قصة سعودي مثل في هوليوود.. وابنه شارك بحرب فيتنام
on- 2017-07-27 17:04:53
- 0
- 1214
ماذا ستفعل لو وجدك ابنك بعد رحلة بحث دامت جيلاً كاملاً وهو بعمر الـ 45 عاماً، وأنت في عمر الـ 95 عاماً؟ قد يكون سؤالاً افتراضياً للوهلة الأولى، لكنه واقع حصلت أحداثه بين القصيم السعودية والولايات المتحدة الأميركية قبل نحو 85 عاماً.
في التفاصيل، خليل الرواف، ذلك النجدي النحيل الذي تحرك مع قوافل العقيلات في تجارتها الشهيرة لطلب الرزق في أنحاء من العراق و سوريا و فلسطين في ذلك الوقت قاده الحب فجأة إلى أميركا، لتتغير حياته كلياً.
الرواف، صال وجال في القارة المجهولة لكثير من العرب في ذلك الوقت، ليدخل بوابتها الإعلامية "هوليوود" ويشارك ابنه في حرب فيتنام مع الجيش الأميركي.
ارتبط الرواف بالعقيلات تلك الحركة التجارية التي بدأت من القصيم، حيث ينطلق تجارها تجاه الشام في تجارة بينية تعتمد على تجارة الإبل وجلب بعض المنتجات الشهيرة في العراق والشام ومصر.
في عمر العشرين، أرغم الجوع والفقر الرواف على التوجه إلى غربة العقيلات ومنها بدأت رحلة مليئة بالأحداث التي يرويها في كتابه الذي تم نشره بعد وفاته تحت اسم "صفحات مطوية من تاريخنا العربي الحديث" الذي تم نشره بعد وفاته بثلاثة عشر عاماً، حيث توفي خليل الرواف عام 2000.
الرواف الذي لم يستطع أن يعيش حياة الألفية الجديدة، غادر وترك ابنتين.. آسيا تعمل طبيبة في أحد المستشفيات في الرياض، والأخرى في سلك التعليم، وابنا يحمل اسم نواف، ولد من أم أميركية، انقطعت أخباره منذ فترة طويلة.
ليالي بغداد
عام 1932، في فندق دجلة صادف وجود الرواف إقامة سائحة أميركية ثرية في نفس الوقت تدعى فرانسيس اليسون، وصادف في الفندق وجود الدكتور خيرالله، وهو من أوائل المهاجرين العرب إلى الولايات المتحدة الأميركية.
علاقة الثلاثة توطدت، خصوصاً بين الرواف والأميركية الشقراء التي جذبت ابن القصيم تاركاً تجارته مرافقاً إياها من بغداد إلى دمشق ومنها إلى بيروت.
لكن هناك، غادرت الأميركية نحو نيويورك ومعها أخذت قلب الرواف، خصوصاً أنها وعدته بعودتها إلى الشام، لتعتنق الإسلام وتتزوجه.
بعد ثلاث سنوات من مغادرة فرانسيس عاد الرواف مرةً أخرى إلى الشام منتظراً فرانسيس التي وصلت لتنفذ وعدها، حيث تزوجا وانطلقا عبر إحدى البواخر إلى أميركا.
خليل الرواف في أميركا
هناك أخذته زوجته الثرية فرانسيس بجولة طويلة في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، فكانت تستقبل بحفاوة كبيرة في كل ولاية تصل إليها من معارفها وهو ما لم يعجب الرواف، ذلك العربي الذي رأى تلك عادات مختلفة عما اعتاد عليه، فبدأ الخلاف يدب بينهما، فـالرواف لم يعتد أن يرى زوجته هي من تقود السيارة، وهي من تستقبل الضيوف، وكذلك تقوم بتسديد النقود ليثور الرواف على الوضع الجديد ويقرر الطلاق.
وقع خليل الرواف في معضلة الطلاق في أميركا، فهما تزوجا وفق الشريعة الإسلامية، هنا عادت الزوجة فرانسيس إلى الشام لتحصل على الطلاق بمساعدة الشيخ فوزان السابق، ممثل الملك عبدالعزيز لاحقاً في مصر، حيث كان لا يزال مقيماً في الشام عندها.
ماذا بعد الطلاق؟
تفرغ الرواف بعد الطلاق من فرانسيس لوضع كتب لتعلم اللغة العربية، وقام بفتح مدرسة لتعليم اللغة العربية.
وأثناء عمله في تدريس اللغة في أميركا تعرف على شابة أميركية تدعى كونستانس ويلمان، التي سبق أن زارت أوروبا وعلمت أن الحضارة العربية هي أساس الحضارة الغربية، وهو ما أثار فضولها للبحث عن اللغة العربية التي قادتها نحو مدرسة الرواف ليتزوجها عام 1946، وزرق منها بولد أسماه نواف.
زواج الرواف من ويلمان لم يستمر طويلا، حيث دبت الخلافات مجدداً بسبب العادات واختلافها، ليفترقا وعمر ابنه نواف 8 أشهر فقط.
بعد الطلاق من زوجته الثانية بعام واحد، أنهى الرواف جميع أعماله ومدارسه في أميركا وعاد صوب الشرق ليستقر في السعودية، ويتزوج من فتاة مصرية من الإسكندرية ويرزق منها بطفلتين، إحداهما آسيا، الطبيبة السعودية التي كانت دليل "العربية.نت" في هذا الحديث.
رحلة البحث عن نواف
بعد استقرار خليل الرواف في السعودية، لم ينسَ ابنه نواف، ليعود إلى السعودية نحو الولايات المتحدة بصحبة الأمير طلال بن عبدالعزيز، حيث جرت محاولات مع كونستانس لتعطي حضانة الولد لوالده، لكنها رفضت.
كرر الرواف المحاولة مرة ثانية في عام 1962، حين عاد إلى أميركا مع زوجته المصرية وابنتيه، لكن نواف اختفى ولم يجد له أو لأمه أثرا، لم ييأس الرواف، وكرر الزيارة والبحث في عام 1987 لكن دون جدوى.
قالت آسيا: "ويلمان بعد مغادرة خليل في المرة الأولى بعد تعرفها على الشاعر المصري أحمد زكي أبو شادي، أحد مؤسسي جماعة ابللو الشعرية وتزوجته بعد عام من طلاقها من الرواف، وقد تبنى أبو شادي "نواف" وعامله كولد له، خاصة أن أبو شادي يعرف أبو نواف".
لكن أبو شادي قبيل وفاته عمد إلى تغيير اسم نواف ابن خليل الرواف إلى "كلايف أبو شادي"، ولم يكن قد أعطى معلومات عن نواف لأبنائه من زوجته الأولى، وهو ما جعل مهمة البحث عن نواف من قبل والده تفشل مراراً.
بعد 17 عاماً، كان خليل الرواف قد أسند المهمة لابن أخيه عثمان الرواف للبحث عن نواف والوصول إليه أثناء ابتعاث عثمان للدراسة هناك. عندها كانت والدة نواف متزوجة بعد وفاة زوجها أبو شادي وعادت للاختفاء مرةً أخرى.
وبعد بحث مضنٍ، وعن طريق محقق خاص تم التعرف على "نواف خليل الرواف" الذي أصبح اسمه "كلايف ويلمان"، وتم التوصل إليه. عندما اتصل عثمان الرواف ومعه خليل بمنزل نواف "كلايف" ردت ابنته وقال لها أنا ابن عمه، حينها قالت والدتها ليس لوالدك عم حتى يصبح لديه ابن عم، لكن نواف رد بنفسه على الهاتف وسمع صوت أبيه، عندها أحس أن والده قد تحشرج صوته. عندها انكشف كل شيء، فنواف أو كلايف، عثر على شهادة ميلاده وقد تغير فيها اسمه، فسأل والدته وروت له القصة.
وأوضح كلايف أن والدته تزوجت من بريطاني: "ذهبنا إلى هناك ثم عدنا إلى أميركا واشتركتُ في حرب فيتنام ضمن الجيش الأميركي، وبعدها سألت والدتي بعفوية عن والدي فقالت اطلب ذلك من سفارة السعودية".
عمل نواف على مخاطبة السفارة السعودية بأربعة خطابات لطلب معلومات عن والده لكنه لم يتلقَ أي إجابة. وكانت والدة نواف قد قالت إنها خافت أن يأخذ خليل ابنه فعمدت إلى تغيير اسمه، خصوصاً أن اسمه مستغرب في الولايات المتحدة ليتم تغييره إلى كلايف.
المكالمة الأخيرة
تتحدث والدة نواف عما قاله كلايف لها أو نواف عن مكالمة والده وأنه وجد أباه الحقيقي، حينها تحدث خليل الرواف مع الوالدة؟.
قالت له إنني سعيدة لسماع صوتك مرة أخرى، فقال لي وأنا سعيد كذلك، لقد كبرت عمري الآن 95 عاماً. وقالت له لا أصدق صوتك لا يزال شاباً.
وقال الرواف لأم ابنه مضت سنون طويلة أود أن نلتقي، لكنني أخشى عدم رغبتك بذلك. ليودع خليل الرواف هذه الدنيا بعد حياة حافلة، حيث توفي عام 2000.
يذكر أن لـخليل الرواف، تجربة في هوليوود، فهو أول عربي يشارك في التمثيل بهوليوود ليسبق عمر الشريف واللبناني جورج نادر.
كان اختياره لإجادته اللغة الإنجليزية، وكانت مشاركة الرواف مع الممثل الشهير جون واين في فيلم "كنت مراسلا حربيا"، وكان دوره في الفيلم حارسا بدويا لشيخ قبيلة في صحراء العراق.