى في نفوس أهالي القرية وهناك المقبرة المجاورة للقرية التي تدل على أنها من قبل الإسلام حيث هي موجهة إلى الشرق والغرب (بإتجاه الشمس) وتسمى عند الأجداد مقبرة عباد الشمس وقد استخدم فيها الحجارة الفخمة التي لا يستطيع الرجال حملها حالياً.
وهناك ايضاً المباني الفخمة المجاورة للقلعة ويذكرون الآباء والأجداد أن بعض الأسر قد خرجوا من هذه القلعة منذ حوالي خمسمائة سنة وأكثر حيث يعرف ذلك نسبة إلى الشخص الذي بناها فتجده في الجيل أو الجد السادس والسابع
كذلك هناك البئر التي كانت مصدر السقيا لهذه القرية وهي في الطريق الشمالي من القرية وقد هدمت قبل توحيد المملكة وقام أحد أفراد القبيلة بحفرها منذُ أربعين سنة وهي قائمة الآن يستفيد منها صاحب المزرعة المجاورة لها .
الجدير بالذكر أن من تأمل في هذه القرية يرى مدى قدرة الأجداد على التغلب على ظروف الحياة السابقة ويتعرف على كيفية تعاملهم مع الحياة وتغلبهم على صعوباتها , كذلك وجد بهذه القرية بعض المقتنيات الأثرية والوثائق التي أهتم بحفظها أحد أفراد القرية وهو الأستاذ / صالح القناص حيث أقام متحف في أول القرية وجمع بهذا المتحف الكثير من المقتنيات
ومما يجدر ذكره أن أهالي القرية مهتمين بها ومحافظين عليها و يأملون ممن لديهم مثل هذه القرى الأثرية الأهتمام بهذه الآثار وهذه القرى التي تعني معرفة الماضي والتأمل في ما كان يعاني الأباء والأجداد .