الشباب والمسؤولية
- بقلم عزيز العرباوي
- 06/09/2017
يعتبر الشباب فئة اجتماعية داخل النسيج الاجتماعي، وعلى الرغم من تباين عناصرها وخصوصياتها فإنها تعكس صورة حقيقية لمجتمع حيٍّ، بحكم دينامية حركتها وتطور وعيها الثقافي والسياسي. ورغم أن سلوك الشباب اليوم يختلف اختلافاً بيِّناً على سلوكهم في الماضي، فإن إرادتهم المستقبلية تعادل قوتهم الرمزية والمعنوية بفعل تفاعلهم المؤثر والمتأثر بالمحيط الاجتماعيّ الأسريّ والوطنيّ والعالميّ. والغاية هي أن يتمكن الشباب في المستقبل محملين بثقافتهم المتنوعة من التحرر من التبعية والتقليد والخضوع للآخر والظلم.
وإن كل المخططات التي يجني نتائجها الإيجابية أو السلبية الشباب، تُفرَض من طرف الكبار في إطار العلاقة بين الطرفين، والتي تُبنى على عدم التكافؤ في الفرص وعدم المساواة في حق المشاركة وحق الاستماع للرأي الآخر واستحضار حاجياته الأساسية، فيؤدي كل هذا إلى الحرمان من حق الشغل وحق التربية والتكوين وحق التعبير والرأي وحق التجمع... والأساس في هذه العلاقة، هو إما أن يعبر الشاب عن الولاء والخضوع والتبعية للكبار والراشدين، وإما أن يتمرد ويثور على الأوضاع ويعبر بعدة أشكال عن حالته ووضعيته فيجني التهميش والإقصاء.
إن الشباب بحكم ثقافتهم وتكوينهم النفسي والاجتماعي الحالي يميلون إلى رفض مجموعة من المفاهيم وخاصة السلطة التي يمارسها الكبار عليهم، مما يؤدي إلى ما يسمى بصراع الأجيال، وهذه النتيجة المؤسفة هي بالضرورة نتيجة حتمية للانفلات من سيطرة المؤسسة الأسرية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة، هذا الانفلات يجد مصداقيته في الثورة على القيم الثقافية والدينية السائدة التي تحولت إلى صراع مفتوح قد يتطور إلى ما لا يحمد عقباه.
إن ما يعانيه الشباب هو عدم اهتمام الآباء والمسؤولين بمساعدتهم في فهم ما يطرأ عليهم من تغيرات وتحولات وتقبلها ومحاولة فهمها، فيؤدي إلى إخفاق الأبناء في معرفة اهتماماتهم ودلالات سلوكياتهم وتصرفاتهم. وأخطر ما يؤثر على الشباب هو الإحساس برفض الكبار لكل ما يعبرون عنه والسخرية منه، وتحقيق الفهم السليم والتوجيه الهادف لهم مما يساعدهم على تحقيق أهدافهم.
ولا يمكن أن نتحدث عن شباب ناضج سليم نفسياً واجتماعياً وأخلاقياً إلا في ظل تجاوز اغترابه الاجتماعيّ والأسريّ، بخلقه لعلاقات اجتماعية يرتبط بها، وتقوم على أسس ثقافية وقيمية تحقق مصالحهم وترضي طموحاتهم المشروعة أخلاقياً ودينياً، ماداموا في مجتمع مسلم يؤكد على احترام الثوابت الدينية وتقديس القيم المبنية على ركائز إسلامية رصينة.
إن تشكيل الشخصية الإنسانية يتم بفضل العلاقات المتبادلة بين الأفراد وتفاعلهم داخل المجتمع. فالذات الإنسانية عند الفرد ما هي إلا انعكاس لتصور الأفراد الآخرين لهذا الفرد، ونتيجة أيضاً للحوار المتبادل بين الفرد والواقع، ودوره يتجلى في حركية الواقع بناء على تفاعل وتواجد المؤسسات الاجتماعية التي يرتبط بها ومعها، ونوع علاقته وارتباطه الإيجابي بها.
عزيز العرباوي: كاتب وناقد من المغرب
لا تتوفر تعليقات بالوقت الحالي