لغة "برايل" .. عين الكفيف نحو العلم والمعرفة
on- 2022-02-14 12:37:21
- 0
- 835
عملت المملكة العربية السعودية على برنامج جودة الحياة وتأهيل الجانب الاجتماعي لكافة فئات المجتمع منذ وقت مبكر إلى جانب الاهتمام باحتياجات المكفوفين من فاقدي البصر عبر الدراسات والبرامج والأبحاث في ظل ما تشهده المملكة من نهضة معرفية واقتصادية مكنتها لأن تكون أحد أهم الدول التي برزت في استخدامات اللغة العالمية للمكفوفين "برايل".
ولذا تشارك المملكة دول العالم كل عام لتفعيل اليوم العالمي للغة "برايل" ، لتشجيع فاقدي البصر أو من يعانون من ضعف حاد به على القراءة والكتابة وتوطيد تواجدهم الفعلي في المجتمع، ولكون لغة برايل أضاءت الطريق لملايين المكفوفين وساهمت على نطاق واسع في إشباع حاجتهم للمعرفة والعلم، وأصبحوا قادرين على القراءة والكتابة كغيرهم من الأشخاص، ويهدف هذا الحدث إلى تضافر الجهود لخدمة المكفوفين والعمل على إيجاد حلول فعلية للتغلب على مشكلاتهم التي تواجههم.
وعملت المملكة منذ وقت مبكر على خدمة وتطوير برامج العمل للمكفوفين في مجالات كثيرة، حيث أنشأت المعاهد والدورات والبرامج الختلفة إلى جانب تهيئة المدارس والجامعات بذلك عبر برنامج وطني يضمن حق المكفوفيين في العلم والمعرفة وكانت طباعة القرآن الكريم بخط برايل إحدى أهم الدلائل على مدى اهتمام المملكة بفئة المكفوفين، حيث تتميز بأعلى مواصفات الجودة شكلاً ومضموناً، بعد أن خضعت للتدقيق والمراقبة الشاملة من قبل المختصين في هذه اللغة، إضافةً إلى تقديم خرائط إرشادية لمؤسسات الطوافة الداخلية والخارجية تسهيلاً على حجاج ومعتمرين بيت الله الحرام إلى جانب الكتب الثقافية والوطنية وتفعيل الطباعة الفورية والبرامج الالكترونية واستخدامات الذكاء الإصطناعي.
ويأتي هذا الاهتمام ضمن سلسلة حلقات أبرزها تأسيس مراكز متخصصة في تقديم عدد من الخدمات والبرامج الاجتماعية والنفسية والتربوية من الجنسين، وأسرهم والعاملين في حقل الإعاقة البصرية، إضافةً إلى تعريف المجتمع وتوعيته بقدراتهم واحتياجاتهم.
وقالت مديرة إدارة التربية الخاصة في إدارة تعليم الرياض ابتسام محمد الأحمد لـ "واس"، أن التعليم المبكر للغة برايل يساعد على النجاح الأكاديمي والمهني في حياة المكفوفين كما يساعد على اندماجهم مع الآخرين من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للتواصل بشكل أكبر وكذلك تساعد لغة برايل في إنجاح عملية دمج الطالب الكفيف في المدارس العامة، وقد يختلف بعض الطلاب في تعلم طريقة برايل فقد يحتاج البعض تعلملها لفقدان حاسة البصر منذ الصغر، بينما البعض الآخر يتعلمها في المراحل المتقدمة لفقدان البصر بشكل تدريجي.
وأوضحت أن فئة المعاقين بصرياً حظيت باهتمام بالغ من قبل إدارة التعليم ممثلةً بإدارة التربية الخاصة وذلك بالسعي لتقديم أفضل الخدمات التعليمية والتربوية لذوي الإعاقة كافة ومن ضمنهم الإعاقة البصرية، متمثلاً ذلك بافتتاح المعاهد والبرامج بعدد 24 برنامجاً بمنطقة الرياض لجميع المراحل ( ابتدائي ومتوسط وثانوي )، وكذلك إقامة العديد من الدورات التدريبية لتطوير مهارات معلمات التعليم العام في جميع التخصصات على تدريس لغة برايل، كما تم توفير الوسائل التعليمية والتجهيزات المناسبة من ضمنها الوسائل المساعدة لتعليم برايل مما ييسر لذوي الإعاقة البصرية العملية التعليمية.
وأشارت مديرة إدارة التربية الخاصة إلى أن توفير أجهزة إلكترونية وتقنية سهلت التعلم والتواصل للمكفوفين بما في ذلك المكبر الإلكتروني، قلم أنفوفوكس4، آلة بيركنز الكلاسيكية، جهاز حاسب آلي بلغة برايل، مفكرة إلكترونية ، وطابعة برايل، تم توزيعها على معاهد النور وبرامج العوق البصري وعلى كافة الطلبة المكفوفين في جميع المراحل التعليمية، كما تم الاهتمام بالبيئة المكانية لهم وتهيئتها لتلائم احتياجاتهم، إضافةً إلى توفير المساعدات لهم ومن ضمنها ترجمة جميع التعليمات والخرائط الإرشادية بطريقة برايل لمنحهم حياة ميسرة أكثر.
وبين مسؤول العلاقات العامة والإعلام في جمعية كفيف خالد الحميدي الحربي، أن المملكة عملت على تسهيل العقبات التي تواجه المكفوفين في حياتهم بشتى المجالات لتمكنهم من العيش بسهولة، كما مكنتهم من التعليم كغيرهم من أفراد المجتمع فأصبحت الكتب التعليمية تطبع لهم بطريقة برايل على نفقة الدولة بالرغم من التكلفة المادية الكبيرة لها، إلا أن الدولة خصصت ميزانيات ضخمة حرصاً منها على تعليم المكفوفين تعليماً أمثل.
وأشار أيضاً إلى أن المملكة دعمت المكفوفين من خلال توفير آلات بيركنز التي بمثابة القلم للكفي والتي يتم توزيعها مجاناً لجميع طلبة التعليم في المدارس، كما يتم توزيع عدد آلتين لكل كفيف في التعليم الأولى في المدرسة، والأخرى تكون لديه في منزله تيسيراً له نظراً لكبر حجمها.
الجدير بالذكر أن برايل نظام كتابة يستخدمه المكفوفون وضعاف البصر، اخترعه الفرنسي لويس برايل الذي فقد بصره في حادث مما جعله يسعى إلى اختراع لغة عن طريق لمس نقاط بارزة يمكن قراءتها بالأصابع لمساعدته على القراءة، كما يمكن الكتابة بطريقة برايل مع القلم أو أدوات أخرى مثل طريقة برايل المحمولة في تدوين الملاحظات، أو على جهاز الكمبيوتر الذي يطبع بشكل مزخرف.
وتقوم الكتابة بلغة برايل في الأساس على ست نقاط أساسية مرتبة في صفين، ثلاثة جهة اليمين وثلاثة على اليسار والخلية الواحدة يمكن أن تستخدم لتمثيل الأحرف الأبجدية مع العدد أو علامات الترقيم أو حتى الكلمة بأكملها، ومن هذه النقاط الستة تتشكل جميع الأحرف والاختصارات والرموز، ومع دخول جهاز الحاسب الآلي دخل نظام الثمان نقاط ليعطي مجالاً أشمل لاستيعاب عدد كبير من الإشارات والرموز.
وقدمت التكنولوجيا الكثير من أوجه التطوير لطريقة برايل، حيث أصبح من الممكن تحويل الكتابة العادية للكتابة بطريقة برايل بحيث يمكن قراءتها إلكترونياً من خلال برامج، مما أدى إلى انتشار رموز لغة برايل على لوحات المفاتيح وأجهزة الصراف الآلي حتى يتمكن المكفوفون من قراءتها واستخدامها بكل يسر وسهولة.
ونجد أن الكتابة بطريقة برايل تتطلب مساحة أكبر بكثير من النص العادي، فعلى سبيل المثال ما يتطلب كتابته مجلداً واحداً يتحول بطريقة برايل لما يقارب 10 مجلدات، كما أنه تختلف الحروف في لغة برايل من لغة إلى لغة باختلاف أنظمة الكتابة المطبوعة ورموزها، فهي رموز تساعد على قراءة العديد من اللغات مثل الإنجليزية والإسبانية والعربية والصينية وعشرات اللغات الأخرى، التي قد تكون مكتوبة ومقروءة، إضافةً إلى أن هناك بعض الرسوم التوضيحية والرسوم البيانية المنقوشة، مما يُمكّن المكفوفين من القراءة والكتابة بكل يسر وسهولة.
وأشارت تقديرات منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يقارب 39 مليون شخص يعانون من العمى، كما يعاني 253 مليون شخص من ضعف حاد في الرؤية، وأنَّه كل 5 ثوانٍ في العالم يتحول شخص إلى فاقد للبصر، بينما الأطفال كل دقيقة على مستوى العالم، و65% من المصابين بضعف النظر هم فوق سن الـ 50 عاما ، وتتوقع التقديرات أن يرتفع عدد فاقدي البصر في عام 2020م إلى 75 مليون شخص.