الكهف والدحل.. جزء من الثروة الجيولوجية بالمملكة

on
  • 2021-11-15 12:12:34
  • 0
  • 551

تتميز المملكة العربية السعودية بامتلاكها لثروة جيولوجية وجيومورفولوجية متنوعة ونادرة في العالم تُعد امتدادًا لطبيعة تكونت بأمر الله تعالى في شبة الجزيرة العربية منذ ملايين السنين ولا تزال آثار معظمها باقية حتى وقتنا الحاضر، ومن ذلك الكهوف والدحول التي لجأ إليها الإنسان القديم في حياته، واكتشف منها حاليًا في المملكة 1826 كهفًا ودحلًا موزعة في 12 منطقة، وحظيت باهتمام علماء الأرض، والجغرافيا، والتاريخ، والآثار، وقبل هذا وذاك هي مجال واسع للتفكر والتدبر في عظمة صنع الخالق عز وجل.
ولاغرو أن يصف علماء الأرض طبيعة المملكة بالمتحف الجيولوجي المفتوح، إذ تظهر في أرضها معظم العصور الجيولوجية بدءًا من صخور الدرع العربي النارية والمتحولة التي يعود عمر أقدمها إلى أكثر من مليار ونصف المليار سنة، مرورًا بصخور الرف العربي الرسوبية من أحجار رمل وجير وطين ومتبخرات وغيرها التي ترسبت خلال فترة امتدت منذ نحو 542 مليون سنة حتى وقتنا الحاضر.
وتضم صخور المملكة أنواعًا من : الصخور النارية والمتحولة الغنية بخاماتها المعدنية مثل : الذهب، والفضة، والنحاس، والزنك، والصخور الرسوبية التي خزنت مساماتها : المياه، والنفط، والغاز، وهذه الثروة الطبيعية يعدها الخبراء مصدرًا مهمًا لرفد الاقتصاد الوطني، بجانب ما تقدمه من ثراء معلوماتي للعلماء والدارسين المتخصصين في علوم الأرض.
وأسهمت العوامل الجيولوجية والمورفولوجية في تكوين سلاسل الجبال الشاهقة والوديان السحيقة في المملكة، في حين عملت الظروف المناخية القديمة والحديثة بأنواعها القارية والبحرية والجليدية والفترات المطيرة والجافة على تشكيل مختلف أنواع الظاهرات التضاريسية التي جعلت العديد من المواقع عبارة عن متاحف علمية طبيعية نادرة إلى جانب أنها مقصد الباحثين والهواة والسياح على مستوى عالمي.
الكهوف والدحول في المملكة :
نُسلط الضوء في تقريرنا هذا على الكهوف والدحول في المملكة التي استخدمها الإنسان القديم في حياته اتقاءً للبرد أو المطر أو الشمس أو حماية من الضواري والأعداء، لكن من أشهر الكهوف في تاريخ الدعوة إلى الله هو كهف أصحاب الكهف والرقيم الذي لجأ إليه الفتية الذين آمنوا بربهم، وغار حراء في جبل النور شرقي مكة المكرمة الذي نزل فيه الوحي على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وغار جبل ثور الذي لجأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه وهما في أول طريق الهجرة إلى المدينة النبوية.
وتكونت الكهوف والدحول في المملكة بقدرة الله تعالى نتيجة للعمليات الجيولوجية المتنوعة في المملكة، وتتمتع بعدد من المميزات المهمة المائية والاقتصادية والثقافية، وتعد ثروة علمية للدراسات الجيولوجية، والجيومورفولوجية، والجغرافية، والحيوية، والآثارية.
ويطلق أهل البادية مصطلح الدحول أو الدحولة على تلك الفجوات التي توجد تحت سطح الأرض وفيها ماء، ومواقعها معروفة لديهم ولها أسماؤها المتعارف عليها، وقد يكون لأحدها أكثر من مسمى، بينما التي لا ماء فيها فيسمونها "جباوة" ومفردها "جبو"، وعرّف اللغويون الدِّحْل بتعريفات متقاربه منها مثل: نقب ضيق فمه، متسع أسفله أو هَوِّة تكون في الأرض وفي أسافل الأودية فيها ضيق، ثم تتسع حتى يمكن المشي فيها، وفي "معجم البلدان" الدحائل جمع الجمع، ودحل يدحل، دخل يدخل.
أما  الكهوف والدحول من الناحية الجيولوجية، تتشابه في تكوّنها جيولوجيًا، فمعظمها ينتج عن طي وتصدع وتشقق طبقات الصخور بسبب الحركات الأرضية، ثم بفعل جريان المياه خلال تلك التصدعات والشقوق، وإذابة المياه وبالذات الحمضية منها للصخور القابلة للذوبان وخاصة الجيرية والجبسية.
و معظم كهوف ودحول المنطقة تكونت في العصور المطيرة والجافة التي تعرضت لها شبه الجزيرة العربية منذ مليون سنة مضت، مسببة فجوات وقنوات مختلفة الأبعاد والأشكال، وهي المعروفة اليوم بالدحول وتختلف الظروف التضاريسية، والمناخية، والتكوينات الترسيبية داخل الدحول، وتتفاوت أشكال فتحاتها من : المائلة والرأسية إلى المتعرجة، ناهيك عن اختلاف درجات الحرارة ونسب الرطوبة ووجود الماء بداخلها، وما يعيش فيها من كائنات حية مثل : الحمام، والبوم، والثعالب، والقطط البرية، والكلاب، والضباع، والعقارب والأفاعي، وغيرها.
وميّز علماء الأرض ما بين الغار والدحل،إذ أن  الغار أو المغارة هو الفجوة الواسعة في الصخور أو الجبال فوق سطح الأرض بينما الدحل فهو الفجوات والمغارات التي تقع تحت سطح الأرض، هذا من حيث التمييز بين النوعين، وتراثنا الأدبي والتاريخي غني بتوثيق أهميتها، وتوثيق مواقعها.
مشروع الكهوف والدحول :
كشفت دراسة أجريت عن الكهوف والدحول في المملكة العربية السعودية عن وجود 1826 كهفًا ودحلاً في المملكة موزعة في 12 منطقة، تتركز في طبقات الصخور الجيرية والجبسية كالتي في متكونات: الدمام، وأم الرؤوس، وأم رضمة، والعرمة، وهيت، والعرب.
وبينت الدراسة أن أكثر الدحول التي تم اكتشافها كانت في صخور المنطقة الشرقية بواقع (680) كهفًا ودحلًا، ومنطقة الحدود الشمالية بواقع (542) كهفًا ودحلًا، مرجعة ذلك لطبيعة تكوين الصخور الجيرية وطبوغرافية المنطقتين، بينما وجد في منطقة الرياض (308) كهوف ودحول ، وبقية المناطق (296) كهفًا ودحلاً.