قصة تحدي واصرار ” محمد الشريف ” الحاصل على جائزة الاصرار 1437 هـ
on- 2016-02-26 12:44:54
- 0
- 3315
الإرادة والإصرار ، موهبة لا يمتلكها إلا الأقوياء الذي يقفون أمام العقبات التي تواجههم بكل شجاعة ولا يدعونها تتغلب عليهم بل يتمكنون من كسر جميع الحواجز ليصلوا إلى هدفهم الذي يصبون إليه بكل ما أوتوا من قوة ، ولا أقصد هنا بالقوة الجسدية ، بل قوة الإرادة والعزيمة ، الفكر والثقافة ، والثقة بالنفس ، والإيمان بأن لا شيء مستحيل في الحياة طالما هناك إيمان مطلق بالله سبحانه وتعالى وبقدرته العظيمة في تدبير شئون خلقه ، فكما يأخذ منا شيء ما ، يمنحنا بالمقابل أفضل منه ، وهذا ما حدث مع بطل قصتنا لليوم ” محمد الشريف ” الذي تحدى إعاقته الجسدية وحققه نجاحات باهرة ليصبح في ذلك شخصية مؤثرة في المجتمع ، يحتذى بها ، ليصل إلى نجاحات ساحقة لم يتمكن الكثيرين من تحقيقها ، فعلى الرغم مما أصابه من مصاب ، لم يكن واقفا متكتف الأيدي بل ثابر واجتهد ليحقق طموحه ويصل إلى أعلى المراتب .. فلنتعرف على قصة التحدي التي خاضها الشاب محمد الشريف ضد الإعاقة ، ونجاحه للفوز بـ ” جائزة الإصرار ” .
النشأة :
ولد محمد بن عبدالله الشريف في عام 1983 في مدينة أبها جنوب المملكة ، تربى في كنف جده الذي كان مثله الأعلى ولا يفارقه منذ صغره ، وقد كان محمد الشريف متفوقا في المراحل الدراسية ، حيث تخرج من الثانوية العامة بنسبة تفوق عالية أهلته ليلتحق بالكلية التي يحلم بها وهي كلية طب الأسنان ، إلا أن رغبة والديه كانت تقف حائلا بين طموحه وآمالهم ، فدخل كلية الدفاع الجوي بجدة ، ومثله مثل أي شاب مقبل على الحياة أصبح لديه رغبات وطموحات أخرى يسعى لتحقيقها كان أولها الالتحاق بوظيفة والحصول على سيارة وزوجة صالحة تصون بيته .
وعند تخرجه من الكلية حقق أولى خطوات أحلامه وهي الحصول على وظيفة ضابط برتبة ملازم بالدفاع الجوي ، ثم حقق ثاني أحلامه في الحصول على سيارة جديدة ، وكان له ذلك ، إلا أنه لم يكن يدري بأن هذا الحلم سيغير مجرى حياته رأسا على عقب .
تعرضه لحادث وإصابته بالإعاقة :
في يوم من الأيام وقبل زواجه ببضعة أشهر ، ذهب محمد الشريف مع أصدقائه مستقلا سيارته الخاصة إلى مكة لأداء العمرة ولكن قدر الله سبحانه وتعالى كان أسبق من وصوله ولم يُكتب له أن يؤدي العمرة مع أصدقائه ، ففي الطريق تعرض لحادث سير مفاجئ حيث اصطدمت به سيارة كبيرة مما أدى إصابته إصابات بالغة نقل على إثرها إلى المستشفى ، وتبين من خلال التقرير الطبي بأنه تعرض إلى ست كسور بالوجه وكسر بالساق بالإضافة إلى كسر بالعمود الفقري أدى إلى إصابته بالشلل التام ومنذ ذلك الحين وهو عاجز عن الوقوف والمشي .
في بداية الأمر لم يستوعب محمد الشريف ما حل به وأصابه ، وأصيب بصدمة كبيرة فعند استيقاظه من الإغماء بعد ستة أيام من المعالجة صحى على مشاهدة دموع والدته ووالده وأقربائه ، وعندها سأله طبيبه الألماني الذي يعالجه فأخبره بأنه أصيب بإعاقة رباعية ستلازمه مدى الحياة .
رحلة العلاج إلى ألمانيا :
لم يستسلم محمد الشريف إلى ما قاله الدكتور الألماني حول إعاقته الدائمة ، فقرر استكمال رحلة علاجه في المانيا ، فقابل طبيب ألماني آخر يعتبر من أشهر الأطباء في هذا المجال ، وخضع لفحوص طبية دامت أسبوعين حتى يقرر الطبيب البرنامج العلاجي الذي سيتبعه ، وفي إحدى الجلسات ، سأله الطبيب بأنه حقا يعمل ضابطا في بلده ، فأجابه بنعم ، وعندها قال له بأن هذا يعني بأنه يمتلك ثقافة عالية وفكر رفيع وهذا سيساعده بإيصال المعلومة بشكل أسهل ، ثم بدأ بتعليمه أن يركز على أطرافه العليا ويقوي يديه حتى يتمكن من استخدام الكرسي المتحرك الذي سيلازمه طيلة الحياة بسهولة وأن يتعايش معه ، حينها شعر محمد الشريف بإحباط شديد وعاد إلا بلده وهو فاقد الأمل ، إلا أنه سرعان ما تعافى نفسيا ، فواجه إعاقته بكل تحدي وقوة ، وقرر ألا يستسلم لها ويتعايش معها بكل شجاعة ، فكثف التمارين العلاجية ، ودرب نفسه على التأقلم والتعامل مع الكرسي المتحرك ، واكتسب العديد من المهارات الذي يريد أن يوصلها إلى كل من في حالته لتكون ثقافة يتحلى بها كل شخص جليس الكرسي المتحرك .
إنجازاته :
لدى محمد الشريف حس فني يريد أن يصل به إلى الملايين بغض النظر عما يعانيه جسديا ، وكانت أولى خطواته في الفن هي مشاركاته بمسرحية ” مثلي مثلك ” وهي مسرحية قام بها مجموعة من ذوي الإعاقة وكان مضمونها قضية المعوقين ، وشاركت المسرحية في المهرجان الخليجي الأول لذوي الإعاقة بدول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في الدوحة سنة 2008 ، وهو وبفضل التحدي والإصرار والمثابرة ، استطاع أن يحقق إنجازا كبيرا في مجال تطوير الذات ، حيث أنه يعمل حاليا مدرب معتمد ودولي في مجال تطوير الذات والتحفيز ، كما يعمل في مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية كأخصائي تأهيل ومعالج بأسلوب الترفيه والتدريب على مهارات استخدام الكرسي المتحرك ، بالإضافة إلى ذلك فهو يقدم برنامج باسوورد الذي يعرض على قناة روتانا خليجية ويسلط الضوء على ذوي الاحتياجات الخاصة ممن صنعوا المستحيل ليتحدوا الإعاقة ويحققوا إنجازات يثبتون بها بأن لا شيء مستحيل أمام الإرادة القوية .
جائزة الإصرار :
حصل محمد الشريف على المركز الأول في جائزة الإصرار للموسم الثالث لها ، وفي الجولة الختامية للجائزة انحصرت المنافسة بين أربع مرشحين وهم محمد الشريف عن فئة الموظفين ، وآمنة المرعي عن فئة الموظفات وعلي القحطاني عن فئة رواد الأعمال وشدى عبدالحليم عن فئة رائدات الأعمال ، وبعد التصويت من قبل الجمهور حصل محمد الشريف على 41550 صوت وبهذا حصل على الجائزة الكبرى بعد التصويت وقرار لجنة التحكيم ، وبالإضافة إلى لقب الأكثر إصرارا على المملكة حصل أيضا على جائزة نقدية مقدارها خمسمائة ألف ريال ، وذلك عن قصة إصراره وتحديه .
مواقع التواصل :
شارك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ، فرحة الضابط السابق ” محمد الشريف ” بفوزه بالجائزة ، حيث أطلقوا هاشتاق بعنوان ” #كلنا_محمد_الشريف ” وسط تغريدات مهنئة بفوزه بالجائزة ، وتغريدات داعية له بالشفاء التام والتوفيق ومزيدا من العزيمة والإصرار ، وقد وصل تريند الهاشتاق ضمن أعلى الوسوم تداولا في السعودية .