العمارة التراثية في منطقة نجد

on
  • 2022-02-26 17:40:10
  • 0
  • 2879

تقوم العمارة النجدية  على مكونين رئيسين هما الطين وشجرة الأثل. ويتم الحصول على الطين من حواف الأودية، وتبدأ العمارة بأن يقوم السّتاد (وهو الشخص المسؤول عن تخطيط البيت) بتخطيط الأرض وعمل الأساسات المبدئية لشكل البناء المراد إنجازه وهذا يكون في المباني الكبيرة داخل البلدان، أما المباني الصغيرة والمتفرقة ومباني بعض المزارع فهذه يقوم صاحب الشأن بخطها حسب رغبته وإمكانيته

المساكن في نجد من دور أو دورين، وأحيانًا ثلاثة أدوار، حول فناء داخلي أو أكثر، وتغلب عليها البساطة، وتكاد الزخارف والتفاصيل الصغيرة تغيب عن واجهاتها الخارجية. تتصف بقلة الفتحات الخارجية وصغرها، حفاظًا على خصوصية الأسرة، وانتشار الأفنية الداخلية، في المقابل، لتوفير التهوية والإنارة الطبيعية. توجد النوافذ بصورة رئيسة، في الأدوار العليا، أما في الدور الأرضي، فتكون الفتحات صغيرة جدًا، للتهوية. يعد الفناء أهم عناصر السكن الطيني في نجد، وله وظائف متعددة.

هذا الفراغ الخارجي الذي يستخدمه جميع أفراد الأسرة يتحكم في الحرارة داخل البيت وينظمها، حيث يوفر الظل في النهار، وينفتح على السماء في المساء، ويحتفظ بهواء الليل البارد لساعات النهار الحارة. وكثيرًا ما يكون لهذه البيوت مدخلان، أحدهما رسمي للرجال والضيوف، والآخر لأفراد الأسرة والنساء. ويقام عادة في فراغ المدخل أمام الباب مباشرة، حائط ساتر لمنع نظرات العابرين في الشارع، والمحافظة على خصوصية المسكن وساكنيه. تشيّد المساكن من قوالب اللبن المصنوعة من الطين المخلوط بالتبن والماء، ويبلغ سمك الجدران 60 سنتيمترًا، للحصول على العزل الكافي من الحرارة الخارجية.

استخدام الطين في البناء وسيلة طبيعية للتكيف مع البيئة، نظرًا لما يتميز به الطين كونه عازلاً للحرارة. ويستعان بالأحجار الجيرية المتوافرة في المنطقة في بناء أساسات البيوت لحمايتها من مياه الأمطار.

أما الأسقف فتستخدم فيها أعصاب خشبية من جذوع شجر الأثل أو النخيل، ترصّ بشكل عمودي، ويوضع فوقها الجريد المتلاصق، ثم تغطّى بالحصير المشغول من سعف النخيل، تعلوه طبقة سميكة من الطين. يحيط بالسطح جدار بارتفاع أعلى من قامة الإنسان البالغ، لكي يتمكن أفراد الأسرة جميعهم من الاستمتاع بالجلوس والنوم في ليالي الصيف الجميلة.

أما الأبواب والنوافذ والعتبات فتصنع من الأخشاب المتوافرة محليًا، تتم زخرفتها بتشكيلات ورسوم هندسية عن طريق الحفر وبألوان زاهية.

تزيّن الجدران الداخلية للبيت النجدي التقليدي بالزخارف الجبسية المحفورة، مثل أرفف حفظ الأوعية التي تنشأ بجوار «الوجار»، وهو الموقد المخصص لإعداد القهوة والشاي. أما الجدران الخارجية والواجهة فتزيّن بتكوينات زخرفية، وترسم على أركان سطح المبنى أشكال متدرّجة بنهايات دقيقة إلى الأعلى. هذه المعالجات الزخرفية في ظاهرها تساعد عمليًا على إبعاد مياه الأمطار عن جدران المبنى وأركانه.

فالمباني متراصة ومتلاصقة، يظلل كل منها الآخر، ما يقلّل عدد الجدران التي تتعرض لأشعة الشمس المباشرة، ويوفّر وقاية لساكنيها من وطأة الحرارة، تتخلل الكتل المعمارية طرق وأزقة أريد لها أن تكون ضيقة متعرّجة، لتقف في وجه المؤثرات المناخية وتوفّر أكبر قدر ممكن من الظلال لحماية المشاة من أشعة الشمس الحارقة من جهة، وكذلك للوقوف في وجه الرياح والعواصف الرملية من جهة أخرى.