محافظة قرية العليا....أطوار تاريخية وتطور حضاري متسارع

on
  • 2022-03-03 13:05:54
  • 0
  • 1077
 
 

تقع محافظة قرية العليا شمال شرق الرياض بمسافة ثلاثمائة وخمسين كيلو متراً (350 كم) وعن مدينة الدمام شمالاً بمسافة ثلاثمائة وعشرين كيلو متراً (320 كم) وعن الحدود الكويتية السعودية جنوباً بمسافة مائة وخمسين كيلو متراً وتقع على خط الطول 47.42 درجة شرقاً وخط العرض 27.33 درجة شمالاً وتتبع إدارياً أمارة المنطقة الشرقية 
تاريخ قرية العليا ومدلول تسميتها قرية العليا هي عبارة عن بئر قديمة يقطنها أبناء البادية وتم إنشاؤها كبلدة في عهد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 1335هـ ـ 1916م وتعرف قرية العليا قديماً باسم (النباج) وقد ذكرها الأصفهاني باسم الشيط العطشان والشيط الريان وهي بلدة الشيط وتابعة لخدمات بلدية محافظة قرية العليا وتقع غرباً بمسافة خمسين كيلو متراً وكان شيخ مطير في قرية عند التأسيس هو هايف بن هزاع بن شقير الدويش، وقد أنشأ (قصر عالي) سنة 1354هـ وتم بناؤه ضمن عدة قصور في بلدان أخرى بالمملكة بأمر من الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وقد زاره الأمير سعود بن عبدالعزيز ولي العهد حينذاك واستخدم مقراً للدوائر الحكومية حتى بني قصر حكومي مسلح بمحاذاته من جهة الجنوب في بداية الثمانينات الهجرية ولكن هذا القصر أزيل بعد حوالي عشرين عاماً بعد تصدعه بفعل عوامل المناخ وتعتبر قرية المرجع الأساس لمنطقة الصمان لتوفر جميع المرافق الحكومية والخدمات وخصوبة الأرض وكثرة المياه الجوفية المراعي والزراعة وهي من أساسيات الاستيطان بمحافظة قرية العليا ويتبعها اثنان وعشرون مركزاً وهجرة تقع على مسافات مختلفة أقربها يبعد (15كم) وأبعدها مسافة (140كم).
قرية العليا من المدن القديمة في إنشائها إذ يقدر عمرها بأكثر من تسعين عاماً وكانت أهميتها قديماً تكمن في أنها كانت محطة عبور للحجاج القادمين عن طريق البصرة والبحرين إلى مكة المكرمة ولكثرة حركة المرور بها ولقربها من الحدود الكويتية والعراقية تم في عهد جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله إنشاء قصر عالٍ في عام 1355هـ-1936م وافتتحه الأمير سعود بن عبدالعزيز رحمه الله ليصبح مجمعاً للإدارات الحكومية بقرية العليا وهي كمايلي:
1- مالية قرية العليا وهي من فرع وزارة المالية عام 1351- 1932م 
2- جمرك قرية العليا
3- مديرية الشرطة التابعة للأحساء ومقرها قرية العليا
4- مركز بريد قرية العليا الذي تأسس في 1361هـ-1942م
5- مركز لاسلكي قرية العليا الذي تأسس عام 1354هـ
6- إدارة الجوازات والجنسية وكانت تتبع أمير قرية
7- إمارة قرية العليا وكانت تتبع إمارة الأحساء حتى تم نقلها إلى الدمام.
8- فرع سلاح الحدود وخفر السواحل
وهذه مقومات حضارية انفردت بها قرية العليا عن كثير من القرى في تلك السنين وهو ما أدى إلى تطور الحركة الاقتصادية ونزوح عدد كبير من الحاضرة إلى قرية العليا لوجود فرص العمل وخصوبة الأرض ووفرة المياه وسبل العيش وكان أكثر النازحين من سدير وبالتحديد من جلاجل وعدد قليل من القصيم والأحساء.. والواقع أن قرية كانت في الأساس هجرة لقبيلة مطير ولكنها كانت مكان جذب لطالبي العيش الكريم من كافة أنحاء المملكة.

قبل ظهور التعليم النظامي في قرية بداية السبعينات الهجرية في القرن الماضي وبعده كانت هناك بعض الجهود الفردية التي قام بها القضاة لتدريس الكتب العربية وشرحها في المساجد وكذلك تحفيظ كتاب الله تعالى على يد بعض الحفاظ وطلبة العلم الشرعي إذ بعث الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار السعودية حينذاك إلى قرية الشيخ إبراهيم بن طالب سنة 1362هـ ليقوم بمهمة تدريس بعض أبناء البلد في غرفة ملحقه بالجامع وكانت هذه الغرفة تمثل الكتاب الوحيد بالبلدة. ومع مرور الأيام تأسست أول مدرسة ابتدائية بقرية للبنين عام 1370هـ 

أول من تولى القضاء في قرية العليا هو الشيخ علي بن زيد ( بن غيلان ) وذلك ابتداء من عام 1361هـ حتى عام 1347هـ، ثم جاء الشيخ سعود بن فوزان الحزيمي وتولى القضاء بأمر من سمو ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز ، ثم الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك عام 1373هـ، ثم الشيخ عبدالعزيز بن السودا الذي تولى القضاء حتى عام 1365هـ، ثم الشيخ راشد بن جلعود لفترة قصيرة من 1365- 1366هـ ، ثم الشيخ عبدالعزيز السحيباني من 1366-1368هـ، ثم الشيخ إبراهيم بن عبدالله الهويش من تاريخ 7/9/1368هـ إلى 5/1/1371هـ ، ثم الشيخ سعد بن محمد المبارك من 1371هـ إلى 1382هـ ، ثم الشيخ سعد بن عبدالله بن حمد بن عتيق من 1382هـ إلى 1384هـ، ثم الشيخ عبدالعزيز بن ركيان ، ثم الشيخ إبراهيم بن خنيزان ، ثم الشيخ حمد الحناكي ، وقدتولى القضاء على قرية حتى مجيء فضيلة الشيخ إبراهيم عيسى العود وهو قاضي البلد من عام 1394هـ حتى الآن 

قبل النهضة الزراعية الهائلة التي حدثت في محافظة قرية العليا خلال العقود الثلاثة الماضية، كانت هناك مزرعة الشفلحية على بعد حوالي 30كم غرب قرية وكانت روضة برية حتى مطلع الثمانينات الهجرية من القرن المنصرم عندما حفرت بها بئر ارتوازي وأصبحت مزرعة كبيرة وكذلك العبيكلي وهو بستان خاص لتريحيب بن شقير شيخ الدوشان من مطير وكان يقع داخل البلد على الشارع الجنوبي وإلى الجنوب من منزله وهي أرض بيضاء، وكذلك العفرية أو العفريات كما كان يطلق عليها أيضاً وهي مزرعة الشيخ محمد الوطبان الدويش نسبة إلى مالكها وتقع في الطرف الجنوبي خارج البلد أما الصفاوي فتقع في الطرف الشمالي وهي مزرعة ومورد ماء للبادية 

أولت حكومة المملكة العربية السعودية اهتماماً شديداً بالزراعة لتوفير الغذاء للمواطن وتقليل الاستيراد خاصة من القمح الغذاء الرئيس للإنسان وقدمت الكثير من الدعم للمزارعين بتوفير التكلفة الزراعية والقروض والخدمات عن طريق وزارة الزراعة وكانت قرية من ضمن بلدان المملكة التي حظيت بهذا الاهتمام فأصبح فيها 1800 مزرعة تنتج سنوياً 60.000 ألف طن قمح، هذا بخلاف إنتاج الأعلاف من البرسيم والذرة والرودس لتوفير الغذاء للثروة الحيوانية التي تقدر بـ100.000 رأس غنم و 20.000 رأس من الماعز و 10.000 رأس من الإبل والماشية و 1000 رأس بقر
وهناك أيضاً كمية كبيرة من النخل والخضروات التي تكفي حاجة المواطن بالمحافظة

كانت قرية عند تأسيسها هجرة لقبيلة مطير ولم يكن بها أمير معين من قبل الحكومة لمدة تقارب عشرة أعوام حيث كان أمير القبيلة هو من يقوم بأعباء رئاسة البلد وشؤون الأفراد ومنذ نهاية الأربعينات أرسل أول أمير إلى قرية ليكون ممثلاً للحكومة وكان عمله يتركز في المحافظة على الأمن وفض المنازعات بين أبناء قرية ثم تطورت صلاحيات هذا الأمير بعد تحول البلد إلى ميناء بري لتشمل محاربة التهريب وتنظيم عمليات عبور الحدود بين المملكة والدول المجاورة والإشراف على سير العمل من الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية والجوازات والشرطة وسلاح الحدود وتنفيذ القرارات التي تصدر إليه من المراجع العليا في الرياض والأحساء ويمكن تقسيم الفترات التي مرت بها الإمارة إلى مايلي :
الفترة الأولى تمتد عشرة أعوام منذ نهاية الأربعينات حتى سنة 1358هـ وتولى الإمارة خلالها عدة أشخاص عين بعضهم من قبل الحكومة المركزية بالرياض والبعض الآخر من قبل الأمير جلوي أمير منطقة الأحساء والأمراء الذين تولوا خلال هذه الفترة هم:
1- عبدالرحمن بن محارب
2- إبراهيم بن عرفج
3- مساعد بن خريمس
4- محمد بن عمر
5- ابن محيذيف
6- حمود البقعاوي
7- محمد بن سلطان وقد عين أميراً على قرية سنة 1358هـ 
8- محمد بن عبدالله العطيشان ومكث في الإمارة خمسة وعشرين عاماً من 1357هـ حتى 1382هـ 
9- عبدالله بن محمد العطيشان وتولى الإمارة من بعد أبيه عام 1386هـ ثم جاء من عقبه من أمراء قرية ومحافظيها المتأخرين 

مناخ محافظة قرية العليا مثل طبيعة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية فهو حار جاف صيفاً وبارد ممطر شتاءً ، وتتراوح درجة الحرارة صيفاً مابين 45- 50 درجة مئوية وتصل أحياناً في فصل الشتاء إلى أقل من صفر وهذا يدل على أن طبيعة الأحوال الجوية لمنطقة قرية العليا غير مستقرة حيث ترتفع درجة الحرارة وتنخفض حسب تقلبات الرياح والأمطار الموسمية

المصادر :

جريدة الجزيرة